الخميس 25 ابريل 2024
الرئيسية - كتابات - معركة مأرب.. وجه النصر الخفي
معركة مأرب.. وجه النصر الخفي
معركة مأرب.. وجه النصر الخفي
الساعة 05:52 صباحاً (عبد السلام محمد )

بالنظر إلى معركة مأرب ، سأتجنب هنا الإشارة إلى الحجم الهائل لخسائر الحوثي البشرية، ولكن هناك خسائر أشد فتكا على مشروعه، وكلما واصل في مكابرته الاستمرار بالحشد اتجاه مأرب كلما قرب أكثر من السقوط الأبدي.

فمعركة مأرب بقدر ما غيرت نظرة العالم للحرب في اليمن وتحميل إيران المسئولية ، بعد أن كان المتهم الرئيسي في حرب اليمن هي السعودية ؛ بقدر ما بدأ حلفاء الحوثي يفقدون حماسهم اتجاه حسم المعركة لصالحهم.



وضع بايدن ملف اليمن هدية على مائدة المفاوضات مع إيران برفعه الحوثيين من قوائم الارهاب دون مقابل، ولكن طهران فهمت رسالة واشنطن عكسية على أن الملف اليمني سيرفع أسهم إيران إذا ما حدث تحول فيه، وهو ما جعل الايرانيون يدعمون حسم معركة مأرب، ولكنها تحولت إلى عبء عليهم أمام الأمريكان.

معركة مأرب باعتبارها المعركة الاستراتيجية الأخيرة لحلفاء إيران لوضع يدهم على اليمن، دفعت الحوثيين إلى كشف احتياطاتهم العسكري من القوى البشرية ومخازن السلاح وآليات الإمداد اللوجستي والدعم المالي بينهم وبين إيران.

‏كما أن حرب مأرب رفعت معنويات اليمنيين المصدومة من سيطرة الميلشيات.

صمود مأرب لم تدفع القوى اليمنية المتصارعة للتقارب فحسب ، بل دفعت دول الخليج إلى مراجعة حساباتها، وكذلك بدأ الأمريكيون والأوربيون يسألون أنفسهم ، ماذا لو سيطر الحوثي على مأرب؟ بين من ومن ستكون المفاوضات ؟ وكيف سيصنع السلام وسط ثارات وحروب أهلية متداخلة لا تستوعبها دولة؟

الحرب في مأرب أعادت تنظيم قوات الجيش والمقاومة عسكريا وأعادت التحالف إلى واجهة الحرب من خلال طيرانه الذي دمر أهدافا عسكرية كانت مناطق آمنة لتخزين السلاح النوعي وتدريب المقاتلين.

‏معركة مأرب حرمت الحوثي من السيطرة على منشئات النفط والغاز، والذي دفع هذا الثمن لن يسمح بأخذها مجانا.

ستظل معركة مأرب مصيرية لطرفي الشرعية والانقلاب محليا،وللسعودية وإيران إقليميًا.

‏أهمية مأرب على المستوى الدولي تضاعفت بشكل لافت، واستمرار الحوثيين في تهديد 3ملايين نازح، قد يدفع لنشوء تحالف دولي لحمايتها،في حال لم تؤثر الاجراءات التي بدأت في الحد من وصول السلاح الإيراني للميلشيات.

وفِي الأخير معركة مأرب التي سيخسرها الحوثيون حتما؛ هي التي ستقرر كيفية استعادة صنعاء، حربا أم سلما؟

‏فالأهم من كل ذلك دفعت مأرب ثمنا كبيرا في مقابل استعادة وعي اليمنيين بأهمية الجمهورية والدولة وإعادة تعريف الإمامة وحلفائها الإقليميين، والتأكيد أن اليمن مهمة لأمن المنطقة والعالم.

٨ تعليقات


آخر الأخبار