الاثنين 19 مايو 2025
الرئيسية - أخبار العالم - هل المجلس الانتقالي الجنوبي ورقة في لعبة تقاسم النفوذ؟
هل المجلس الانتقالي الجنوبي ورقة في لعبة تقاسم النفوذ؟
الساعة 04:44 مساءً (وكالات)

حامت التساؤلات حول ظروف تراجع المجلس الانتقالي الجنوبي عن قرار "الإدارة الذاتية" في عدن. فهي ليست المرة الأولى التي يتراجع فيها المجلس عن خطوة يتخذها باتجاه الإنفراد بالحكم جنوب البلاد.

وزادت وتيرة التكهنات بوجود تفاهماتٍ جديدة بين أطراف التحالف، بعد أن صاحب قرارَ المجلس الانتقالي الجنوبي توصلُه لاتفاق هدنة مع القوات الحكومية في شبه جزيرة سقطرى جنوبي شرق البلاد.



ولكي نرى المشهد عن كثب، علينا أن نتذكر أن المجلس الانتقالي، الذي تم إنشاؤه منتصف عام 2017، قام في يناير/كانون الثاني من عام 2018، بأول محاولة انقلاب على الحكومة المعترف بها دوليا، منصّبا نفسه ممثلاً عن المواطنين في جنوبي اليمن، على الرغم من عدم تمتعه بقاعدة شعبية كبيرة، إلا أنه يمتلك ذراعا عسكرية قوية وعالية التسليح بالمقارنة مع الكيانات الأخرى التي تتحدث باسم الجنوب. ومنذ تلك اللحظة، بدأ الحديث عن دعم عسكري ولوجستي تقدمه أبو ظبي لقيادات المجلس الانتقالي الجنوبي المحسوبين على التيارات السلفية المناوئة لجماعة الإخوان المسلمين الممثلين في "حزب الإصلاح" الذي يشكل جناحا من أجنحة الحكومة الشرعية وقواتها، وفق الاتهامات التي يوجهها المجلس الانتقالي لحكومة عبد ربه منصور هادي.

صعّد المجلس الانتقالي الجنوبي، أكثر من مرّة، هجماته على القوات الحكومية، متهما مجلس الوزراء بالضعف وعدم القدرة على التواجد على الأرض من أجل تلبية مطالب المواطنين. ولكن المجلس كان يتراجع في كل مرة عن التصعيد، تلبية لنداء الرياض وأبو ظبي، ما ساعده في حفر مكانٍ لنفسه كطرفٍ لا يمكن الغاضي عنه في الحوار السياسي اليمني.

واستمر المجلس، برئاسة عيدروس الزبيدي ونائبه هاني بن بريك، في لعبة الشد والجذب، قبل اتفاق الرياض في نوفمبر تشرين الثاني 2019، وحتى بعد الاتفاق وخلال مراحل تنفيذ بنوده التي كان من بينها الترتيبات الأمنية والعسكرية المشتركة الهادفة إلى إعادة تنظيم القوات التابعة للحكومة والتشكيلات التابعة للمجلس الانتقالي وفق الاحتياج وخطة التأمين.

ولولا خطوة الإعلان عن "الإدارة الذاتية" وحالة الطوارئ في الجنوب، بالتزامن مع المواجهات بين قوات المجلس الانتقالي والقوات الحكومية، بالأسلحة الثقيلة، في حديبو عاصمة شبه جزيرة سقطرى، لما تم الضغط باتجاه اتفاق هدنة يقضي بتشكيل قوة عسكرية مشتركة من التحالف والقوات البحرية وقوى الامن والقوات الخاصة، وإزالة النقاط العسكرية المستحدثة التابعة لكلٍ من الجيش الحكومي وقوات المجلس الانتقالي الجنوبي، بالإضافة إلى منع تحرك العربات والأسلحة الثقيلة إلا بتصريح رسمي صادر عن السلطات المحلية في سقطرى وقيادة التحالف.

وعودة المجلس الانتقالي الجنوبي عن قرار "الإدارة الذاتية"، له أبعاد محلية وإقليمية ودولية، فقد صدر بعد دعوات كلٍ من الإمارات والسعودية للمجلس إلى الالتزام باتفاق الرياض، وبعد أسبوعٍ من إعلان محافظات الجنوب رفضها القاطع لقرار المجلس، الذي اتهموه بالعجز عن تلبية أبسط مطالب المواطنين الجنوبيين، لا سيما فيما يتعلق بالماء والكهرباء والسلع الأساسية وصرف رواتب الموظفين وتعويض المواطنين عن الخسائر التي لحقت بهم جرّاء الفياضانات الأخيرة بالإضافة إلى السيطرة على تفشّي فيروس "كورونا" المستجد في عدن. ويرى بعض المحللين أن قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي خشيت من خسارة ما تبقى لها من قاعدة شعبية في حال فشلها حيث اتهمت الحكومة بالفشل.


كما ساهم بيان مجلس الأمن الدولي، المشدد على الالتزام الأممي بوحدة اليمن وسلامة أراضيه، في الضغط على الأطراف الداعمة للمجلس الانتقالي الجنوبي، الذي كاد أن ينسف بقراره جميع المخرجات السياسية التي تمت برعاية أممية، وأن يجرّ جنوب اليمن إلى مواجهات محلية بين المجلس الانتقالي وقوات المحافظات الرافضة للإنضواء تحت حكمه.

التزامن اللافت للأحداث، يشي، ربما، بوجود تفاهماتٍ بين الرياض وأبو ظبي حول تقاسم النفوذ في المناطق البحرية. فمن جهة، اقتربت الإمارات العربية المتحدة من تحقيق هدف القضاء على وجود الإسلام السياسي في اليمن، وبسطت المجموعات المسلحة المتحالفة معها سيطرتها على المنافذ الاستراتيجية التي تمر منها حركة التجارة العالمية، بينها ميناء عدن الذي كان صلب اتفاقٍ بين اليمن والإمارات حتى عام 2008، ويشكل إضافة مهمة بالنسبة لموانئ دبي العالمية، بالإضافة إلى جزيرة سقطرى التي تعد بوابة عبور باتجاه رأس الرجاء الصالح. ومن جهةٍ أخرى، تضمن المملكة العربية السعودية عدم تأثر مصالحها، وهي التي أنشأت في عام 2018، ما يسمى "كيان البحر الأحمر وخليج عدن"، الذي يتكون من الدول العربية والأفريقية المطلة على البحر الأحمر، والهادف لتعزيز الأمن والاستقرار والتجارة والاستثمار في المنطقة، في وقتٍ لم تعد فيه مستويات الثقة بين دول الخليج وواشنطن إلى ما كانت عليه سابقا، على الرغم من استمرار التحالف التاريخي والمصالح المشتركة.


آخر الأخبار