الخميس 18 ابريل 2024
الرئيسية - تقارير وحوارات - سبتمبر واكتوبر.. تجسيد حي لواحدية الثورة والهدف
سبتمبر واكتوبر.. تجسيد حي لواحدية الثورة والهدف
الساعة 11:49 مساءً (تقرير خاص)

 

على خٌطى الثورة خطى الثوار ومن نبراس أيلول صنعاء اتقد مشعل تشرين عدن ليضيئا طريقا واحدا وهدفا لا يحيد عن اليمن فسبتمبر واكتوبر ليسا شهرين تتابعا، بل توأما ثورة انتجتها نضالات وبطولات الأحرار من كل اليمن.



 

 

واحدية الهدف واحدية الثورة، هكذا كان يتحدث رجال الحركة الوطنية في شمال الوطن وجنوبه عن ثورتي سبتمبر واكتوبر الخالدتين، لتأكيد أنها ثورة واحدة على مسارا واحدا باتجاه اليمن الموحد.

 

هذا التلاحم بين الثورتين أو واحدية الثورة اليمنية، هو تلاحم أو واحدية كونتها كثير من العناصر المشتركة في الحركة الوطنية في جهتي الشمال والجنوب حين ذاك، وهي عناصر أو عوامل متضافرة ومسجلة بالوقائع التاريخية التي يصعب إنكارها أو طمسها، وتؤكد أن النضال الوطني ضد الاستعمار والإمامة لم يكن منفصلاً في يوم من الأيام رغم محاولات الفصل والتسميات التي كانت تطلق على شطري اليمن إبان الاستعمار والإمامة، وهي تسميات سقطت أمام الحقيقة التاريخية الكبيرة عن الوطن الواحد والشعب الواحد.

 

لقد كانت عدن بتحضّرها وأحزابها ونقاباتها وأحرارها مدرسةً لرجال الحركة الوطنية أو حركة الأحرار ومصدر عون لهم في النضال ضد نظام الإمامة، وبسطوع شمس ثورة 26 سبتمبر أصبح لحركة التحرر والثورة في الجنوب مصدر قوة، وعندما نهضت حركة التحرير والثورة في الجنوب صار لثورة 26 سبتمبر سند قوي في مواجهة القوى الملكية التي تكالبت عليها.

 

وبعد ثورة 26 سبتمبر توجّه إلى جبهات القتال في الجنوب كثير من السبتمبريين لينخرطوا في حركة التحرير وموكب ثورة 14، وحينما كانت ثورة 14 أكتوبر قد بلغت ذروتها وأنجز أبطالها مهمة الاستقلال الوطني، هبّ المناضلون إلى جبهات القتال في صنعاء وحجة ومأرب وغيرها للدفاع عن ثورة 26 سبتمبر والنظام الجمهوري.

 

أن الثورة اليمنية نبتة أصيلة في الأرض اليمنية شقت طريقها في جذري شجرة التحما وشكلا الوحدة اليمنية هذه الشجرة رويت بأرواح ودماء الشهداء والمناضلين من أبناء الشعب وقواته المسلحة والأمن التي عاهدت الله وعاهدت الشعب على قطع أي يد تمتد إلى غصن من غصون شجرة الثورة.

 

 

لقد تفجرت ثورة الرابع عشر من أكتوبر في جبال ردفان الشامخة بعد نضجها ثوريا وعسكرياً شمال الوطن خاصة في صنعاء وتعز وإب والحديدة حيث مثلت هذه المحافظات ملاذاً آمناً للثوار الذين استطاعوا منها أن يرسموا خطتهم الثورية ضد المحتل البريطاني البغيض في جنوب الوطن

 

والحق أن  ثورة الرابع عشر من أكتوبر عام 1963م تعد واحدة من أهم الثورات العربية التي غيرت بقيامها مجرى الأحداث وانتصرت للحرية والكرامة بعد سنوات من النضال الثوري المسلح ضد الاستعمار البريطاني الذي  قدم فيها اليمنيون ملاحم عظيمة من البطولة والاستبسال والنضال الثوري والتضحيات الكبيرة بالأرواح والدماء لطرد وتحرير البلاد من الاستعمار الذي جثم على أرضنا في جنوب الوطن لأكثر من 125 عاماً.

 

 

ولا ريب بأن ثورة ال14 من أكتوبر المجيدة لم تأت بمحض الصدفة وإنما ولدتها عوامل مؤقتة بل جاءت حصاد سنوات من النضال المتواصل على مختلف الأصعدة العسكرية والسياسية والاجتماعية والثقافية ومن مختلف تيارات المجتمع الوطنية والقومية ومن كل اليمنيين في الشمال والجنوب.
 

 وقد اكدت هذه الثورة بقيامها ترابط الشعب اليمني وواحدية الثورة اليمنية السبتمبرية الأكتوبرية ووحدوية اليمنيين في نضالاتهم عبر التاريخ، وهي حقائق لا يمكن التشكيك فيها مهما حاول البعض أن يزرع الشكوك في عقول وأفكار الأجيال.

