الأحد 5 مايو 2024
الرئيسية - طب وصحة - منها جلطات غير مألوفة للغاية.. الغموض يكتنف الآثار الجانبية المحتملة للقاح "أسترازينيكا"
منها جلطات غير مألوفة للغاية.. الغموض يكتنف الآثار الجانبية المحتملة للقاح "أسترازينيكا"
الساعة 09:16 مساءً (متابعات)

   

 



حتى الآن، لا تفسير لمشكلات الدم الخطيرة والنادرة التي ظهرت على أشخاص تلقّوا لقاح "أسترازينيكا" المضاد لـ"كوفيد-19"، خصوصاً أن المشكلات التي لوحظت ليست تخثرات عادية (تكوّن جلطات دموية) كما تم الإبلاغ في البداية، بل ظاهرة "غير مألوفة للغاية"، وفق ما تؤكد وكالة الأدوية الفرنسية.

 

ووفق الوكالة، يتعلق الأمر بـ"جلطات في الأوردة الكبيرة، غير مألوفة في مكان وقوعها (الدماغ في الأغلب، ولكن أيضاً في الجهاز الهضمي)، يمكن أن تقترن بنقص الصفائح (الدموية) أو اضطرابات تخثر" مع حدوث نزيف.

 

وكان معهد بول إيرليش الطبي الذي يقدم المشورة للحكومة الألمانية، أول جهة أشارت منتصف مارس (آذار) الماضي إلى "تراكم لافت لشكل محدد من الخثار الوريدي الدماغي شديد الندرة، مرتبط بنقص الصفائح الدموية".

 

ووفقاً للمتخصصين، يذكّر ذلك بظاهرة تُسمّى بـ"التخثر المنتشر داخل الأوعية".

 

وأوضح أخيراً لـ"وكالة الصحافة الفرنسية" اختصاصي الأمراض المعدية أوديل لوناي، عضو لجنة لقاحات "كوفيد" التي أنشأتها الحكومة الفرنسية، أنها "متلازمات استثنائية للغاية، تظهر في حالات تعفّن الدم الخطيرة" (التهابات شديدة) ويمكن أن تؤدي إلى "جلطات ونزيف".

 

لا صلة سببية مثبتة

 

أكدت وكالة الأدوية الأوروبية الأربعاء أنه "لم يتم إثبات أي صلة سببية (باللقاح)، لكنها ممكنة ويتم حالياً إجراء تحليلات إضافية". وستجتمع الوكالة مجدداً للنظر في المسألة بين 6 و9 أبريل (نيسان) الحالي.

 

لكن متخصصين آخرين في أنحاء أوروبا أصدروا آراء أكثر قطعيّة.

 

وصرّح أندريه هولمي، وهو مسؤول في مستشفى أوسلو الوطني يعمل على هذه الحالات، في تصريح لتلفزيون "تي في2" النرويجي في 27 مارس أنه "يجب أن نوقف التكهن بما إذا كان هناك ارتباط أو لا. جميع الحالات ظهرت عليها الأعراض بعد ثلاثة إلى عشرة أيام من تلقّي لقاح أسترازينيكا. لم نجد أي عامل سببيّ آخر".

 

وقال المسؤول الصحي النرويجي شتاينار مادسن "تقدّر وكالة الأدوية النرويجية أنه توجد صلة محتملة باللقاح".

 

وأكدت وكالة الأدوية الفرنسية في 26 مارس أن ذلك احتمال "نادر" بناءً على "الطبيعة غير النمطية لهذه الجلطات، وأعراضها السريرية المتشابهة والوقت المتقارب لظهورها".

 

حالات متعددة

 

وفق الأرقام التي نشرتها وكالة الأدوية الأوروبية الأربعاء، أُحصيت حتى الآن 62 حالة تخثر وريدي دماغي في العالم، 44 منها في 30 بلداً ضمن المنطقة الاقتصادية الأوروبية (الاتحاد الأوروبي وأيسلندا والنرويج وليشتنشتاين) على 9.2 مليون جرعة لقاح مستعملة.

 

وقد سجلت 14 وفاة، من دون أن تُعزى دائماً بشكل موثوق إلى الجلطات غير النمطية، وفق ما صرّحت مديرة الوكالة إمير كوك خلال مؤتمر صحافي عبر الإنترنت الأربعاء.

 

وأوضحت الوكالة أن تلك المعطيات جزئية.

 

وفي ألمانيا، سجلت 31 حالة يشتبه في إصابتها بالتخثر الوريدي الدماغي (19 منها مصحوبة بانخفاض في عدد الصفائح الدموية) وتسع حالات وفاة، وفق معهد بول إيرليش. يمثل ذلك معدل حالة واحدة لكل 100 ألف جرعة من لقاح "أسترازينيكا" (استعملت 2.8 مليون جرعة).

