السبت 4 مايو 2024
الرئيسية - كتابات - الغاز.. معاناة لا تنتهي!
الغاز.. معاناة لا تنتهي!
الساعة 02:09 صباحاً


عبد العزيز الويز*

بقيت أفتش عن اسطوانتي في زحمة اسطوانات متراصة داخل مخزن , غير مهتم بالوقت المستغرق في مهمة البحث , ومشقة الوقوف على ساقين بالكاد تحملين نصف جسد.



ذلك أن مادة الغاز المنزلي بما تمثله من اهمية، كواحدة من أساسيات الحياة المعيشية، ودعائم الأمن الغذائي والاستتباب النفسي، تستحق أن نفرد لها أكثر من جهد ووقت هام , فضلا عن بلوانا بوكيل نقطة بيع لا يتمتع بأدنى سمات الناس النبلاء ,او الكائنات الأليفة, يجعلك ترجأ أخذ اسطوانتك الى وقت أفضل.

هو لا يكره ابتلاعنا بعد أن استسهل ابتلاع غازنا! .

كان الزحام في ذروته، ولم يتوقف مواطنو الحارة عن التوافد الى المكان مشدوهون وقلقون ,الكل يريد أن يطمأن , ويعود الى بيته برفقة اسطوانته, غير مكترث بزيادة السعر او نقص الوزن.

الاسطوانات هي الاخرى لم تكن لتهتم لذلك، او لتومئ لصاحبها ليهتدي الى اسمه عليها ويرتاح.

دون مساعدبن خبراء بالخط الفارسي، والقراءة من على اسطوانات صدأة في مخزن بلا شاقوص ضوء, لا يمكنك الاهتداء بسهولة الى "دبتك" كما يسميها حسين جعوش بقرع المشفرين.

كان حارس المخزن الوسيم والظريف عبدالرحمن المفلحي يبتسم لي من عند باب المخزن ,وقد أدركه الانهاك كلما ارسلت اليه صوتا استفسر فيه عن طريق أسرع يوصلني الى اسطوانتي دون عناء.

كنت أقرأ في ابتسامته، التي لا يضطر معها إلى إظهار اسنانه, اعتذار كاف للاستمرار بالبحث برضى وصبر.

كان الواحد منا يفرح حين يقرأ اسمه في لوحة اسماء الاوائل، او في صحيفة بارزة نشرت له مادة صحفية، او ضمن الفائزين بجائزة ذات قيمة ومعنى, او على غلاف كتاب من تأليفه.

هذا كان قبل الحرب التي ترفض أن تنطفأ، ومصممة على إطفاء حياتنا تماما.

بعد الحرب أصبح المرء يفرح بمجرد ان يقرأ اسمه على أسطوانة غاز، او في كشف مساعدات، او في رسالة SMS بصرف نص راتب كل نصف سنة.

الأن اقرأ فرحتي في مخزن اسطوانات غاز، لقد عثرت على دبتي ممتلئة مكتوب عليها اسمي بعد حرمان طويل لمواطني الحارة.

 

* من صفحة الكاتب على (فيسبوك)


آخر الأخبار