تقـــــرير
عاد السفير اليمني السابق لدى دولة الإمارات العربية المتحدة أحمد علي عبدالله صالح إلى دائرة الضوء من جديد.
و تمثلت العودة الجديدة من خلال طلب تقدم به نجل شقيق الرئيس السابق علي عبدالله صالح، إلى ما أسماهم المعنيين، مطالباً إياهم بالعمل على "إلغاء العقوبات المتخذة بحق السفير أحمد نجل الرئيس السابق علي عبدالله صالح".
وأكد يحيى محمد عبدالله صالح نجل شقيق الرئيس السابق علي عبدالله صالح، أن العقوبات على سفير اليمن السابق لدى دولة الإمارات العربية المتحدة أحمد علي عبدالله صالح "ظالمة، و غير مبررة، وغير قانونية".
وكان العميد يحيى محمد عبد الله صالح، شغل منصب رئيس أركان الأمن المركزي في الجيش اليمني، و تمت إقالته في 19 ديسمبر 2012 بقرار من الرئيس عبد ربه منصور هادي. وقال يحيى محمد عبدالله صالح في مقطع فيديو نشره على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" ، أن للسفير أحمد علي عبدالله صالح دور ايجابي في إنجاح العملية السياسية في اليمن.
وأضاف يحيى محمد عبدالله صالح ، الذي يقيم في لبنان منذ مغادرته اليمن بعد أحداث ما سمي بثورة 11 فبراير الشبابية 2011، أن "السفير أحمد علي عبدالله صالح لم يكن من المعرقلين، ولذلك نطالب بإلغاء هذه العقوبات الظالمة ونأمل من المعنيين أن يمتلكوا الشجاعة بتقديم طلب إلغاء هذه العقوبات".
و يرأس يحيى محمد عبد الله صالح، من مواليد 1965، العديد من مؤسسات المجتمع المدني؛ إنسانية، اجتماعية، وسياحية، كجمعية كنعان لفلسطين وهي أهمها، وملتقى الرقي والتقدم، والاتحاد اليمني للسياحة، في حين يقيم أحمد علي عبدالله صالح في دولة الإمارات العربية المتحدة منذ إقالته من منصبه كسفير يمني لديها.
وكان مجلس الأمن الدولي اتخذ في 14 إبريل 2015 قراراً رقم 2216 بفرض عقوبات على عدد من اليمنيين، حيث نص القرار على فرض عقوبات تمثلت في تجميد أرصدة وحظر السفر للخارج، طالت زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، وأحمد علي عبد الله صالح نجل الرئيس السابق القائد السابق للحرس الجمهوري ، المتهمين بـ"تقويض السلام والأمن والاستقرار" .
وكان مجلس الأمن، قبل ذلك، أدرج علي عبد الله صالح واثنين من قادة الحوثيين هما عبد الخالق الحوثي وعبدالله يحيى الحاكم على قائمة العقوبات الدولية في نوفمبر 2014. واغتال الحوثيون الرئيس السابق علي عبدالله صالح في منزله في 4 ديسمبر 2017.
ويشمل القرار رقم 2216 حظر توريد الأسلحة والعتاد ووسائل النقل العسكرية، لعلي عبد الله صالح ونجله أحمد وعبد الملك الحوثي وعبد الخالق الحوثي وعبد الله يحيى الحاكم (أبو علي الحاكم)، وكافة الأطراف التي تعمل لصالحهم أو تنفيذاً لتعليماتهم في اليمن، وذلك في إشارة إلى الحوثيين والجنود الموالين لصالح.
وطالب القرار الدول المجاورة بتفتيش الشحنات المتجهة إلى اليمن في حال ورود اشتباه بوجود أسلحة فيها، وطالب الحوثيين بوقف القتال وسحب قواتهم من المناطق التي فرضوا سيطرتهم عليها بما في ذلك صنعاء.
