دلالات إنسحاب الروس من سوريا
2016/03/15
الساعة 04:41 مساءً
بقلم: عمار المحرابي
بقرار روسيا المفاجىء بدأ سحب قواتها في سوريا تكون غيرت قواعد اللعبة وأزالت فتيل منحى خطير كان مؤهلاً للانفجار عالمياًً، خصوصاًً بعد تأزم العلاقات التركية الروسية، على خلفية إختراق روسيا الأجواء التركية، حيث اعتقدت موسكو أن بإمكانها الحفاظ على آخر قدم لها في الشرق الأوسط عبر إعادة تكرار سيناريو أوكرانيا في سوريا، من حيث التدخل العسكري، وان تغيرت الظروف والدوافع، إلا ان خوفهم من أن تطبيق نموذج «الأفغنة» في سوريا، أي استدراج روسيا إلى سوريا، ومن ثم فتح باب جهنم عليها عبر المجموعات المقاتلة المختلفة، وبحيث تكون النتيجة انهاك موسكو، عبر تحول التنظيمات المقاتلة لبوصلة حربها على ذات الانموذج الافغاني نحو القوات الروسية، وما حدث من قيام ثوار سوريا مؤخراًً بإسقاط طائرة سورية نوع ميغ بصاروخ حراري يصب لصالح هذا السيناريو، وهذا ما جعلهم يعيدون النظر في طريقة التعامل مع أكثر الملفات سخونة على المستوى العالمي. ما سارع من انسحاب القوات الروسية من سوريا، موقف دول التحالف الإسلامي بقيادة السعودية الرافضة بشكل قاطع التدخل الروسي في سوريا، وانضمام القوة الإقليمية تركيا، لا سيما بعد صعود حزب العمال الكردستاني "بي كي كي" وحزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب المدعومة من الولايات المتحدة، والتي تعدها تركيا بأنها جميعاً تنظيمات إرهابية مسلحة سواء في الداخل التركي وعلى الحدود التركية في شمال سوريا، والتي بدأت تعمل بحركة سريعة وحصلت على أسلحة وذخائر من أطراف عديدة وبعضها حصلت عليها رسمياً من الولايات المتحدة الأمريكية خصوصاً حزب الاتحاد الديمقراطي تحت غطاء حرب داعش، وهو الأمر الذي أزعج أردوغان وشعر أن هناك من يطعنه من الخلف من حلفائه الأمريكان، حيث شن أردوغان قبل أيام هجوماً غير مسبوق على الإدارة الأمريكية والرئيس باراك أوباما، وشدد بنبرة حادة على ضرورة أن تحدد الولايات المتحدة موقفها بصراحة ما إن كانت حليفة وداعمة لتركيا أم حليفة لـ"التنظيمات الإرهابية" في إشارة لحزب الاتحاد الديمقراطي. في النظر إلى تأريخ السياسات التي تتبعها روسيا في تعاملها مع الملفات الشائكة في الشرق الأوسط، وانحيازها الدائم إلى إيران وأذرعها في المنطقة، ما يؤثر سلباً على أيّة إستراتيجية ترسمها بغاية إحداث تقارب مع البلدان العربية، وهو ما يستدعي منها إعادة التفكير بشأن الأخطاء التي قامت بها في السابق وأدت إلى استفحال الأزمات التي تشهدها المنطقة، والحرص على عدم تكرارها، إذا ما أرادت بالفعل أن تكون طرفا في بناء شراكة قوية مع العرب، حيث أن مصالح روسيا مع التحالف الإسلامي تغنيه عن فتات نظام الملائي في إيران، لا سيما وحرب باردة وسباق تسلح بين القوى الإقليمية في الشرق الأوسط جاري على وتيرة عالية بعد تقلص الدور الأمريكي، وهذا ما قد تستغله روسيا المنهكة إقتصادياًً في بيع مزيد من القطع الحربية لتغطية عجزها الإقتصادي. لكن، ما علاقة قرار روسيا بوقف الضربات على سوريا بمنورات رعد الشمال؟! ، والتي أعطت رسالة قوية وعرضا لما يمكن أن تكون عليه الحال إذا ما أصرت روسيا الاصطفاف مع طهران، في ظل الموقف المتصلب لوزارة الخارجية السعودية على لسان الجبير من أن الأسد لا خيار له سوى الرحيل عبر السياسة أو العمل العسكري. كما أن حرص السعودية على علاقة جيدة مع روسيا خفف من وطأة السلبية الأميركية في هذا الملف، ومنح روسيا خيار مصالح من زوايا عدة، حيث يأتي القرار بمثابة إبداء حسن نية قبيل القمة المرتقبة بين الملك سمان وبوتن إثر دعوة وجهها بوتن منتصف الشهر الماضي. متغيرات عدة وحراك سياسي متسارع في الشرق الأوسط الغير مستقر أساساًً، والأيام القادمة حافلة بالمفاجأت، في ظل تحالفات إقليمية جديدة طور التشكيل وفق ما تقتظيه متغيرات ومعطيات ما بعد الربيع العربي. تكهنات قد تستطيع إيجاد تفسير لغز الانسحاب الروسي المفاجئ، واتخاذ بوتن لقرار بالغ الصعوبة، وهو ما يعني تحول في الموقف الروسي إلى حد ما.
لمتابعتنا اخبار “بوابتي” أول باول إشترك عبر قناة بوابتي تليجرام اضغط
هنـــــا