آخر الأخبار


الاثنين 30 يونيو 2025
بعد سنوات من التدهور الذي هدد بقاءه كرمز تاريخي عريق، يستعيد قصر سيئون في حضرموت، شرق اليمن، بريقه الأصيل بفضل مشروع ترميم شامل ينفذه البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن، بهدف إعادة الحياة لهذا المعلم الحضاري والحفاظ على مكانته التي تمتد لأكثر من خمسة قرون.
ويُعد قصر سيئون تحفة معمارية فريدة تجسد روعة العمارة اليمنية الأصيلة بتصميمه المتناسق، وقد اكتسب القصر مكانة رمزية رفيعة، ظهرت في اختياره سابقًا ليتصدر واجهة العملة النقدية اليمنية، تقديرًا لقيمته التاريخية والثقافية والجمالية.
ويمتاز القصر بموقعه الإستراتيجي على قمة صخرة في قلب مدينة سيئون، مطلًا على مدينتي شبام وتريم، ويعد من أكبر المباني الطينية في العالم ومعلمًا بارزًا ليس فقط على مستوى اليمن، بل في العمارة الطينية عالميًا. وقد شُيد القصر بدايةً كحصن لحماية مدينة سيئون، قبل أن يتحول إلى المقر الرسمي لسلاطين الدولة الكثيرية الذين حكموا وادي حضرموت، مكتسبًا لقب "قصر السلطان الكثيري".
ورغم أهميته، تعرض القصر خلال العقود الماضية لأضرار جسيمة نتيجة الإهمال وتقلبات الطقس، حيث بلغت الأضرار ذروتها في 2022 بسقوط جزء كبير من سوره الخارجي، ما أثار قلقًا واسعًا حول مصيره ودفع المجتمع المحلي والجهات المعنية للمطالبة بسرعة ترميمه.
ويقول حسن، أحد سكان المنطقة القريبة من القصر: «عشنا سنوات من القلق على القصر في موسم الأمطار، وشاهدنا تدهوره التدريجي وخشينا لحظة انهياره بسبب الأمطار الغزيرة والإهمال وغياب الصيانة الدورية»، مضيفًا: «نشهد اليوم عودة الحياة للقصر بفضل أعمال الترميم التي ينفذها البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن، ونحن سعداء بإنقاذ هذا المعلم الأثري الذي يعكس هويتنا الحضارية وإرثنا الثقافي».
وبناءً على طلب الحكومة اليمنية ودعمًا لجهودها في حماية الآثار، أطلق البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن مشروعًا شاملًا لترميم قصر سيئون بتمويل من البرنامج، وبشراكة مع منظمة اليونسكو، وبتعاون مع وزارة الثقافة في المملكة والهيئة العامة للآثار والمتاحف في اليمن، إضافة إلى دعم لوجستي وفني من الصندوق الاجتماعي للتنمية.
وشملت أعمال الترميم إصلاح السور الخارجي المتضرر والجدران الطينية التي تشكل الهيكل الأساسي للقصر، مع ترميم السقوف الخشبية والأبواب والنوافذ المنحوتة التي تجسد براعة الحرفيين اليمنيين، فضلًا عن إعادة تأهيل الزخارف والنقوش التقليدية. كما حرص المشروع على تدريب فرق محلية من مهندسين وفنيين على الصيانة الدورية لضمان استدامة المحافظة على القصر.
وأكد المشرف العام على البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن، السفير محمد بن سعيد آل جابر، خلال حفل تدشين مشروع الترميم في نوفمبر 2022، أن المشروع يهدف إلى حماية قصر سيئون كمعلم ومركز ثقافي مهم، موضحًا أن أعمال الترميم تنفذ بأيادٍ يمنية بالتعاون مع الجهات المختصة في اليمن.
ويتكون قصر سيئون من سبعة طوابق تضم 96 غرفة بمساحات متنوعة، بينها 45 غرفة كبيرة و14 مستودعًا، إضافة إلى ملحقات متعددة. ويستخدم جزء من القصر حاليًا كمتحف أثري يضم قطعًا أثرية وصورًا نادرة تعود لآلاف السنين، كما يضم مكتبة عامة تخدم الباحثين والمهتمين بالتراث.
ويُعد مشروع ترميم قصر سيئون خطوة مهمة نحو تعزيز التنمية في حضرموت والحفاظ على الإرث الثقافي في اليمن، إذ يسهم في تأهيل القصر لاستقبال الزوار والمناسبات الثقافية، ما يجعله معلمًا سياحيًا وثقافيًا مهمًا.
ويأتي مشروع ترميم قصر سيئون ضمن جهود أوسع للبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن، الذي نفذ 264 مشروعًا ومبادرة تنموية تغطي ثمانية قطاعات أساسية هي: التعليم، الصحة، النقل، الطاقة، المياه، الزراعة والثروة السمكية، البرامج التنموية، وتنمية قدرات الحكومة.
وتشمل مبادرات البرنامج أيضًا ترميم مكتبة الأحقاف التاريخية، وإحياء الحرف التقليدية، ودعم اللغة المهرية، في إطار حرص المملكة العربية السعودية على صون التراث المادي والمعنوي في اليمن والمنطقة.
شماتة إيرانيّة بلبنان!
عن الشماتة بالأموات
الكتابة التي تختبر إنسانيتنا
العرب وإيران: غياب المشروع وضرورات اليقظة
الحقيقة واضحة
الدغشي: باحث بدرجة خادم للمشروع الإمامي