السبت 20 ابريل 2024
الرئيسية - كتابات - عن قصة عشق بين أمير وإمارة
عن قصة عشق بين أمير وإمارة
منطقة عسير
الساعة 08:16 صباحاً (عارف أبوحاتم)

منذ زمن بعيد؛ قلت ليتني أجد فرصة كافية للكتابة عن العشق المتبادل بين الأمير تركي بن طلال ومنطقة عسير.. ثمة عشق متبادل بين رجل ومدينة، بل بين أمير وإمارة.



كلما زرت عسير أجدها أَجَدُ مما تركتها عليه، بهية كالضحى، رائعة كضحكة طفل، حانية كظل الظهيرة.

للأمير تركي حضور وبصمة في كل شارع ومدرسة وحديقة وإضاءة ومشفى وجامعة.. رجل يرسم الخطوط العريضة ويحضر في التفاصيل الدقيقة.

تذهب باكراً إلى مدرسة باردة في أقصى غرب عسير فتجده واقفاً في الطابور المدرسي يسأل المدرس عن احتياجاته والطالب عن طموحه، يدخل الفصل المدرسي فما يلبث أن يلفت انتباهه تفوق طالب يمني، فيداعبه ويشجعه كأب فخور بأبنائه.

يتجول في المشافي في أوقات مباغتة، يسأل المريض عن ألمه بقلب ودود، ويسأل المختص عن دوره بحزم المسئول الصارم، ثم يوفق بين الواقع والإمكانيات ويدفع بالعجلة باتجاه المستقبل الأجمل.

في الجامعات يحجز مقعده بين الطلاب مستمعاً، وبين المسئولين محاضراً وموجهاً وراسماً لخارطة المستقبل الذي تنتظره عسير.

في الأوقات الرسمية إداري حازم وشديد الصرامة، وفي وقته الخاص واحدٌ من الناس: يحضر أعراسهم وعزاءهم ويزور مرضاهم، يتنقل بين أطراف إمارته سائلاً عن كل أحد.

يجمع شباب عسير ويستمع إليهم، يستكشف مواهبهم، يحثهم على العطاء، يقول لهم: أنتم رجال دولة المستقبل، أريد أن أرى المستقبل بعيونكم، أنتم بذرة الأمس وزهرة اليوم وثمرة الغد، قفوا كالنخيل، وتجاسروا كجبال عسير، كونوا كالضوء، خطوطٌ لا تنكسر، وإذا انكسرت ظلت مستقيمة لا تتبعثر ولا تتعثر.

تشتكي إليه شابة أن أحدهم رفض توظيفها لأن في صوتها تأتأة، فيخطف الميكرفون سريعاً ويعلن توظيفها سكرتيرة في مكتبه الخاص، أنه فن جبر الخواطر الذي قال عنه ابن القيم الجوزية: أجلُّ العبادات عند الله جبر الخواطر.

يجتمع بمثقفين وأكاديميين عرب وأجانب ويخوضون في قضايا فكرية وتاريخية كبيرة، فتجد الأمير تركي يعقب ويثري النقاش بالأسئلة العميقة والوازنة.

تعصف أزمة كورونا بدول كاملة، وبقيت المملكة رائدة لكل عمل إنساني، وأنا هنا شاهد عيان في أشياء كثيرة، شاهدت عشرات اليمنيين المصابيين يتلقون العلاج في أرقى المستشفيات، العامة والخاصة، تكاليفهم بلغت أرقام خيالية دفعتها الحكومة السعودية بالكامل، ومثلهم أبناء جميع الجنسيات، أما في عسير فقد كان أميرها الكريم سباقاً في العلاج وفي توفير آلاف السلال الغذائية لمن تضررت وظائفهم وحاصرتهم الحاجة.. أعطى مؤن غذائية لكثيرين بينهم قرابة ألف يمني ومن ماله الخاص كما أبلغني الوسط بينهما.

وبالأمس ‏استقبل الامير تركي بن طلال رؤساء الوفود الرياضية المشاركة في بطولة كأس العرب لمنتخبات كرة القدم تحت 20 سنة، وفي كلمته اللطيفة، أثنى على كل دولة بذكر أجمل ما فيها من حضارة وأرث وقيم تعتز بها، وحين وصل إلى اليمن قال: اليمن وما أدراك ما اليمن، أرض حمير وقتبان وأوسان وسبأ وظفار، ولم ينسَ أن يُذكّرَ بشاعرنا العظيم عبدالله البردوني.

تحية وإجلال لهذا الأمير الكبير الكريم.. لرجل ينتمي إلى زمن الكبار.. وطينة الكبار.


آخر الأخبار