بانوراما مواطن في موكب الشرعية
2017/08/03
الساعة 10:54 صباحاً
نجيب غلاب
(1)
جسد الدكتور عبدالكريم الارياني اعلى معاني المقاومة والتحدي والعقلانية والوطنية برفض الانقلاب وسلطة الحوثية الشاذة وبالتحيز للشرعية وتأييده لعاصفة الحزم.
موقفه لم يكن باحثا عن مصلحه ذاتية انانية او موقع سياسي او ربح مادي وانما انطلق من أسس وطنية إنقاذية للاجيال، كانت اخر مواقف وقرارات سياسي لم يساوم يوما على سيادة اليمن ومصالحها.
حدد موقفه تجربته ورهانه على فهم عميق لليمن وخياراته المستقبلية وعلى يقين مطلق بالجمهورية، اختار بوضوح تام مستقبل وطن وهو على حافة القبر. سلام الله عليك أيها اليماني العظيم أيها الفارس المؤتمري العبقري، حددت بوصلة الوطنية اليمنية برفض الانقلاب وتأييد الشرعية وخياراتها في الاستعانة بالعرب ودفعت بكل الممكنات من اجل التغيير والسلام.
كنت واقعي مخلص للقضية الوطنية ودافعت عنها بكل الحسم وانت متيقن كما قلت لي ولآخرين في جلسة وطنية عقلانية ممتلئة بالحكماء لم يبق لي في الحياة من زمن وقبري ينتظرني ولن أساوم وانا على وشك الموت وسيجد كل جمهوري مازال اعمى طريقه فيما اخترت!! وأقول هنا لكل الوطنيين وبالذات المؤتمريين الذين ضللوا او خدعوا او أخطأوا في الحسابات تعرفون الدكتور جيدا لم يبع ولم يساوم ولم يخن، ولم يكن أصوليا ولا ايدولوجيا ولا انتهازيا ولا حاقدا ولا تاجر مواقف مناهضة لليمن.
وكان مخلصا لواقع اليمن وطموحه وفق حسابات واقعية مخلصة للوطن، فلا تتأخروا عن اللحاق بموكب موقفه الحازم والواضح، لقد رحل من الدنيا وهو في معركته يبحث عن الخلاص للجميع ونسج للتاريخ موقف وضوء، فمتى تلتحقون بالمجد الذي خطه باليقين الذي لا لَبْس فيه لنتمكن من انقاذ وطنه وطنكم من جريمة الكهنوت الطغياني.
(2)
الواقع يقول بالفصيح ان اي طرف شرعي ايا كان مراهن على تحالف مع الحوثية ليناء السلام فانه يخدع نفسه او ينقذ اجندات ملعونة معادية لليمن ومستقبله دولة وشعبا او كمن ينسج مشنقته، واستمرار التحالف مع الحوثية كمن ينتحر ببطئ وينتظر شنق نفسه بيديه!! الحوثية انبعاث ماضوي لجريمة الحكم السلالي، الذي جعل اليمن فراغ تائه بلا بوصلة وتشكيلة مرتبطة بملالي ايران، وعصابة منظمة تحكمها عنصرية منبوذة شعبيا ويراها اليمني العادي لعنة لابد من تطهير اليمن منها فكيف بالمخلصين للمجد السبتمبري ولهوية اليمن الحضارية. الحوثية ثلاث مرتكزات لابد ان تنتهي كولاية كهنوتية عنصرية وكمليشيا وكارتباط إيراني يريد اليمن ذهنية نافية لوجودها الوطني ومعادية لاكتمالها العربي ليس كقدر جغرافي بل كتاريخ وانتماء ومصير مشترك.
(3)
الحوثية تعتاش على الحرب والفوضى وتدمير الدولة وإنهاك جمهورية الشعب وانفعالات الغرائز وعنصرية طائفية يراها الجميع ويتحملها لظروف غير طبيعية، وعلى تناقضات استمرارها غير ممكن لانها خسارة محضة للصف الجمهوري شمالا وجنوبا. بمجرد ان تتمضع القوى الوطنية الجمهورية في المسار الإنقاذي للخروج من المعضلة التي تتغذى منها الحوثية ستجد نفسها توحش انتحاري وسلامة من معها يعتمد على استسلام مذل لاتباعها وبالقهر وهذا سيقود الى انهيارها كتنظيم !!
