الجمعة 30 مايو 2025
الرئيسية - أخبار الخليج - مواجهة مفتوحة بلا نهاية: هل تتجه إسرائيل نحو استراتيجية بعيدة المدى ضد الحوثيين؟ [ترجمة خاصة]
مواجهة مفتوحة بلا نهاية: هل تتجه إسرائيل نحو استراتيجية بعيدة المدى ضد الحوثيين؟ [ترجمة خاصة]
الساعة 07:06 مساءً (بوابتي - ترجمة خاصة)

في ظل استمرار الهجمات الحوثية على العمق الإسرائيلي وتراجع الدور الأميركي في احتواء التهديدات القادمة من اليمن، بدأت ملامح استراتيجية إسرائيلية جديدة بالتشكّل، تقوم على الانفراد في التصدي للحوثيين عبر ضربات جوية بعيدة المدى.

وفي تقرير موسّع نشرته مجلة فوربس الأميركية، رُسمت صورة قاتمة لمستقبل هذه المواجهة، مشيرة إلى أن إسرائيل تبدو اليوم في وضع استنزافي قد يدفعها إلى توسيع خياراتها العسكرية، وربما التفكير في استهداف داعمي الحوثيين، وفي مقدمتهم إيران، إذا لم تفلح الغارات الحالية في تحقيق الردع المطلوب.



ووفق التقرير، تواصل إسرائيل قصف الحوثيين في اليمن منفردة بعد انسحاب واشنطن من الحملة الجوية في تطور جديد يعكس تصاعد التوترات الإقليمية، شنّت إسرائيل غارات جوية بعيدة المدى استهدفت مطار صنعاء الدولي، في ثاني هجوم من نوعه تنفّذه ضد مواقع خاضعة لسيطرة جماعة الحوثي في اليمن منذ إنهاء الولايات المتحدة حملتها الجوية ضد الجماعة مطلع مايو/أيار الجاري.

وتأتي هذه الضربات في وقت تجد فيه إسرائيل نفسها مجددًا في مواجهة الحوثيين بمفردها، مع غياب أي بديل فعّال للرد على الهجمات الصاروخية والطائرات المسيّرة التي تطلقها الجماعة اليمنية باتجاه مدنها سوى استهداف منشآت ثابتة في مناطق سيطرة الحوثيين.

تصعيد متبادل وهجمات شبه يومية
تزامن الهجوم الإسرائيلي الأخير مع استمرار عملياتها العسكرية في قطاع غزة، بينما تتعرض المدن الإسرائيلية لهجمات متكررة من الحوثيين بصواريخ باليستية وطائرات مسيّرة تطلق من مسافة تتجاوز ألف ميل. ورغم فاعلية أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية في صد معظم هذه الهجمات، فإن بعض القذائف تنجح في اختراق الدفاعات، كما حدث في 4 مايو حين سقط صاروخ باليستي قرب مطار بن غوريون الدولي، ما دفع مئات الآلاف من الإسرائيليين إلى الاحتماء بالملاجئ.

وفي الأيام التي سبقت الغارة على صنعاء، نفذ الحوثيون ثلاث هجمات خلال أربعة أيام، شملت سبعة صواريخ وعددًا من الطائرات المسيّرة، ردًا على الغارات الجوية الإسرائيلية التي سبقتها في 16 مايو، والتي استهدفت موانئ الحديدة والصليف في محاولة لشل البنية الاقتصادية للجماعة وعرقلة وصول الأسلحة الإيرانية إليها.

تفاصيل الضربات الأخيرة وتكتيك الاستهداف
في الهجوم الأخير على مطار صنعاء، والذي نفذته طائرات إسرائيلية بمساندة طائرات تزويد بالوقود نظرًا لبعد المسافة، تم تدمير آخر طائرة تجارية كانت تستخدمها جماعة الحوثي. وقد سبق أن استهدف المطار في 6 مايو، حيث دُمرت حينها محطة الركاب وست طائرات.

الغارات على الحديدة والصليف منتصف مايو كانت أعنف الضربات الإسرائيلية منذ بدء حملتها ضد الحوثيين، حيث شاركت فيها 15 طائرة مقاتلة ألقت 35 قنبلة على أهداف حوثية، في خطوة وصفها الجيش الإسرائيلي بأنها تهدف إلى ضرب اقتصاد الجماعة وحرمانها من الموارد اللازمة لاستمرار التصعيد.

