قال الباحث اليمني محمد الباشا، اليوم السبت، إن جماعة الحوثي تسعى إلى ترسيخ صورة "نصر استراتيجي" على المستوى الإقليمي والدولي، من خلال تصعيد عملياتها العسكرية ضد إسرائيل في سياق حرب غزة، مستغلة حالة التراجع والتشتت التي تعانيها القوى المناهضة لها داخليًا وخارجيًا.

وفي تحليل نشره عبر حسابه على منصة "إكس"، أوضح الباشا أن الدعم الأميركي لليمن يشهد تراجعًا ملحوظًا، في وقت تفتقر فيه دول الإقليم إلى سياسة واضحة ومتماسكة تجاه اليمن. وأشار إلى أن التحالف المناهض للحوثيين لا يزال يعاني من الانقسام والتشظي، ما يمنح الحوثيين مساحة لتعزيز حضورهم ودورهم السياسي والعسكري.

ويرى الباشا أن انتهاء حرب غزة المتوقعة بوقف لإطلاق النار سيمنح الحوثيين فرصة ذهبية لإعلان "النصر"، ليس فقط على إسرائيل، بل على سلسلة طويلة من الخصوم، من ضمنهم الولايات المتحدة وإداراتها المتعاقبة، والمملكة المتحدة، والتحالف الذي تقوده السعودية، والحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، وغيرهم.

وأشار إلى أن الحوثيين يراهنون على الرمزية والدعاية، حيث يعتبرون كل عملية ناجحة – سواء إغلاق ميناء إيلات، أو إطلاق صواريخ وطائرات مسيّرة تثير إنذارات ليلية، أو تعطيل حركة الطيران الدولي نحو إسرائيل – انتصارًا معنويًا يرسخ صورتهم كمقاومة فاعلة.

كما أكد الباشا أن الجماعة بدأت بالفعل محاولات لحصار ميناء حيفا، في خطوة يرى فيها تصعيدًا غير مسبوق يسعى إلى توسيع نطاق التهديد البحري.

وأضاف أن البيئة التي تعمل فيها الجماعة تعزز من استراتيجيتهم التصعيدية، فاليمن بلد منهك وبنيته التحتية مدمرة، وهو ما يجعل الخسائر المحتملة أقل تأثيرًا عليهم مقارنة بدول ذات بنى متقدمة. فالموانئ يمكن ترميمها، والطائرات مؤمّنة، والمدارج تُعاد تأهيلها، ما يعني أن كلفة المواجهة بالنسبة للحوثيين تظل منخفضة.

واختتم الباشا تحليله بالقول إن نقطة قوة الحوثيين الحقيقية تكمن في "إيمانهم المطلق" برؤيتهم، رغم أنها "رؤية فوضوية وراديكالية"، إلا أن هذا الإيمان يمنحهم قدرة عالية على الاستمرار والتصعيد، ويضع خصومهم أمام تحدٍ وجودي: "كيف يمكن هزيمة جماعة تعتقد أنها لا تملك ما تخسره، لكنها تملك كل شيء لتكسبه؟".