الخميس 28 مارس 2024
الرئيسية - بوابتي الدينية - مشروع قانون «الانفصالية الإسلاموية» يثير جدلاً واسعاً في فرنسا
مشروع قانون «الانفصالية الإسلاموية» يثير جدلاً واسعاً في فرنسا
مسلمين في فرنسا
الساعة 01:01 صباحاً (بوابتي/ الشرق الأوسط)

 

مرة جديدة، يعود ملف الإسلام في فرنسا إلى واجهة الجدل، ولكن هذه المرة في البرلمان، بعد أن انطلقت مناقشات مشروع قانون «الانفصالية الإسلاموية» تحت مسمى «مشروع قانون تعزيز مبادئ الجمهورية». وبعد أن نجحت السلطات الفرنسية في دفع المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية لتبني «شرعة مبادئ الإسلام». الأمر الذي سيفتح الباب لإنشاء «مجلس الأئمة»، وستكرس الحكومة، ممثلة بوزراء الداخلية والعدل والتربية والمواطنة، جهودها في الأسبوعين المقبلين لمناقشة مشروع القانون المذكور الذي ستصوت الجمعية الوطنية عليه في قراءة أولى، قبل أن ينتقل إلى مجلس الشيوخ.



المشروع المذكور اجتاز امتحاناً أولياً في لجنة القوانين. ومنذ البداية، انصبت الانتقادات على المشروع من اليمين واليسار، حتى من داخل الأكثرية النيابية. فمن جهة، اعتبر اليمين الكلاسيكي ممثلاً بحزب «الجمهوريون» واليمين المتطرف «التجمع الوطني» أن المشروع «لا يذهب بعيداً» في محاربة «الانفصالية الإسلامية» التي تعني قيام بؤر مجتمعية تتبنى قيماً مغايرة عن قيم الجمهورية، ولا تحترم مبدأ العلمانية، الذي يعد إحدى ركائز الجمهورية، الناظم العلاقة بين الدولة المدنية والأديان. وفي هذا السياق، رأى داميان آباد، رئيس مجموعة نواب «الجمهوريون»، أن المشروع الحكومي جاء «مبتوراً» لأنه «يهمل مسألة الهجرات والتطرف في السجون وفي الشركات الخاصة».

وقدّمت مارين لوبن، زعيمة اليمين المتطرف، مشروعاً منافساً يذهب بعيداً فيما تعتبره محاربة «الآيديولوجيات الإسلاموية»، ومما تقترحه منع ارداء الحجاب في الفضاء العام، وهو ما لا يحرمه القانون الفرنسي الحالي.

وبعكس التيار الغالب داخل الأكثرية، والذي يدافع عن الطرح الحكومي، ويعتبر مشروع القانون «متوازناً»، فإن بعض اليسار واليسار المتشدد يصب جام غضبه عليه ويعد أنه يستهدف تحديداً الإسلام والمسلمين، ويزيد من الشروخ بين الفئات المكونة للمجتمع الفرنسي، وتغيب عنه وعود الرئيس ماكرون بمعالجة المشكلات الاجتماعية والاقتصادية والممارسات التمييزية، وأحياناً العنصرية التي تعاني منها فئات من المهجرين وأبنائهم والغيتوات التي تتشكل في ضواحي المدن الكبرى.

ويربط عدد من المحللين بين طرح هذا المشروع واقتراب موعد استحقاقات انتخابية، أهمها إطلاقاً الانتخابات الرئاسية التي ستجرى في ربيع العام المقبل. وتفيد استطلاعات الرأي المتوافرة في الوقت الحاضر أن المنافسة النهائية ستنحصر، كما في الانتخابات السابقة بين ماكرون وزعيمة اليمين المتطرف مارين لوبن، وبالتالي فإن الرئيس الحالي بحاجة لإبراز أنه يتمتع بـ«قبضة حديدية» وليس متساهلاً في المسائل الأمنية، ولا في محاربة الإسلام الراديكالي المتطرف الذي يعد المدخل للإرهاب الذي تعاني منه فرنسا. وفي كلمته الافتتاحية أمام النواب، عدّ جيرالد دارمانان، وزير الداخلية وشؤون العبادة، أن فرنسا «مصابة بداء الانعزالية الانفصالية»، وأن التطرف الإسلامي «يقضي على وحدتنا الوطنية».

وبرأيه، فمن الواجب «تشخيص الداء والعثور على الدواء». وسارع وزير الداخلية إلى تأكيد أن مشروع القانون «ليس ضد الأديان»، بل إنه موجه ضد «التطرف الإسلامي» ما يبين أن المقصود حقيقة منه وبالدرجة الأولى معالجة النزعات الراديكالية الإسلاموية، وما تراه السلطات تسخيراً للإسلام لأغراض سياسية وما تسميه «الإسلام السياسي». وقد بدأت وزارة الداخلية باتخاذ مجموعة من الإجراءات ضده، منها إغلاق مساجد وترحيل أجانب متهمين بالراديكالية وحل بعض الجمعيات. وكشف وزير العدل أريك دوبون موريتي أن الغرض الحقيقي للحكومة من التشريع المطلوب هو إيجاد «الأساس القانوني» الذي يمكن السلطات من توفير «استجابة جزائية ملائمة، سريعة ومنهجية» للذين يسيرون في خط الانعزال «خارج أطر الجمهورية».

تقول «مقدمة» مشروع القانون إن الهدف منه مواجهة «التسلل الطوائفي الذي يغلب عليه الطابع الإسلاموي من أجل غرض سياسي واضح ومحدد ذي طابع ديني - سياسي، هدفه تغليب المعايير الدينية على القوانين العامة»، وهو بذلك «يوفر الأرضية الخصبة» لاعتداءات إرهابية، ولدينامية انفصالية تقوم على التخريب في الأحياء، ومنها المدرسة والجمعيات والبني الخاصة بممارسة العبادات، في إشارة إلى المساجد وقاعات الصلاة.

أما في المضمون، فإن النص يكرس 10 بنود لحماية العلمانية وحيادية الخدمات العامة كشبكات النقل ومراكز الرعاية الاجتماعية والتأهيل المهني وكل هيئة أو إدارة تؤمن خدمة عامة وتعطي السلطات الإدارية (المحافظ، مدير الشرطة) صلاحيات واسعة. وينص أحد البنود على ضم كل من يمجد أو يروج ويدعو إلى الإرهاب على سجل الأشخاص الذين ارتكبوا مخالفات «إرهابية» أو هم ملاحقون بتهمة كهذه. وثمة «6 بنود» تعالج موضوع الجمعيات، وتفرض عليها التزاماً بالمبادئ الجمهورية، وتمكن السطات من ملاحقتها مالياً وضريبياً وتعزيز شفافية أداء دور العبادة ومصادر تمويلها.

ويفرد المشروع فصلاً لتقييد تعليم الأولاد في الكنف المنزلي، الأمر الذي تعارضه المؤسسات الدينية وممثلي الأديان، ويفرض مزيداً من الرقابة على المدارس الخاصة، وتحدياً تلك غير المرتبة بعقد مع وزارة التربية. ويأتي النص على طائفة من التدابير، منها التركيز على التكافؤ في توزيع الإرث ومنع تعدد الزوجات والزيجات القسرية وتوفير شهادات العذرية.


آخر الأخبار