الانسحاب الأميركي و"ترك إسرائيل وحدها"
وكانت واشنطن قد أطلقت عملية "الفارس الخشن" (Rough Rider) في مارس، حيث دفعت بتعزيزات بحرية وجوية كبيرة إلى البحر الأحمر، منها قاذفات "بي-2" الشبحية المتمركزة في جزيرة دييغو غارسيا، وذلك بهدف مواجهة الحوثيين وردع إسرائيل عن التدخل المباشر، قائلة حينها: "دعوا الأمر لنا".

لكن هذه الحملة الأميركية التي استهدفت أكثر من 800 هدف حوثي، فشلت في إنهاء قدرات الجماعة أو الوصول إلى قياداتها، رغم تدمير مخازن أسلحة وقتل عدد من مقاتليها من الصف الثاني. وفي أعقاب الهجوم الحوثي الذي استهدف مطار بن غوريون، شنت إسرائيل ضربات عنيفة على مطار صنعاء وميناء الحديدة، لتعلن بعدها إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب عن وقف إطلاق نار مع الحوثيين، شريطة توقفهم عن استهداف الملاحة التجارية فقط، دون اشتراط وقف الهجمات على إسرائيل، ما ترك تل أبيب بمفردها في هذه المواجهة.

محدودية القدرات الإسرائيلية في اليمن
رغم امتلاكها مقاتلات "إف-35" الشبحية المتطورة، تفتقر إسرائيل إلى وسائل تنفيذ عمليات هجومية بعيدة المدى مقارنة بالولايات المتحدة، فهي لا تملك حاملات طائرات أو قواعد عسكرية في المنطقة تمكنها من استهداف اليمن بفاعلية. ولذلك، تعتمد إسرائيل على إرسال طائراتها لمسافات طويلة مع التزود بالوقود جوًا، ما يحد من خياراتها ويجعل الأهداف التي تستطيع ضربها غالبًا منشآت ثابتة.

كما أن خطر الدفاعات الجوية الحوثية، التي سبق وأن هددت مقاتلة أميركية من طراز "إف-35"، يزيد من تعقيد المهمة، خاصة وأن إنقاذ أي طيار إسرائيلي يسقط فوق الأراضي اليمنية يُعد أمرًا بالغ الصعوبة في ظل البُعد الجغرافي وغياب الدعم البري أو البحري.

هل تفكر إسرائيل في خيار أكثر جذرية؟
هدد وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، زعيم جماعة الحوثي عبد الملك الحوثي بالتصفية إذا استمرت هجمات جماعته. ويعتقد أن الحوثي يتحصن في معقل الجماعة في محافظة صعدة شمال اليمن، في منطقة جبلية نائية يصعب اختراقها.

وأشار غالانت إلى عملية اغتيال حسن نصر الله، الأمين العام السابق لحزب الله اللبناني، في سبتمبر 2024، باعتبارها نموذجًا يمكن تكراره. حينها، نفذت إسرائيل عملية سرية معقدة فجرت فيها أجهزة اتصال مفخخة داخل مخابئ الحزب، ما أدى إلى مقتل وإصابة عدد من قادة الحزب وشلّ قيادته العسكرية.

لكن الوضع في اليمن أكثر تعقيدًا، إذ لا تمتلك إسرائيل نفس حجم المعلومات الاستخباراتية عن الحوثيين كما هو الحال مع حزب الله، وتواجه بيئة جغرافية وأمنية مغايرة تمامًا، فضلًا عن غياب القدرة على تنفيذ عمليات برية أو إنزال كوماندوز.

خلاصة المشهد: مواجهة مفتوحة بلا نهاية قريبة
في ظل استمرار الهجمات الحوثية، وقصور الدفاعات الجوية أحيانًا، وتصاعد الضغط الداخلي على الحكومة الإسرائيلية، يبدو أن تل أبيب ستواصل تنفيذ غارات جوية طويلة المدى كلما تصاعد التهديد، حتى لو لم تحقق تلك الضربات ردعًا حقيقيًا للجماعة.

وفي هذا السياق، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عقب الغارة الأخيرة: "نعمل وفق مبدأ بسيط: من يضرنا، سنضره. ومن لا يفهم ذلك بالقوة – سيفهمه بمزيد من القوة".

لكن إذا لم تردع هذه الاستراتيجية الحوثيين، فثمة من لا يستبعد أن تفكر إسرائيل في استهداف داعمهم الأكبر: إيران.


آخر الأخبار