(4)
المؤتمري الذي تماهي مع الاندفاعة الحوثية اصبح على قناعة ان الاصلاحي مجال قابل لعقد الصفقات والإصلاحي الذي اعتقد ان الثورة هي نهاية التاريخ اصبح مقتنعا ان السياسة وظيفة عملية محكومة بالمساومات لا بالانفعال الايديولوجي وهذا ينطبق على بقية الاحزاب الاخرى المراهنة على اليمن واليمن وبس!! والاخواني الذي تحركه خيارات العقائد يعتقد انه اكثر التزاما بالمبدأ ولذا يتم التلاعب به ويصبح حراك انفعالي يحاول ان يتذاكى ويقتنع بذكائه وخياراته ويتحرك وفِي مسار حركته يجدها مرتبطة باللعبة الإقليمية والدولية المعقدة التي تستهدف الخليج وفِي تخباطاته يرى ان الحوثي مشروع ثورة بالامكان الانسجام معه لمواجهة المؤامرة المتخيلة!! وهذا ينطبق على بقية الاندفاعات الأيديولوجية في بنية الاحزاب ولذا قد تجد قومي او يساري انساني متماهي مع الخمينية ويرى الحوثية مشروع مجسد للمقاومة ببعدها الإقليمي والدولي ولذا يبرر شرعنة الجريمة كغبي غارق في جهل مركب او انه متماهي مع أنانيته بعد تجربة نضالية فاشلة، انانية مقدسة للربح الفردي وليذهب الجميع الى الجحيم، انانية لا ترى العالم الا من خلاله، ويبر ذلك بالأغطية لحجب البشاعة لخدمة الجريمة!!
(5)
المقارنة بين الحوثية والإصلاح فيها ظلم كبير للإصلاح ومدح للحوثية، لا يمكن أبدا المقارنة بينهما فمجرد التفكير فقط بالمقارنة فإننا نظلم الاصلاح ونمنح الحوثية ميزة ان نقارنها بحزب جمهوري له مشروع وطني واضح مهما اختلفنا في أدائه وطموحاته المبالغ فيها وادعاءاته الدعائية لتسويق نفسه وفرض مصالحه بما يتجاوز حجمه في الواقع، ولا نحكم على الاصلاح بالغارقين بالاخونة باسمه فالحزب باتجاهاته الرسمية واضح انه حزب وطني واخطائه قابلة للتصحيح وكتلته المنهكة في وعي شمولي بالامكان تحريرها بمجرد ان ينتظم الأداء السياسي العام كما ان مواقفه السياسة المتطرفة قابلة للمراجعة ومحكومة بالتحولات فهي مواقف سياسية إقصائية لا عقائدية تكفيرية!!
الاصلاح حزب جمهوري منتظم وملتزم بالقانون والدستور وتنتظم داخله قوى وطنية عاقلة ومتزنة في إدارة الصراعات والانتهازية السياسية الممارسة ليست عيبا فالسياسة ليست موقف عقائدي صارم وتتحرك منظومته بعقلانية ملتزمة بالقانون الحاكم لحاجات وواقع اليمن والاخطاء طبيعية في الازمات الكبرى وما يهم التعامل مع السياسة بقوانينها وهي قوانين ملتوية محكومة بالمصلحة بمعناها المادي والمعنوي. اما الحوثية فكتلة عصبوية طغيانية جعلت من الدين مذهبية طائفية عنصرية، وجشعها للسلطة والثروة وتصفية كل ما عداها محكوم بوعي التعامل مع السياسة باعتبارها قوة لا يمكن ادارتها الا بقوانين الجريمة المنظمة وكمان باسم الله الذي اصبحت وظيفته في عقائدهم تثبيت حكمهم ليصبح الدين عقيدة طوطمية لا مشروع حياة في القرن الواحد والعشرين، ويصبح الإله عرق مقدس ووظيفة الانسان خدمة هذا العرق الذي اصبح التجسيد الفعلي للإله في الارض.
