الجمعة 29 مارس 2024
الارهاب الذي يحميه "الوضع الانساني"
الساعة 08:00 صباحاً
ياسين سعيد نعمان ياسين سعيد نعمان

بات واضحاً أن خط الدفاع الأول عن جرائم وإرهاب الحوثيين في اليمن هو "الوضع الانساني" .

هكذا يراد للوضع الانساني أن يتحول إلى "حائط مبكى" كلما أخذت المعادلة تتغير لصالح إنهاء الحرب وتحقيق السلام .

باسم "الوضع الانساني" أوقفوا استعادة الحديدة .. وبمظلة "الوضع الانساني" يواجهون قرار تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية .. وبتوظيف معاناة اليمنيين يتم تغليف جرائم الحوثيين بقرارات ناعمة يستمدون منها صلفهم وإصرارهم على رفض السلام .

مثالين فقط على أن الجرائم التي خلقت هذا "الوضع الانساني" المؤلم والمتدهور باتت تختبئ داخل عباءته ، وتحتمي به ، في مشهد لا يوحي إلا بأن هذا التدخل ليس له علاقة بالوضع الانساني ، لأن تخليص اليمن من هذا الوضع لن يتم إلا بإنهاء الحرب ، وأن إنهاء الحرب لن يتم طالما وجد الحوثيون هذه الحماية المستمرة : التدخل لمنع تغيير المعادلة عسكرياً بفرض اتفاقات لا تجد من يحمي تنفيذها ، والتدخل لحماية مشروعهم الارهابي .

لم يحدث في التاريخ أن وظفت معاناة الناس لحماية الجريمة المتسببة في هذه المعاناة ، إلا في هذا البلد المنكوب .

في كثير من البلدان استخدم "الوضع الانساني"  ومعه القرار الحاسم لإنهاء الحروب والوقوف بقوة أمام أسبابها وأمام المتسببين بها .. أما في اليمن فلا يستخدم "الوضع الانساني" للاسف إلا لحماية الجريمة ومرتكبيها ..وفي اليمن وحده يستخدم "الوضع الانساني" لتدليل الارهاب بعبارات مشتقة من قصور النظرة وفساد الموقف تجاه حاجة اليمنيين إلى العدالة ممن سلبهم الأمن والسلام ، وخرب حياتهم باسم الحق الالهي في الحكم .

لا أدل على ذلك مما حدث بعد كل محطة كان يتم فيها التدخل لاسباب إنسانية .

بعد الحديدة : لماذا لا يراجع العالم ما الذي قام به الحوثيون من إشعال للحرب على كافة الجبهات وبأسلحة متطورة ؟ لماذا غاب الوضع الانساني في تلك الأحداث التي اجتاحوا فيها الجوف وهددوا مارب وقذفوا المدن الآهلة بالسكان بالصواريخ والطائرات المسيرة واشعلوا الحروب في كل الجبهات ؟

اليوم وقد توفرت كل الاسباب والشروط لتصنيف الحوثية كجماعة ارهابية يعود البعض للحديث عن "الوضع الانساني" بنفس المنطق المستهلك الذي يجري إخراجه بتعبيرات ومواقف تغيب عنها المعاناة الحقيقية ، والمشكلة الحقيقية ، والشروط الحقيقية لإنهاء هذه المعاناة .

تقرير جديد لمراقبي العقوبات في الأمم المتحدة يتهم الحوثيين بصرف 1.8 مليار دولار من أموال الدولة في دعم المجهود الحربي خلال عام 2019 فقط، ويتهم البنك المركزي والحكومة اليمنية بعمليات غسيل أموال معقدة بحوالي 423 مليون دولار من خلال التلاعب بالعملة أثناء استخدام  الوديعة السعودية.

هناك ملاحظتان، الأولى: تتعلق بالأموال الطائلة التي يتحصلها الحوثيون في  تأمين احتياجاتهم العسكرية لاستمرار الحرب ، فمبلغ يقارب ملياري دولار يعني أنهم لا يحتاجون لأموال إيران، بل بالامكان دعم إيران بالمال مقابل السلاح ، ما يعني قدرتهم على الاستمرار في الحرب لعقود.

الملاحظة الثانية : الفساد المنظم داخل الشرعية يؤكد تورط مسئولين حكوميين على مستوى عالي في عمليات غسيل الأموال ، ويفترض بالحكومة الآن إما إعلان فتح تحقيق جدي في الاتهامات أو الاعتراف بتلك الاتهامات مع اجراءات العزل والاقالة للمتهمين أو النفي ، لكن لا نتمنى أن نسمع حصول رشوة لأحد المشاركين في تسريب المعلومات للأمم المتحدة من داخل البنك المركزي بمنصب كبير في المالية أو دفن هذا التقرير والتهرب من مسئولية الاتهامات .

 


إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
آخر الأخبار