جريمة أبها.. دلالات الفشل والإحباط
محمد الوعيل
باستشهاد 15 مواطناً منهم 12 من رجال الأمن البواسل، في تفجير مسجد قوات الطوارئ بمدينة أبها، الخميس، كشف شيطان الإرهاب الغادر، عن أزمته القبيحة، وجرائمه الدنيئة بحق وطننا ومواطنينا، وأثبت أن كل المزاعم والأقاويل، التي تتمسح بثوب الدين الطاهر، ما هي إلا نتوءات فكرية وضلالات لم تعد خافية على أحد، سوى معتنقيها والمروجين لها.
الجريمة البشعة، والتي تعد ثالث استهداف لمساجد، بعد مسجدي العنود بالدمام، والقديح بمحافظة القطيف، وإن كانت تسبب جرحاً في ضمير ووجدان الوطن، إلا أنها تكشف عن فشل المشروع المتطرف، مع أنها تُعتبر انتقالاً ينبغي عدم تجاهله، في طبيعة المكان المستهدف، والشريحة المقصودة، لكنها توضح كيف فشل الإرهابيون والداعشيون في تنفيذ مخططهم بإحداث فتنة داخلية، خاصة بعد جريمتي العنود والقديح، اللتين استهدفتا مساجد أشقائنا الشيعة، حيث كانوا يأملون في الوقيعة بين عنصري الأمة السعودية.
وعندما خاب مسعاهم المرتبط بأجندة خارجية مشبوهة، وعزف الوطن معزوفة وحدته الأبدية وتلاحمه القويّ، ووقوفه صفاً واحداً، لجأ المخرّبون إلى تغيير استراتيجيتهم، وانتقلوا لأقصى جنوب المملكة، وعبر ذات استهدافهم المشين لبيوت الله، التابعة لقوات الطوارئ، ونفذوا تفجيرهم، بحق أشرف رجال الوطن، الذين يبذلون دماءهم فداءً له ودفاعاً عنه، في توقيت يخوض الوطن فيه معركة مع وجه آخر للإرهاب على الحدود الجنوبية، متمثلاً في عصابة الحوثي باليمن الشقيق.
وبينما تؤكد مثل هذه الجرائم الخسيسة، حالة إحباط لدى المجرمين، يثبت الإرهاب، المحسوبة عناصره التنظيرية والتنفيذية، على ديننا الإسلاميّ، أنه بلا دين أو قيمة أخلاقية من الأساس، وأنه مثلما لا يؤمن بقيمة وطن أو معنى مواطنة أو انتماء، فإنه أيضاً يتنكر لأبسط القيم الدينية، التي نصب من نفسه حامياً لها، وداعياً إليها وهي منه براء.
لم يعلم الإرهاب الأسود، أن مجتمعنا الذي أحبط مخطط الفتنة الطائفية، هو ذات المجتمع الذي انصهر مع قيادته وتصدى لمخططات الاستكبار وقطع الرؤوس واستهداف الآمنين، وتفجير المؤسسات والمنشآت، قبل عقود.. وهو ذات المجتمع الذي يقف بقوّة مع أبنائه من رجال الأمن والقوات المسلحة، حين توجه الخناجر المسمومة نصلها لظهورهم وهم في أشرف ميادين المواجهة.
ليعلم كل هؤلاء المجرمين، ومن تبعهم من الضالين والمضلين، أن من يفجر بيتاً من بيوت الله، ويستحل من ذهب لتلبية نداء الصلاة، لن يفلت من عقاب الدنيا، مثلما لن يفلت من حساب الآخرة، وليعلم كل إرهابي مجرم أن لا جماعة أو "داعش" يمكن أن تنال من راية التوحيد على هذه الأرض الطاهرة.. وأننا كلنا مواطنين وقيادة ورجال أمن وقوات مسلحة، نزدادُ إصراراً مع كل جريمة ترتكب، على استئصالهم ودحرهم.
رحم الله شهداءنا الأبرار وأحسن مثواهم، وليذهب كل أعداء الداخل والخارج إلى الجحيم