الاربعاء 24 ابريل 2024
الرئيسية - منوعات - سيناريوهات لغرق مدينة الاسكندرية المصرية أو إنقاذها.. ما هي؟
سيناريوهات لغرق مدينة الاسكندرية المصرية أو إنقاذها.. ما هي؟
الساعة 09:37 صباحاً (وكالات)

تقف الإسكندرية، "عروس" البحر المتوسط التاريخية شمالي مصر، في مرمى 5 سيناريوهات بين احتمال الغرق أو البقاء، في معركة قديمة اتجهت إليها الأنظار بشدة أخيرا إثر تحذير بريطاني رسمي من احتمال غرق المدينة مع مدينتي ميامي الأميركية وشنغهاي الصينية.

 



فخلال مشاركته في مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي بمدينة غلاسكو الأسكتلندية -ينتهي 12 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري – قال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إن "ارتفاع الحرارة بمقدار 4 درجات فقط سيجعلنا نقول وداعا لمدن بأكملها هي ميامي والإسكندرية وشنغهاي، كلها ستغرق تحت المياه".

 

هذا التحذير أعاد تسليط الأضواء -وفق رصد وكالة الأناضول- على دراسات ومخاوف مصرية ودولية تحدثت قبل أعوام عن خطر يهدد مناطق في الإسكندرية؛ جراء ارتفاع منسوب المياه بسبب زيادة درجات الحرارة نتيجة للتغير المناخي، وذلك بالتزامن مع إجراءات لحماية المدينة تقول السلطات المصرية إنها مستمرة منذ سنوات.


 

ووفق أكاديمي مصري متخصص في هندسة السدود مقيم خارج البلاد، تحدث للأناضول، يوجد سيناريوهان لاختفاء الإسكندرية هما: النحر (التآكل) والغرق؛ الأول واضح ومعروف، أما الثاني فملامحه تتشكل ببطء، مقابل سيناريو ثالث لبقائها، عبر ردم مساحات على شواطئ المدينة التاريخية بالرمال.

 

ويضاف إلى سيناريو الردم أو التغذية بالرمال سيناريوهان آخران لحماية الإسكندرية تقول الحكومة إنها تعمل عليهما, منذ سنوات، أحدهما فني متعلق بوضع حواجز خرسانية وعن طريق أجهزة التنبؤ المبكر، أما الثاني فبيئي يختص بدعم المشاريع الخضراء للحفاظ على البيئة، ومن ثم مواجهة التغير المناخي.

 

والإسكندرية مدينة ساحلية تاريخية أسسها "الإسكندر الأكبر" قبل أكثر من ألفي عام، وتُعرف باسم "عروس البحر المتوسط" الذي يحيط بها من 3 جوانب، وتقع في جنوبها بحيرة مريوط، ولها ميناء شهير، وعايشت عصورا تاريخية عديدة، ويقطنها نحو 5.5 ملايين نسمة حتى 13 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

 

أولا: سيناريوهان للاختفاء

وعن مصير الإسكندرية، قال محمد حافظ، أكاديمي مصري متخصص في هندسة السدود والسواحل الطينية بإحدى جامعات ماليزيا، "ربما يستمر النحر (التآكل) ويمتد ويتوسع بساحل الإسكندرية بوتيرة بطيئة لكنها مؤثرة، وذلك يتسبب مع مرور السنين في حدوث السيناريو الثاني، وهو احتمال غرق شواطئ ومناطق منخفضة في المدينة".

 

حافظ، وهو أحد أبناء الإسكندرية، حذّر في حديثه للأناضول من أن معدلات النحر ستزيد تزايدا كبيرا مع الوقت؛ بسبب ارتفاع سطح البحر سنويا بين 10 مليمترات و15 مليمترا، والدليل على ذلك إضافة كميات جديدة من الحواجز الخرسانية كل عام.

 

وتابع أن الحواجز أيضا تتعرض مع الوقت للنحر من أسفلها، وذلك يجعلها تشهد هبوطا غير منتظم، ويستمر زحف ماء البحر مع ارتفاع منسوبه فوقها، وذلك يهدد كامل الساحل بأن تلتهمه أمواج ضخمة.