(6)
المؤكد ان عقيدة الولاية الحوثية مرفوضة بالمطلق لدى كل اليمنيين، ولا يمكنهم قبولها ومقاومتها ورفضها اصبحت ذهنية حاكمة للوعي الوطني للشعب وأصبحت الحوثية سلطة سطو ليس الا. مشروع الحوثية العنصري وأحقيتهم في الحكم وكنقيض لجمهورية الشعب غير قابل للحياة في اليمن ويسخر منها كل يمني بلا استثناء حتى المنخرطين في بنية الحوثية لظروف الصراع السياسي ولا يمكن حتى لاصحابها ان يدافعوا عنها او حتى يتحدثون عنها علنا. ويمارسون التضليل في تفسير طبيعة المعركة لاستمرار النهب واللصوصية التي يمارسونها بلا حياء ولا ضمير وبالصميل الأخضر كأي عصابة جشعة تصحي باي شيء للحصول على المال، واكثر ضحايا العصابات المترسنة بالعقائد والجشع الملتحقين بها من المضللين والأغبياء. الحوثية اصبحت فقط منظومة ميليشاوية طغيانية لا وظيفة لها الا حماية مصالح قيادات العصابة التي تدعي انها دينية واصحاب حكم والحقيقة كما ينطق الواقع ليسوا رجال دولة وانما جماعة مافوية منظمة تحكم بالقهر والحرب لتنمية ثروة العصابة على حساب المجموع الوطني ومستقبل الدولة والمواطن اليمني وعلى حساب حتى من يقاتل في صفوفها.
(7)
مشكلة الاخونجية انهم غرقوا في السياسة بوعي المؤامرة التي تم صياغتها من قبل دعاة لا ساسة وتستمر الحكاية في مسرح يحتاج الى لغة اكثر وضوحا والتزام بالقانون الحاكم للسياسة وهو قانون لا يمكنه ان يفهم الداعية الا باعتباره قوة مضافة لخدمة الدنيا. لا يفقه الكثير منه من تعقيدات إدارة تحصيل القوة وبنائها وتوظيفها، وعندما يحاول البعض منهم صناعة الحدث لإرباك المشهد يبدون كخطيب يريد ان يمرر أوهامه باسم الله لتحصيل مورد توظيف الايمان فيه يجعل الايمان كنقاء فردي وظيفة قذرة في مشاريع دنيوية محكومة بالطمع والجشع التي تحكم مسار تناقض الإرادات المتنافسة على الربح الملموس ببعده الدنيوي المحض. ويحاول بعضهم ان يكون. ممثلا لإخفاء طبيعته الاصولية المتطرفة الحاكمة لمواقفه ايا كانت وهي حجاب انتهازي بمجرد توظيفها سياسيا حتى وهو يحاول تمرير فكرته من منبر مغاير لطبيعة وعيه!!
المضمون الذي يحكمه يظل مفهوما للمراقب القارئ للتاريخ الديني والسياسي حتى لو خطب سياسيا من حانة لتغطية واقع الحال الذي يحكم وعيه المتناقض بين الدعوة والسياسية، وفِي المحصلة في الواقع تنتحر الدعوة وتصبح السياسة لعنة بلا مبدأ مهم حاول ان يغطي حركته فلا هو اصبح داعية ولا هو أمسك بزمام السياسة لذا يخسر المجالين ويصبح ربحه الاناني كفرد خلاصة الحكاية ان كان يمتلك الذكاء الكافي!!
(8)
الدول الصغيرة كقطر لا يمكنها ان تعيش الا بتحالف يحميها وخياراتها التي حددتها جعلته وظيفة ومهما بلغت ادعاءاتها تظل مجال حيوي للقوى الاخرى وحديثها عن السيادة اوهام يمكن تمريرها على الاغبياء!! حتى وهي تواجه محيطها العربي تنفذ إرادة اخرى حتى وهي تقاوم محيطها الخليجي تحتاج حماية، خياراتها مرتبطة بالقوى الاخرى ولأنها تحاول الاندفاع باتجاهات مناهضة للخليج تزداد تبعيتها لمجال قوي يوظفها ويربح منها وتصبح معضلة لنفسها ولمحيطها ولمن تقدم لهم تنازلات لحمايتها. محيطها الخليجي والعربي مصدر قوتها والتخبط الذي تعيشه يناقض طبيعة دورها المحكوم بالقدر الجغرافي الحاكم لها لذا ستتحول الى حالة شغب تستنزف نفسها وحاضنها الفعلي والواقعي!! الدور القطري دور شاذ وهذا الدور يجعلها مشروع للفتنة والتخريب والتصحيح حتمي ولكنه يحتاج وقت!! ستجد قطر تتحرك في اتجاهات متناقضة مبررة لدى كل من يوظفها دول كانت او منظومات حزبية وحركية وتجمع داخلها تناقضات لا يمكن ان تجتمع ويصبح المال لحمة تسيير ، لذا ستجد الداعشي منسجم مع الملحد في دورها، وهنا تلعب الاستخبارات دور محوري!! قطر فريسة للاتراك للإيرانيين لإسرائيل للإخوان وللقومجية ولداعش وامريكا في الوقت نفسه، لذا دورها يصبح عدائي لطبيعتها وقدرها الجغرافي لانها لا تتحرك الا باعتباره اداة شاذة مستغلة وموظفة لا دولة متزنة محكومة بالأعراف والقوانين الضابطة للصراعات الإقليمية والدولية ومقاطعتها ليست ردت فعل بل سعي جاد وواقعي لتصحيح دور قطر الشاذ!!!