 

أبلغ أيضاً عن حالات في فرنسا (12 بينها أربع وفيات، من أصل 1.9 مليون جرعة وفق وكالة الأدوية الفرنسية)، وفي النرويج (خمس حالات بينها ثلاث وفيات، من أصل 120 ألف جرعة) وكذلك في هولندا.

 

أما في المملكة المتحدة التي تستعمل لقاح "أسترازينيكا" على نطاق واسع، فأعلن السبت عن 30 حالة بينها سبع وفيات، من بين 18.1 مليون جرعة مستعملة.

 

فوائد اللقاح

 

لكن كما هي الحال مع أي دواء، فإن معرفة المخاطر لا تكفي، إذ يجب مقارنتها بالفوائد التي يوفّرها المنتج.

 

كررت الوكالة الأوروبية للأدوية الأربعاء موقفها الذي أعلنته في 18 مارس إثر رصد أولى الحالات، وقالت إن "فوائد لقاح أسترازينيكا في الوقاية من كوفيد-19 الذي يؤدي إلى حالات الاستشفاء والوفيات، تفوق مخاطر الآثار الجانبية".

 

حتى الآن، ظهرت معظم الحالات على أشخاص دون سن الـ65 وغالبيتهم نساء. لكن لا يمكن استخلاص أي استنتاج من ذلك، لأنه قد يكون نتيجة تطعيم الشباب به بشكل أساسي في بداية حملات التحصين.

 

إضافة إلى ذلك، قد يكون ارتفاع نسبة النساء بين الحالات المبلّغ عنها مرتبطاً بكثرة استعمال اللقاح في تطعيم الموظفين الصحيين، وهي فئة ذات أولوية، ويكثر حضور النساء في أوساطهم.

 

 

وتعتبر وكالة الأدوية الأوروبية أنه "حتى الآن، لم تحدد الاختبارات أي عوامل خطر معيّنة لهذه الحالات النادرة جداً، مثل العمر أو الجنس أو التاريخ الطبي بما في ذلك مشكلات تجلط الدم".

 

مع ذلك، وبعد الموجة الأولى لتعليق استعمال اللقاح منتصف مارس، قررت بعض البلدان عدم إعطائه  لأشخاص دون سنّ معينة.

 

ألمانيا هي آخر الدول التي قررت الثلاثاء تقييد استخدام اللقاح لمن هم دون عمر الـ60، فيما علّقت كندا استخدامه لمن هم دون عمر الـ55. وكانت قد سبقتهما فرنسا (55 سنة) والسويد وفنلندا (65 سنة).

 

قالت عالمة الفيروسات في جامعة غوته في فرانكفورت ساندرا سيسيك في مجلة "ساينس"، "ليس لدينا لقاح واحد فقط، بل لقاحات عدة. لهذا السبب يبدو لي تخصيص أسترازينيكا لكبار السن أمر منطقي".

 

واتخذت النرويج والدنمارك خياراً أكثر جذرية من خلال تعليق استعمال لقاح "أسترازينيكا" بشكل كامل في الوقت الحالي.

 

دواء "هيبارين"

 

في دراسة نُشرت على الإنترنت في 28 مارس، لم يتم تقييمها بعد من علماء آخرين، قارن باحثون ألمان ونمساويون المسألة بظاهرة أخرى معروفة.

 

وقال الباحثون، الذين قادهم أندرياس غرينشر (جامعة غرايفسفالد)، إن الظاهرة المرتبطة باللقاح "تشبه سريرياً ضعف الصفائح نتيجة دواء هيبارين"، وهو ردّ فعل مناعي غير طبيعي وشديد ونادر يحدث لدى بعض المرضى عند تلقّي عقار هيبارين المضاد للتخثر.

 

وكان فريق في مستشفى أوسلو الوطني قد قدّر في 18 مارس أن تلك الحالات يمكن تفسيرها بأنها نتيجة "استجابة مناعية قوية" تجاه اللقاح.

 

بدوره، يعتبر تجمّع الأطباء والباحثين الفرنسيين الذي يحمل اسم "دوكوتي دو لاسيانس" (في صفّ العلم) أن الحالات ناتجة من "رد فعل مناعي شديد"، ويطرح فرضية مبتكرة، مفادها بأنه من الممكن أن تكون نقطة البداية "الحقن العرضي للقاح في وريد في العضلة الدالية" (في الكتف).

 

ويضيف في منشور على موقعه الإلكتروني أنه "في ظل وجود عوامل لم يتم تحديدها بالكامل"، فإن "الحقن الوريدي العرضي... من شأنه أن يؤدي إلى ردّ فعل مناعي متباين".


آخر الأخبار