 

 ولعل ترابط الأحداث التي رافقت الثورتين تؤكد هذه الحقائق حيث ساعد نجاح ثورة سبتمبر في تسريع الخطى نحو استقلال الجنوب ومثلت الحاضن الكبير لانطلاق ثورة أكتوبر وخلقت في عدن وفي كل مناطق الجنوب ظرفاً هيأ وأوجد مناخاً ملائما لقيام ثورة الرابع عشر من أكتوبر المجيدة

 

ومن المهم التأكيد هنا على ان كثيراً من قيادة الحركة في عدن تبوأوا مناصب رسمية رفيعة في الشمال وقد هيأ إنشاء مكتب لشؤون الجنوب برئاسة المناضل قحطان الشعبي والذي عين مستشاراً لرئيس الجمهورية العربية اليمنية لشؤون الجنوب عقب ثورة سبتمبر للتسريع بقيام الحركة وتلاحقت الاجتماعات والاتصالات التي كان اهمها الاجتماع العام الموسع الذي عقد في دار السعادة في 24 فبراير عام 1963م وحضره الكثير من العناصر القيادية، وبعد نقاش مطول خرج الاجتماع بالاتفاق على تأسيس “جبهة تحرير الجنوب اليمني المحتل” على أن يكون شكل نضالها انتهاج الكفاح المسلح حتى التحرير، وأكد هذا القرار مرة أخرى اجتماع أغسطس 1963م حين انضمت قوى أخرى للجبهة كالناصريين والبعثيين وغيرهم

 

 

وكانت البداية أن يتحرك الشيخ غالب بن راجح لبوزة إلى الداخل للاستطلاع والتعرف على طبيعة ما يجري داخل منطقة ردفان والعمل على تجميع أو تنظيم المجاميع المقاتلة في الداخل وتوزيع المهام للأفراد والمجموعات بهدف الحصول على المعلومات الدقيقة حول ردود أفعال السلطات الاستعمارية في المنطقة من عودة المقاتلين إلى مناطقهم ومدى ما تقوم به القوات البريطانية من حشد عسكري استعداداً للقتال

 

وتجدر الإشارة هنا ونحن نحتفل بالعيد الـ 57 لثورة الـ 14 من أكتوبر المجيدة إلى أن المستعمر القديم الذي تم إنهاء وجوده في جنوب اليمن بتضحيات ونضالات أبطال وأحرار شمال اليمن وجنوبه فبعد أن أسقط الشعب حكم الكهنوت والاسترقاق في السادس والعشرين من سبتمبر 1962م انتقل النضال ضد الاستعمار إلى البندقية وقيام ثورة الرابع عشر من أكتوبر 1963معززة بالعمل السياسي والفكري حتى أثمر إنجاز الاستقلال في الثلاثين من نوفمبر عام 1967م وعندئذ تابعت ثورة الرابع عشر من أكتوبر طريقها المرسوم لتحقيق أهدافها وغاياتها.

 

وسارعت هذه الثورة العظيمة إلى توحيد أجزاء جنوب الوطن من سلطنات ومشيخات إلى كيان وطني واحد، وباشرت النضال في إطار تجسيد الهدف الاستراتيجي للثورة اليمنية من أجل تحقيق الوحدة اليمنية الأمل الغالي للشعب والهدف السامي للحركة الوطنية.

 

 

ومثلما استجاب أبناء اليمن في شماله وجنوبه لمشيئة القدر وتفجّر مخزونهم الثوري المتراكم نتيجة نضالاتهم ضد الطغاة والظلم والاستبداد الذي عمّ الوطن ومواجهتم أخبث حكم طاغوتي كهنوتي وأعتا إمبراطورية، وأدهى سياسة استعمارية لينتصر الشعب اليمني الجسور في صنعاء وعدن في وقت واحد يتوجب عليهم في ظل الظروف الراهنة استعادة الزخم الثوري لمواجهة فلول الإمامة الحوثية التي تريد استعادة الحكم الكهنوتي البغيض.

 

 

إن الدروس الثورية والنضالية لثورتي سبتمبر وأكتوبر تعكس بجلاء تلاحم أبناء اليمن الذين صنعوا المعجزات وقادوا معاركهم المتواصلة أولاً للدفاع عن ثورة سبتمبر ثم لتفجير ثورة أكتوبر فسالت دماء أبناء ردفان ويافع والضالع وأبين وعدن في جبال صنعاء وحجة وعمران والمحويت دفاعاً عن ثورة سبتمبر وامتزجت دماء أبناء تعز وصنعاء والحديدة وإب وردفان وعدن وأبين والضالع ويافع وشبوة وحضرموت في شوارع عدن في جنوب الوطن، فكانت عنواناً لواحدية الثورة اليمنية.

 

 

 

فكم نحن اليوم بحاجة إلى استدعاء التاريخ والفكر والبطولات والمواقف الثورية اليمنية وتلقينها الشباب ومحاربة أعداء الثورة والانتهازيين الحالمين بكانتونات طائفية مذهبية ومشيخات وسلطنات وهذا يستدعي الاعتراف بأخطاء الثورة والوحدة بصدق وموضوعية والعمل على مُعالجتها بتجرّد وإبراز البطولات الثورية اليمنية والمواقف الفكرية والنضالية للثوار، وخاصة تلك التي تبيّن واحدية الثورة.

 

 

في الجنوب ظلت ثورة أكتوبر تضغط على الدولة " بالروح بالدم نفديك يايمن ، نفديك يا صنعاء نفديك يا عدن" وهذا ما يجب ان تظل عليهما روح سبتمبر واكتوبر الخالدتين مشعلا حرية يتقدان في وجدان اليمنين جيلا بعد جيل.


آخر الأخبار