2015/08/12
ما أحوجنا إلى نور الحكمة!
سهام الشارخ «الحكمة هي رؤية الأشياء على حقيقتها» عبارة توقفت عندها كثيراً في الأيام الماضية، لأنها تشتمل على معنى موجز وعميق وبسيط في الوقت نفسه، معنى يفتح باب التساؤلات حول الكيفية التي ننظر بها إلى مايحدث لنا على مستوى الأفراد والجماعات وعلى مستوى الدول والعالم بأسره، هل نرى الأشياء أو الأحداث كما هي أم كما نريدها أو نتوقعها؟ هل نفسرها وفقاً للمعلومات الدقيقة التي نملكها أم وفق أفكارنا وتجاربنا الماضية ومانسمع من هنا وهناك؟ وهل نستخدم مالدينا من معلومات صحيحة بذكاء؟ لماذا نفكر ونتكلم ونتصرف بمعزل عن المعلومات لمجرد أن تلك المعلومات لا تتفق مع رغباتنا؟ إذا كنا نريد أن نحل المشكلات بصدق فلماذا نتجنب الحقائق؟ وكيف نتوقع حلولاً إذا كنا نقارب المشكلة كل مرة بالطريقة نفسها؟ يقضي الإنسان عمره وهو يواجه مشكلات يعجز عن حل الكثير منها، وقد يضطر أحياناً إلى تجاهل بعضها، أو تقبله والتعايش معه، وربما يكون هذا نوعاً من الحلول، ولكن التجارب تظهر أن استعصاء بعض المشكلات ينبع من طريقة التعاطي معها، إما بسبب عدم القدرة على تحديد أسبابها، أو بسبب التشبث بخيار له علاقة بتوقعات معينة أو برواسب الماضي من تجارب ومعلومات وعدم النظر إلى الخيارات الأخرى التي قد تجلب شيئاً من الراحة، هنا تصبح التوقعات والتجارب والمعلومات حاجزاً أمام رؤية الحقيقة والتعامل معها، حتى الخوف من حصول شيء على وجه الافتراض يعيق هذه الرؤية ويصور الأشياء على غير حقيقتها. الحكمة صفة ليس من السهل اكتسابها، فهي المرتبة الأعلى من مراتب التفكير، ولكن ذلك لا يمنع من أن يسعى الإنسان لمقاربتها في مواقفه، ويحاول بما لديه من ذكاء وخبرة ومعرفة، وبشيء من الصفاء والتأمل والتجرد أن يشكل منظوراً حقيقياً للأشياء. في موضوع الإرهاب اقتضت الحكمة أن يكون هناك تصور مسبق واستعداد لما ستؤول إليه الأوضاع في عالمنا العربي بعد جملة الأخطاء القاتلة التي كانت تتوالى على مدى عقود من الزمان، ولكن ذلك لم يحدث، وحتى بعد أن اكتوت شعوبنا بنار الإرهاب وسالت الدماء أنهاراً لا يزال كثير مما يقال لا يعطي توصيفاً حقيقياً لما يحدث وأسبابه، فهناك تهرب من ذكر الحقائق لأن ذكرها يفرض تغييرات لا يريدها البعض أولا يستطيع احتمال ما تفرضه، ولا زلنا نسمع الكثير من التفسيرات المرتبطة بالمصالح والأهواء، ولا تزال التقارير والدراسات تعد والقوانين توضع بلا جدوى لأن الحكمة مفقودة. إن خلاصنا من الفوضى والدمار مرهون بالقدرة على فهم الواقع على حقيقته ، وإدراك الأسباب وتأثيراتها، والتحرك بالشكل الذي يتوازى مع حجم الدمار الحاصل، بعيداً عن سياسة الفعل ورد الفعل. وقديماً قال الشاعر: إذا كنت في حاجة مُرْسِلًا فأرسل حكيما ولا توصهِ وإن ناصح منك يوما دنا فلا تنأ عنه ولا تقصه
تم طباعة هذه الخبر من موقع بوابتي www.bawabatii.com - رابط الخبر: https://bawabatii.net/news16529.html