أين مراكزنا البحثية من قضايانا الملحة؟!
2015/07/22
الساعة 10:08 صباحاً
lass="author">د.عبدالعزيز بن علي المقوشي
في الثمانينات الميلادية اهتز الوطن على حدث، لم يكن يخطر ببال أحد من ساكنيه فضلا عن مواطنيه.. ذلك الحدث الذي هز العالم الإسلامي بأكمله وليس وطننا فقط، كان اعتداء سافرا على حرمة بيت الله الأمين من قبل شرذمة "غسلت أدمغتها" فظنت أن قتل الأبرياء وانتهاك حرمات الله والإفساد في الأرض جهادا ونصرا للإسلام والمسلمين "أو هكذا ادعى قادتها"! تلك الشرذمة "لعبت" بعقول بعض "السذج" من المواطنين الصالحين فجندتهم لجمع التبرعات والدعاء بالنصر والتمكين لمن أراد بالمسلمين خيرا! وعندما تكشف الأمر تاب أولئك البسطاء واستغفروا ربهم وطلبوا العفو والمغفرة من الخالق والمخلوق.. لكن قادة ذلك التنظيم الذي تلبس باسم نصرة الدين قتلوا المؤمنين في بيت الله الأمين في مكة المكرمة جوار الكعبة المشرفة ووفق الله تعالى حكومة هذا الوطن العزيز للقضاء عليهم وتحرير الحرم المكي الشريف من براثن البغي والفساد.. وبعد فترة ليست بالطويلة في عمر الأوطان بدأت مظاهر البغي والإفساد في تفجيرات هنا وهناك تروع الآمنين ثم تطور الأمر إلى قتل المعاهدين ممن يعملون داخل الوطن أو تفجير مقار إقامتهم وإقامة من يسكن حولهم.. وعملت حكومة هذا الوطن بجهود حكيمة لقطع دابر هؤلاء حتى أصبحت تجربة المملكة العربية السعودية في مكافحة الإرهاب تحظى بتقدير الأمم المتحدة ومضرب مثل يقتدى بها في مكافحة العمليات الإرهابية.. واليوم تعلن وزارة الداخلية عن أرقام ضخمة لشباب من أبناء هذا الوطن الذين غسلت أدمغتهم وغذيت قلوبهم بالحقد والكراهية وتم التلاعب بعواطفهم وأحاسيسهم حتى أصبحوا قنابل سريعة الانفجار محرقة لنفسها والأقربين ثم من حولها والعياذ بالله.. البيان الذي أصدرته وزارة الداخلية مروع حقا ومقلق أيضا، أما ترويع البيان فيتمثل في حجم التخطيط الذي تم بحمد الله إبطاله وفي عدد الأفراد المجندين وفي حجم الضرر الذي كان سيلحقه بالوطن لو تم شيء منه لا قدر الله.. وأما المقلق فهو في التفكير العميق في جهودنا نحن في الوطن أفرادا ومؤسسات في محاربة هذا الفكر واجتثاثه.. وهل قدمنا ما يماثل جهود وزارة الداخلية في المكافحة؟!
أعتقد أن الإجابة مقلقة ومحزنة بحجم القلق والحزن الذي ينتاب المواطن الصالح وهو يستمع إلى بيان وزارة الداخلية.. فعلى مدى تلك الفترة الزمنية التي امتدت أكثر من ثلاثين عاما يحق لنا أن نتساءل عن دور مراكز الأبحاث في وزارة الداخلية وجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية وجامعات الوطن وعن أبحاثنا نحن أساتذة الجامعات في العلوم الإنسانية (الإعلام والاجتماع وعلم النفس والسلوك وغيرها كثير) في دراسة هذه الظاهرة ودوافعها ومسبباتها وكيفية وقاية شباب الوطن من عمليات غسيل الأدمغة وكيفية العلاج والاجتثاث لكافة مفردات الإرهاب.. أستطيع بحق لوم الجميع على التقصير فأبحاثنا في العلوم الإنسانية بشكل كبير لا تدرس ولا تعالج قضايا مجتمعية مهمة ومصيرية كتلك المرتبطة بالفكر الإرهابي المنحرف، وهو خلل لا نعذر مطلقا على التقصير فيه سواء كنا أفرادا أو منشآت بحثية وأكاديمية.. وما دمنا نعاني من قضايا مهمة كقضية الفكر المنحرف والبطالة ومشاكل الإسكان والفقر وتغلغل الأجنبي في الحراك الاقتصادي المحلي وسيطرته شبه التامة عليه فإن على جميع مؤسسات الوطن وأفراده مسؤولية وطنية مهمة تتمثل في تعميق البحث والدراسة لهذه القضايا الملحة خدمة للوطن العزيز، ولعل في مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية ما يعزز هذا الطرح من خلال توجيه ومتابعة -وهذا مسلك متميز يؤديه المجلس منذ تأسيسه- كافة القطاعات للتركيز على هذه القضايا في البحث والدراسات الممولة أو تلك التي يتم تقديمها للترقيات الأكاديمية فهل نجعل نصب أعيننا قضايا الوطن الملحة ونعمل جاهدين بكافة قطاعاتنا وأفرادنا للمساهمة الفاعلة في تقديم ما يخدم الوطن ويساهم في معالجة أي مشاهد خلل فيه.. ودمتم.