ولتوضيح دورها الشاذ سنجدها في اليمن مع الحوثية وتريد الاصلاح اخوان منسجم معها وفق منظور خميني لاستهداف السعودية، كان صالح قريب منها واصبح عدو مجرم اثناء ما كانت خياراته انسجام مع السعودية، وتصبح فكرة الثورة في اليمن مشروع استهداف للمحيط لا مشروع انقاذ دولة وتغيير مسارات الاخطاء، واعتمدت استراتيجية ثابته توظيف كل حليف في اليمن حتى بما يناقض مصالحه واذا عجزت بفعل الوعي تبدأ في توظيف الافراد والتكوينات والانتهازيات لتنفيذ المهمة بما يربك المشهد وتوظف آليات متنوعة لتسويق الجريمة!! اغلب من يشتغل في المشروع اشاد لقطر اما قوى إقليمية او دولية توظف الدور بما ينفعها او منظومات هي انعكاس لمرض سياسي أنتج ذات فردية مريضة او كتل مهووسة بالتنظير والادلجة وغالبا ما يلعب الافراد الاكثر انتهازية وأنانية دور محوريا خل الدول الصغيرة الشاذة وتوظفهم قوى متنوعة وعادة ما يحقق بعضهم أرباح كبيرة ويتم تغطية الانتهازية اللصوصية بحجب كبيرة ليست فكرة الثورة الا الحجاب الذي يصعب تفكيكه في ظل واقع مزري!!
(9)
التناقضات المتعددة التي جمعت في سلة قطر توظف طاقات يمنية باقنعة متعددة لكنها تسير في نفس مسارات الدور القطري المعادي لحاضنتها الطبيعية وتجعلها وظيفية عدائية للدور القطري الشاذ الذي تتحكم به انتهازيات سرطانية معادية للعرب. وهذا يجعل الانتهازيات اليمنية الجشعة مهما كانت الاقنعة انتهازية مضافة في البنية السرطانية واتجاهات عدائية للمصلحة العربية والوطنية اليمنية ومراهنة على ربح اناني حتى وان تحدثت باسم ثورة وعدالة وتماهت حدّ التبتل باسم المظلومين. وهنا اتحدث عن اللاعبين الذين احترفوا اللعب للربح ام الجمهور الذي يتلاعبون به ويضللوه فهو ضحية لمتوحشين يلبسون الاقنعة لاستبعاده فهم مصدر قوتهم الذي يمكنهم من الربح ولو شافهم الجمهور على حقيقتهم لتبول عليهم بغضب المنتقم الباحث عن عدالة!!
(10)
الاسلام السياسي يمتلك قدرات تبريرية ذات نزوع علماني قوي، توظيف مكثف للعقل لتشويه الواقع بالذات في الازمات لا توظيف إيجابي لتصحيحه وفهمه كما هو والتعامل معه وفق قوانين التاريخ بأبعاده المختلفة والحاكمة للاجتماع الانساني وهنا مكمن الخلل!! يحاول تمرير ذلك بالايدولوجيا الاصولية وخيالاتها وأوهامها ومصالحها الغير واقعية لذا يصبح التبرير دعاية غوغائية لحجب الواقع بالتنظير الغارق في الجهاد لا بالفهم والاستيعاب الباحث عن مصلحة طبيعية. وهذا يجعله ضحية لوعية لا لاعدائه وتصبح المصلحة مشروع انتهازي باسم الله وهذا يجعل السياسة مجالا عنيفا لديه عندما يقع في الفخ!!