وتمثلت أهم بنود قرار مجلس الأمن الدولي 2216 في التالي: ـ طالب جميع الأطراف اليمنية، لا سيما الحوثيين بالتنفيذ الكامل للقرار رقم 2201 والقرار 2015 والامتناع عن اتخاذ المزيد من الإجراءات الأحادية التي يمكن أن تقوض عملية الانتقال السياسي في اليمن ويطالب الحوثيين بالقيام فوراً دون قيد أو شرط بالآتي: الكف عن استخدام العنف، وسحب قواتهم من جميع المناطق التي استولوا عليها بما في ذلك العاصمة صنعاء، والتخلي عن جميع الأسلحة التي استولوا عليها من المؤسسات العسكرية والأمنية بما في ذلك منظومات القذائف، والتوقف عن جميع الأعمال التي تندرج ضمن نطاق سلطة الحكومة الشرعية، والامتناع عن الإتيان بأي استفزازات أو تهديدات للدول المجاورة، والإفراج عن وزير الدفاع محمود الصبيحي وعن جميع السجناء السياسيين وجميع الأشخاص رهن الإقامة الجبرية، وإنهاء تجنيد الأطفال وتسريح جميع الأطفال المجندين في صفوفهم.
ـ نص القرار على دعوة جميع الأطراف اليمنية لا سيما الحوثيين إلى الالتزام بمبادرة مجلس التعاون الخليجي ونتائج مؤتمر الحوار الوطني الشامل وقرارات مجلس الأمن وتسريع المفاوضات للتوصل إلى حل توافقي والتنفيذ الكامل للاتفاقات المبرمة والالتزامات التي تم التعهد بها لبلوغ هذا الهدف والتعجيل بوقف العنف، وطالب القرار جميع الأطراف اليمنية بالالتزام بتسوية الخلافات عن طريق الحوار والامتناع عن الأعمال الاستفزازية.
و في 8 يونيو 2015 فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على عبد الملك الحوثي وأحمد علي عبد الله صالح، ونصّت العقوبات على منعهما من السفر و”تجميد الأصول المالية”، وذلك تنفيذاً لقرار مجلس الأمن رقم 2216. وكان رئيس الحكومة السابق الدكتور أحمد عبيد بن دغر طالب في لقاء مع صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية نشرته بتاريخ 27 مارس 2018 بـ"إلغاء العقوبات المتخذة بحق أحمد علي عبدالله صالح". وقال الدكتور أحمد بن دغر: "ستتم دعوة المجتمع الدولي بإلحاح لرفع العقوبات عن أحمد علي عبد الله صالح".
وأضاف: "سوف نطوي صفحة الخلافات فيما بيننا، وسنعمد إلى إضفاء روح التسامح بين الأعضاء". وتعهد الدكتور بن دغر بـ"بمنع تقسيم حزب المؤتمر الشعبي العام أو تدميره أو تدجينه لصالح العدو"، لافتاً إلى أن "قيادة مشتركة ستُشكل وتضم الرئيس عبد ربه منصور هادي، وأحمد علي عبد الله صالح بهدف التحضير لاجتماع اللجنة الدائمة على أرض يمنية واختيار رئيس للحزب ونواب للرئيس وأمين عام"، ولكن الدكتور أحمد بن دغر رئيس الحكومة أقيل من منصبه من قبل الرئيس هادي بتاريخ 15 أكتوبر 2018.
و كان رئيس مجلس النواب يحيى علي الراعي، بعث في 20 أكتوبر 2018 برسالة نيابة عن مجلس النواب موجهة إلى رئيس وأعضاء مجلس الأمن الدولي بـ"رفع العقوبات عن السفير أحمد علي عبدالله صالح".
وجاء في رسالة الراعي: "نأمل منكم النظر في رفع العقوبات عن مواطنين يمنيين شملتهم قرارات العقوبات، بمن فيهم السفير أحمد علي عبد الله صالح، السفير السابق للجمهورية اليمنية لدى دولة الإمارات العربية المتحدة، الذي أصبح مستحقاً لرفع العقوبات التي تم فرضها عليه بموجب القرار 2216 في 2015".
