2015/04/29
صوت تركيا أمام الظلم
بقلم رسول توسون
يرتكبُ القضاءُ المصريّ جرائمَ متتالية باسم السياسة لا العدالة، فقد برّأ حسني مبارك الذي حكم البلاد لثلاثين عاماً بالقوة وأسكت معارضيه بالقوة وتعاون مع إسرائيل وأُسقط عن العرش بعصيان الشعب.
وقد أوصى مبارك الشعب المصري بالوقوف خلف الجنرال السيسي الانقلابي !
وبالمقابل حُكم على محمد مرسي الرئيس المنتخب الوحيد في تاريخ مصر بالسجن لعشرين عاماً. ومن المحتمل أن يُحكم عليه بالإعدام.
…
لقد أخافت حركةُ الربيعِ العربيّ إسرائيل وبالتالي العالم الغربيّ.
فحين رأت إسرائيل احتمال صعود الإسلاميين إلى السلطة حاولت استخدام كلّ الطرق لتحويل الربيع العربي إلى شتاءٍ بارد.
وقد نجحوا في كلّ مكان باستثناء تونس، فقد كان لحركة النهضة في تونس بصيرةٌ عميقة بسبب خشيتها من تكرار المثال المصري.
ولو أن إرادة الشعب تحقّقت في سوريا وليبيا واليمن بجانب مصر لتحوّلت القضيةُ الفلسطينية لصالح فلسطين بمواجهة إسرائيل.
وهذا التطوّر كان سيؤثّر بالعالم الإسلامي أجمع ويُعيد إحياءه من جديد.
وهذا كان سيضرّ بمصالح العالم الغربيّ.
…
ولمنعِ هذا الاحتمال تعاون العالمُ الغربيّ مع خونة العالم الإسلامي لدعم الانقلابيين في مصر لإسقاط الرئيس وإعلان الحزب الذي وصلَ إلى السلطة تنظيماً إرهابياً.
ولم يكتفوا بذلك، بل سكتوا عن الأحكام الباطلة التي صدرت بحقّ الرئيس المنتخب وداعميه.
فلم نسمع صوتاً واحداً عن الغرب حين أصدرت المحكمة مئات أحكام الإعدام بحقّ معارضي الانقلاب.
على العكس بل كانوا هم الحائط الذي استند عليه ظهرُ النظام الظالم في مصر.
…
النفاقُ الغربيّ ليس مبرِراً ولا يجب أن يكون مبرِراً بالطبع لأخطاء المسلمين.
فقد غرق الربيع العربي في ليبيا واليمن وسوريا وهو لايزال في أوّل طريقه.
في البداية نجح الربيعُ المصريّ، فأُجريت الانتخابات وكُتب دستورٌ جديد. ولكن إسرائيل وأمريكا وأوروبا والأنظمة الإسلامية التي تخشى الشعوب شكّلت اتحاداً ضدّ النظام المشروع في مصر.
ولكن كما قلت لا ينبغي أن نسأل العدو لماذا يعادينا فهو يقوم بوظيفته.
المهم هو هل أنت تقوم باللازم لمواجهته؟
…
في هذه النقطة ارتكبت الثورة المصرية خطأ فادحاً فنجحت الثورة المضادة بإيقاف النظام الشرعي خطوة بخطوة.
فقد كان التشريع والتنفيذ بيد الثورة ولكن القضاء كان لايزال بيد الثورة المضادة.
فلم يكونوا قد صنعوا بعد آليةً قضائية تنظر في القضايا السياسية وتحمي الثورة. فكانت المحكمة العُليا المكوّنة من فلول مبارك هي من ينظر في القضايا السياسية.
وبهذا كانت المحكمة العُليا تمنعُ أيّ خطوة سياسية يخطوها النظام المشروع.
حتى وإن هذه المحكمة تمكّنت من فسخ البرلمان المصري.
والنتيجة معلومة: قام معارضو الحكومة في 30 حزيران بعرضٍ كبير وفي 3 تموز استولى الجيش على الحكم وقام بتعليق الدستور.
ولكن قبل أن يحدثُ الانقلاب كان القضاء المصري يقوم كلّ يوم بانقلابٍ جديد !
…
والآن يُصدر هذا القضاء مئات أحكام الإعدام بحقّ أشخاص أبرياء. وأحكام السجن الطويلة لا تُحصى.
وجميع العالم يعلم أن هذا القضاء تابعٌ لسلطة الانقلاب وأنه ينفّذ أوامر الانقلابيين لا العدالة والحقوق.
هو بالضبط كالقضاء الذي يقول “الإرادةُ التي أحضرتكم هنا تريد هذا”.
وليس عندي ما أقوله لمثل هؤلاء لأنهم هم أيضاً يفعلون ما يؤمرون به.
…
كلمتُنا الحقيقية ليست موجّهة للانقلابيين ولا للعالم الغربيّ الذي يدعمهم أيضاً، بل للذين يدّعون الإسلام وهم يصفّقون للظلم ويدعمون الظالمين بكلّ ما لديهم من قوة.
فما فعله الانقلابيون في مصر هو ظلمٌ واضح.
وما يفعله القضاءُ الذي يسير تحت أمر الانقلابيين أسوأُ من الظلم.
والعالمُ الغربيّ الذي لا يستنكر هذا الظلم شريكٌ فيه.
والصوتُ الوحيد الذي يرتفعُ ليستنكر الظلم في كلّ العالم وليس في مصر فقط هو صوت تركيا.
وقد حاولوا كتم هذا الصوت أيضاً عن طريق أحداث تقسيم بكلّ الوسائل.
تم طباعة هذه الخبر من موقع بوابتي www.bawabatii.com -
رابط الخبر: https://bawabatii.net/news1539.html