الخميس 28 مارس 2024
الرئيسية - صحافة - صحفيو اليمن يهجرون مهنتهم إلى اعمال حرة
صحفيو اليمن يهجرون مهنتهم إلى اعمال حرة
صحفيو اليمن يهجرون مهنتهم إلى اعمال حرة
الساعة 03:34 مساءً (متابعات )

أيام قليلة في أحد عنابر البحث الجنائي كانت كافية لإبعاد الصحفي إبراهيم علي -اسم مستعار- عن عمله ومهنته بشكل عام، بعد أن اقترب من خطر الوصول إلى "عنبر الشيوخ"، الذي يخصصه الحوثيون للتحقيق وتعذيب الصحفيين غير المنتمين للجماعة، ولمن يعارضونهم أو حتى يخالفوهم في الرأي.

حاليا يعمل "علي" مندوباً للمبيعات في إحدى الشركات التجارية، ومثله سار الكثير من الصحفيين في درب البحث عن أعمال أخرى، بعدما ضيّقت المليشيات الخناق عليهم، وحوّلتهم من شهود على الأحداث إلى متهمين.



•مخاطر

"من الصعب أن تكون صحفياً في صنعاء حتى وإن كنت متخصصاً في المجال الاجتماعي أكثر منه في الأخبار والسياسة"، يقول علي الذي كان من حسن حظّه أن أهله تمكَّنوا من الوصول إلى واسطة للإفراج عنه بكفالة وبالتزام يتعهّد فيه بعدم العمل مجدداً في الصحافة.

ويضيف:"في اليمن عموما، ومنذ بداية الحرب، أصبح على الصحفي أن يكون حذراً، حيث تضيّق الأطراف المتصارعة على الصحفيين المُقيمين في نطاق سيطرتها، ما لم يكونوا منتمين لها، أو يعملون وفقاً لأجندتها".

 بحسب تقارير ومنظمات دولية، تُعتبر اليمن واحدة من أشدّ البلدان خطراً على الصحفيين في العالم، حيث يواجهون مخاطر كبيرة، من القتل إلى الاختطاف والاعتقال والتضييق، والتهديدات المختلفة من مختلف الأطراف.

•الأمان أولاً

رغم حصوله على كثير من الفرص في العمل الصحفي، يتمسّك "ر.س" بعمله في أحد المطاعم بصنعاء، مفضلاً مشقة الحصول على رزق أولاده بأمان، على العمل في المِهنة التي كانت حلمه الأكبر قبل أن تتحوّل إلى مصدر أول للخطر على منتسبيها في ظل الحرب وسيطرة مليشيات تجد في الحقيقة خطراً يتهدد حكمها، وترى الكلمة عدواً لا يستهان به، إن لم يكن أشدّ خطراً من العدو "العسكر"، كما قال قائد المليشيات في خطاب تحريضي على الصحفيين في بداية الحرب.

وعن أسباب تحوّله من مِهنة الصحافة إلى العمل بالأجر اليومي في مِهنة تتطلب منه الكثير من الجهد مقابل عائد مادي بالكاد يفي بمتطلبات أسرته، يقول: "تلقيت رسائل وتهديدات من زملاء ينتمون للحوثيين، على خلفية منشورات في الفيسبوك، ولأنّي لا أستطيع التوجّه إلى مدينة أخرى بحكم ارتباطي بالعائلة، وكوني أنا العائل الوحيد لأمي وزوجتي وأولادي، فضّلت العمل بأمان على أن أخاطر بمصيري ومستقبلهم".

•تورّط الأطراف

من جانبه، يعبِّر هيثم ناجي، الذي ترك الصحافة بدوره واتجه إلى العمل في الخياطة، عن ارتياحه للعمل الذي يكسب منه قوت يومه بعرق جبينه، وذلك بالنسبة له: "أفضل من العمل لصالح فصيل معيّن، بغضّ النظر عن مساوِئه أو التودد لطرف".

ويضيف: "للصحافة وجهان: وجه بِناء يخدم المجتمع، وهو نادر وفريد، ووجه آخر يخدم أصحاب المشاريع السياسية ويحقق أهدافهم، وهو السائد، وهو ما جعل أصحاب المشاريع الضيّقة من امتلاك رقاب الكثير من الصحفيين".

وفيما تؤكد تقارير محلية ودولية ضلوع مليشيات الحوثي، بشكل أكبر، في التضييق على الصحفيين ووسائل الإعلام في مناطق سيطرتها، يشير ناجي إلى ضلوع الأطراف الأخرى كالحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي المدعوم إماراتيا في الانتهاكات المرتكبة ضد الصحفيين، مؤكدا أن الصحافة الحرة غالباً ما تكون مستهدفة من أصحاب المشاريع الضيّقة في الحروب المعقّدة كالحرب في بلادنا.

•أكشاك.. للحقائب والأحزمة

وللتدليل على الانهيار الذي وصلت إليه الصحافة في صنعاء، يشير مهيب محمد -اسم مستعار- وهو صحفي عمل لفترة طويلة في بيع الصحف، ويعمل حالياً سائق باص، إلى أكشاك الصحافة في صنعاء، التي تحوّلت إلى بيع أشياء أخرى كالحقائب والأحزمة والمسابح، نظراً لأن بيع الصحف انهار بشكل تام.

"الأمر لا يخلو من دلالة، ويعكس الصورة السيِّئة والمحبطة التي وصلنا إليها"، يقول محمد.

ويضيف:  "منذ سيطرة الحوثيين على صنعاء بدأت الصحف تتناقص حتى وصلنا إلى صحافة الصوت الواحد، وهذا ما دفع الكثير من الصحفيين إلى الهجرة خارج البلاد، وممارسة عملهم من الخارج، أو الهجرة من الصحافة والتحوّل إلى أعمال أخرى لمن لم يستطيعوا مغادرة البلاد"

 

 


آخر الأخبار