 

وحذّر حافظ من أن هذه الأمواج الضخمة لن تترك أي منطقة منخفضة إلا ستغطيها، وسينتج عن ذلك ارتفاع منسوب المياه الجوفية (المالحة) وتوغلها تحت أساسات البيوت، فضلا عن تعمقها على امتداد كيلومتر واحد داخل المدينة، وتفاقم أعطال شبكات الصرف وتهديد مساحات زراعية.

 

وأوضح أن الغرق المحتمل سيشمل كل المناطق المنخفضة في الإسكندرية وليس المدينة كلها، حيث ستغرق تحت عمود مياه يراوح بين 0.5 و1.5 متر حتى نهاية القرن الحالي، وذلك سيؤدي إلى اختفاء الشواطئ ذات المنسوب المنخفض شرقي وغربي الإسكندرية، مثل "المندرة" و"المنتزه" و"الأنفوشي "وهي فعليا تقع على منسوب يقارب الصفر.

 

وأضاف أن ارتفاع أمواج البحر في الإسكندرية كان لا يتعدى في السنوات السابقة 8 أمتار أثناء أسوأ نوة (عاصفة) شتاء، أما حاليا فنسمع أرقاما رسمية تتحدث عن 10 أمتار و15 مترا.

 

ومؤكدا تهديد الأمواج، قال محافظ الإسكندرية محمد الشريف، في تصريح متلفز الأسبوع الماضي، إن "المدينة تعرضت لسيول وفيضانات كبيرة منذ 2015، وتزداد كل عام وتؤدي إلى أمواج عاتية مع النوات (العواصف)".

 

وتوقع حافظ ألا يحدث احتمال الغرق قبل نهاية القرن الحالي (الـ21)، محملا التغيرات المناخية وسرعة الرياح وارتفاعا متوقعا لمنسوب البحر المسؤولية الكاملة المحتملة للغرق.

 

وأشار إلى أنه إذا حدث ذلك فسيكون الغرق الثاني في تاريخ الإسكندرية، إذ سبق أن تعرضت قبيل عصرها الإسلامي لفيضانات أغرقتها، بما فيها منارة الإسكندرية، التي عثر عليها تحت مياه الميناء الشرقي وعُرفت باسم "قصور كليوباترا الغارقة".

 

وحسب تقارير صحيفة مصرية، فإن دراسات لمنظمات دولية سبق أن حذرت من خطر احتمال غرق الإسكندرية بسبب التغيرات المناخية، ومنها تقرير لمنظمة التنمية الاقتصادية في 2009، ودراسة للبنك الدولي عام2007، لا سيما أن مناخ البحر المتوسط تحول من هادئ إلى ما يشبه مناخ الأعاصير، التي ضربت سواحل مدنه على غير المعهود والمتوقع.

 

ثانيا: 3 سيناريوهات للبقاء

مقابل سيناريوهي اختفاء الإسكندرية، عبر النحر والغرق، طرح حافظ سيناريو ثالثا لبقاء المدينة، وهو الردم، أي التغذية بالرمال، تماما مثلما فعلت هولندا لحماية أراضيها من الغرق، لكونها تقع في منسوب البحر. وأضاف حافظ للأناضول أن سيناريو الردم سيكون حماية مستقبلية حقيقية ومشروعا اقتصاديا متكاملا.

 

وتابع أن الردم بالرمال المتوفرة في قاع بحر الإسكندرية لا بد ألا يقل عن 4 أمتار فوق سطح البحر على طول ساحلها، لتكوين ما يشبه مدينة موازية بعرض 3 كيلومترات وطول 30 كيلومترا.

 

وأفاد بأنه عايش هذه الفكرة خلال عمله في شركات ردم البحر في ماليزيا، التي تقطع الرمال من قاع البحر وتردّه على الشاطئ، لإنشاء يابسة وأرض جديدة والاستفادة الاقتصادية منها.

 

وأردف "يمكن استخدام الردم في إنشاء جزر صناعية، مثل جزيرة النخيل في إمارة دبي، التي بنيت تماما من رمال قطعت من قاع الخليج العربي، وكذلك بناء مطار هونغ كونغ الجديد بعد ردم مسطح مائي وجعله يابسة".

