في تحول استراتيجي لافت عن نمط العمليات السابقة، وصف الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء فايز الدويري الهجوم الإسرائيلي على ميناء الحديدة بأنه أول عملية هجومية تنفذها إسرائيل بواسطة سلاح البحرية، وهو ما اعتبره دلالة مزدوجة تحمل أبعادًا عسكرية وسياسية.

وفي تحليله لقناة الجزيرة، أشار الدويري إلى أن استخدام السفن الصاروخية بدلاً من الطائرات في تنفيذ الهجوم يمثل توسيعًا لنطاق الخيارات العملياتية للجيش الإسرائيلي، كما أنه يعكس تحوّل تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس حول فرض حصار بحري على الحوثيين إلى واقع ميداني.

وكانت إسرائيل قد أعلنت صباح الثلاثاء تنفيذ غارتين استهدفتا أرصفة ميناء الحديدة عبر سفن صاروخية من طراز متقدم، في سياق تصعيد عسكري أعقب توجيه أوامر بإخلاء ثلاثة موانئ يمنية تتهم تل أبيب الحوثيين باستخدامها لشن هجمات، من بينها محاولة إطلاق صاروخ نحو تل أبيب لم يصل إلى هدفه.

ووفق اللواء الدويري، تتمتع القدرات البحرية الإسرائيلية بمرونة لوجستية تفوق تلك التي توفرها العمليات الجوية، حيث تمتلك تل أبيب سفناً وغواصات قادرة على تنفيذ ضربات دقيقة بعيدة المدى دون الحاجة إلى التزود بالوقود أو دعم جوي، خلافاً للطائرات المقاتلة التي تتطلب حماية وتكلفة تشغيلية أعلى.

وأوضح الدويري أن اللجوء إلى سلاح البحرية يمنح إسرائيل قدرة على المناورة والضغط دون أن تتكبد الأعباء التشغيلية المرتفعة للطيران، مما يعزز من إمكانية تنفيذ حصار بحري طويل الأمد على الموانئ الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، وفي مقدمتها الحديدة.

ويُعد هذا الهجوم البحري العاشر من نوعه منذ اندلاع الحرب على غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023، والرابع منذ استئناف العمليات العسكرية الإسرائيلية في اليمن بعد انتهاء هدنة قصيرة في مارس/آذار الماضي.

وتزامنت الضربة مع تصعيد إسرائيلي متزايد على منشآت يمنية مدنية، بما في ذلك محطات كهرباء ومصانع ومطارات وموانئ، في ما وصفه مراقبون بأنه استراتيجية منظمة لتقويض البنية التحتية التي يعتمد عليها الحوثيون في دعم قدراتهم العسكرية.

ويُذكر أن ميناء الحديدة يقع تحت سيطرة جماعة الحوثي ويُعد شرياناً أساسياً لإمدادات الغذاء والوقود، ويكتسب أهمية إضافية لقربه من مضيق باب المندب، أحد أكثر الممرات المائية حيوية في العالم.

وفي هذا السياق، أكد الدويري أن الهجوم يوجّه رسالة إسرائيلية مباشرة إلى الحوثيين وحلفائهم مفادها أن تل أبيب قادرة على الوصول إلى عمق الموانئ اليمنية، وأن الردود لن تقتصر بعد اليوم على التهديدات أو الضربات الجوية المحدودة.