و أشارت الرسالة إلى "احترام أحمد علي لقرار مجلس الأمن الخاص بالعقوبات والتزامه بكل مضامينه وعدم مخالفته للقرار منذ صدوره ولا زال، وهو ما أكده التقرير الأخير لفريق الخبراء التابع للأمم المتحدة بعدم رصد أية مخالفة لقرار العقوبات من قبله". وأضافت الرسالة أن "السفير أحمد علي ابتعد كلياً عن الأحداث السياسية والعسكرية، التي تجري في اليمن وعدم تدخله في أي منها، إضافة إلى أن قرار فرض العقوبات عليه بني على ادعاءات ومعلومات صادرة عن خصوم سياسيين في إطار الكيد السياسي بين فرقاء العمل بالدولة وتلبية لرغبة أطراف كانت في حالة عداء شخصي مع والده في ذلك الوقت". وقالت الرسالة أن مجلس النواب يرى أنه في ضوء ما حدث من تطورات للحالة اليمنية المنظورة بمجلس الأمن، لم يتبق مبرر أو ضرورة لاستمرار سريان قرار العقوبات، ما يستوجب النظر في إلغائه.
و الأسبوع الفائت شهدت القاهرة المصرية عقد اجتماع لقيادات في حزب المؤتمر الشعبي العام خارج اليمن، وأسفر الاجتماع عن اختيار القيادة العليا للحزب وضمت ستة أسماء و هي: أحمد علي عبدالله صالح، عبدالله صالح، أبوبكر القربي، سلطان البركاني، يحيى دويد، قاسم الكسادي، ومحمد بن ناجي الشايف. و اتفق المشاركون "على أن تكون الكلمة العليا داخل القيادة للسفير أحمد علي عبدالله صالح والبركاني والقربي، في مقابل أدوار تنفيذية للقيادات الثلاثة الأخرى، لأنها تنتمي إلى خلفيات جغرافية مختلفة. ويمثل قاسم الكسادي المحافظات الجنوبية، فيما يعد محمد بن ناجي الشايف أحد قيادات الحزب المتواجدة في الرياض، ويقيم يحيى دويد بالقاهرة".
لكن أحمد علي عبدالله صالح لم يكن من الحاضرين. وتغيبت قيادات حزب المؤتمر المتواجدة في مسقط عن حضور الاجتماع، وهو ما أرجعته مصادر وفق ما نشرته صحيفة "العرب" اللندنية القريبة من الإمارات "إلى عدم رضاها عن آلية عمل اللجنة المشكلة بالأساس، وتسعى لأن يكون خروجها بموافقة ودعم قيادات صنعاء وهو أمر من المستحيل حدوثه في الوقت الحالي في ظلّ مواقفهم المؤيدة للمتمردين الحوثيين".
و قال مراقبون أن "عودة أحمد علي عبدالله صالح إلى دائرة الضوء كلاعب أساسي في المشهد السياسي في اليمن، وربما مشروع رئيس توافقي محتمل في المستقبل، مرتبط برفع العقوبات عنه وهذا ما لم يتم حتى الآن"، و هو "مبرر لا يمكن تجاوزه، و يحول دون عودته لممارسة العمل السياسي في اليمن".
و مع ذلك يراهن عدد كبير من أعضاء حزب المؤتمر الشعبي العام على عودة أحمد علي عبدالله صالح الى واجهة المشهد السياسي ـ في حال تم إلغاء العقوبات المفروضة عليه لاحقاً ـ كرئيس توافقي في المستقبل عبر بوابة حزب المؤتمر الذي أسّسه والده، بل وهناك من يدفع بهذا الاتجاه، لكن الأمر ما زال يراوح مكانه لصعوبته. و يُرجع بعضهم صعوبة ذلك إلى تصادمه مع أحقية من سيتولّى رئاسة الحزب الآن في ظل رئاسة هادي لليمن؛ إذ تنص اللائحة الداخلية للحزب على أن رئيس حزب المؤتمر هو رئيس الجمهورية اليمنية.