 

وأوضح حافظ أن الإسكندرية لم تكن موجودة في عهد الفراعنة (قدماء المصريين)، وبناها الإسكندر الأكبر في 330 ق.م عبر ردم البحر بين جزيرتين، فهي بالأصل أول مدينة في هذا الكون تبني بتكنولوجيا ردم البحر قبل 2330 عاما مضت، ولأهميتها التاريخية فهي مرشحة اليوم لتلعب دورا تجاريا مثل "جبل علي" في الإمارات أو سنغافورة.

 

وهذا سيناريو تعمل عليه مصر بالفعل، حيث قال العربي القشاوي، رئيس إدارة التنفيذ في هيئة حماية الشواطئ بوزارة الري، في مداخلة لفضائية مصرية الثلاثاء، إنه يجرى العمل على حماية الـ69 كيلومترا الأكثر احتياجا على سواحل الدلتا من مخاطر تغير المناخ وارتفاع سطح البحر.

 

وأفاد بأنه "تم الانتهاء من نحو 60%من هذا المشروع، فقد نفّذت جسور رملية تمثل حماية 100%، وتم تشكيلها من نواتج تكريك (تجريف) بحيرة البرلس (شمال)، لتجميع الرمال بفعل الرياح في المواسم التي تهب فيها لتشكيل كثبان رملية".

 

وبجانب هذا السيناريو، يوجد سيناريوهان رسميان آخران لحماية الإسكندرية، أولهما فني قائم على إنشاء حواجز خرسانية أو ألسنة (ممر) وسط البحر لمواجهة النحر، ضمن مشاريع حماية وإقامة أنظمة تنبؤ مبكر فعالة، وثانيهما سيناريو بيئي عبر دعم مشاريع خضراء تتصالح مع البيئة.

 

وفي تصريح متلفز الأربعاء، قال وزير الري المصري محمد عبدالعاطي، إن السيناريوهات التي تحدث عنها جونسون "ليست مفاجئة" ومعلومة ومرسوم خطة مواجهتها منذ سنوات، مشددا على أن تحركات الحماية الحكومية ستحول دون غرق الإسكندرية.

 

وقال جاد القاضي، رئيس المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية، في تصريح صحفي الجمعة الماضية، إن الدولة تبذل قصارى جهدها لمواجهة التغيرات المناخية، عبر التوسع في زراعة المسطحات الخضراء، إلى جانب التوسع في استخدام بدائل للطاقة المتجددة.

 

كما كشفت وزيرة البيئة المصرية ياسمين فؤاد، في تصريح متلفز، أن وزارة الري "خصصت أكثر من 7 مليارات جنيه (445 مليون دولار) في السنوات الخمس أو الست السابقة لعمل إجراءات حماية في الشواطئ المصرية، خاصة الإسكندرية، أو تنفيذ جهود كبيرة على صعيد (أجهزة) الإنذار المبكر".

 

ومن أبزر المشاريع الحالية في الإسكندرية، وفق تقارير صحفية محلية، حماية محيط قلعة "قايتباي" التاريخية من الأمواج العالية والنحر المستمر في الصخرة الرئيسية المقامة عليها، عبر تنفيذ حائط أمواج بطول 520 مترا، وإنشاء مرسى بحري بطول 100 متر، وممشى خرساني بطول 120 مترا، ولسان حجري بطول 30 مترا، فضلا عن تغذية غرب القلعة بالرمال.

 

ولمواجهة عمليات النحر التي تسببت في حدوث تصدعات جزئية للحائط البحري الأثري، تتم إنشاءات عديدة أبرزها حائط بحري بطول 280 مترا من الأحجار المتدرجة والكتل الخرسانية.

 

كما يتم تدعيم وتطوير كورنيش الإسكندرية بإنشاء حائط بحري بطول 835 مترا، فضلا عن إنشاء سلسلة من الحواجز الغاطسة وألسنة بحرية على شكل حرف "إل" (L) وأرصفة بحرية.

 

المصدر : وكالة الأناضول


آخر الأخبار