2015/08/22
(النخب اليمنية) من الجمود إلى الغيبوبة!!

علي ناجي الرعوي

    مرة تلو أخرى تحذر المنظمات الدولية من خطورة الوضع الذي آل إليه اليمن والتداعيات الكارثية التي يمكن أن تنجر عن استمرار دوامة العنف والصراعات الداخلية والفراغ الحاصل في هذا البلد والذي قد يتحول إلى مستنقع كبير من غير أن تثير تلك التحذيرات اهتمام النخبة السياسية اليمنية أو الفزع داخل صفوفها وكأن هذه النخبة التي تتصدر واجهة عشرات الأحزاب والتنظيمات السياسية والاتحادات والمؤسسات المدنية قد دخلت في غيبوبة تاريخية لا تشعر معها بالمحنة التي تعصف بوطنها الذي يغرق اليوم بدم أبنائه بعد أن أقحمته الغرائز في اتون مواجهات عبثية انفتحت فيها شهيات عناصر الخراب والمخربين ودعوات الموت المجاني والهدم الجنوني ونوازع التطرف بكل ألوانه ولغاته وممارساته. ألا يشير عدم اكتراث هذه (النخب) وتخليها عن مسؤولياتها الوطنية والأخلاقية في هذه المرحلة العصيبة والقاتمة والتي تعد من أكثر المراحل قلقاً في تاريخ اليمن المعاصر إلى حقيقة هي في معانيها الكامنة أسوأ من تداعيات الحرب والفوضى التي تستفحل نذرها في مؤشرات صراع مذهبي ونزعات انفصالية وفوضى أمنية قابلة لأن ينخرط فيها الجميع بما فيهم شياطين التطرف التي استيقظت متحينة اللحظة التي تتحول فيها اليمن إلى جيب متمرد لقاعدة الظواهري أو ميدان متقدم لتنظيم (داعش)؟ قد يكون من نافلة القول أن نذكر (النخب اليمنية) التي طالما قدمت نفسها في كل مسيراتها وتنظيراتها وتلويحاتها التي أعقبت (الربيع اليمني) عام 2011م كموجه سياسي وجماهيري وكرافعة لمشروع اليمن الجديد والدولة الوطنية الحديثة ان ما شهده اليمن من تدمير وحروب وقتال ما كان له أن يحدث أو يحصل في ظل قيام هذه النخب بواجباتها في مواجهة الانحرافات والأخطاء والممارسات المعوجة التي برزت خلال السنوات الأربع الماضية من خلال هذا الطرف أو ذاك فقد أهدرت هذه النخب مع الأسف على اختلاف أطيافها وانتماءاتها الفرصة الاستثنائية التي منحها لها المجتمع اليمني على المدى الزمني الفاصل بين تنحي الرئيس السابق عن السلطة وبين سقوط صنعاء وخروجها عن سلطة الدولة. سيقول لك ربما بعض اليمنيين ماذا كان بوسع هذه النخب أن تفعل بعد أن حلت لغة الرصاص والبنادق محل لغة الحوار؟ وماذا كان ينتظر من هذه النخب في لحظة أصبح فيها الظهر إلى الحائط والخيار محسوماً والهروب إلى الأمام يمثل طريقاً إلى الانتحار والرهان على (عقلانية) أو (برغماتية) ما ليس مضموناً؟ وهو قول فيه الكثير من السذاجة والمواربة والتبرير المجرد من المنطق فالحقيقة انه ولولا فشل هذه النخب في إدارة طاقة التغيير التي تفجرت عام 2011م وكذا إخفاقها في بناء أرضية من التوافق الوطني حول الأسس التي تضمنتها المبادرة الخليجية كقواعد ناظمة للعملية الانتقالية لما أمكن لأي طرف كان الانحراف بالمرحلة الانتقالية والانزلاق بالبلاد في معترك الفوضى والتجاذب والصراع على النفوذ والسلطة ومغانمها وهي عوامل غالباً ما تكون جسراً لتدمير مفهوم العيش المشترك وتكريس منطق القوة والذي وجد فيها البعض ضالته لضرب مفاصل الدولة وإيصال البلاد إلى الزلزال الأكبر الذي تعيشه اليوم بلون المرار وطعم العلقم في الحلوق. هكذا كتب على اليمنيين أن يعيشوا مثل هذه الازدواجية النفسية، فلا هم قادرون على الحزن على ما أصابهم من قهر وكوارث ومحن ولا قادرون كذلك على توجيه اللوم لنخبهم التي ظهرت على السطح تعاني من أزمة مركبة ومعقدة إلى جانب تشوهات وأمراض واختلالات وإعاقات برزت معها مخنوقة بين الجمود والغيبوبة كتماثيل شمع تكاد أن تنطق لولا فراغها من قلوب تخفق.. ومن يكون على هذا الحال فهل باستطاعته أن يتحمل اليوم وزر هول المأساة التي حصدت الآلاف من أبناء اليمن خلال السنوات الأربع الماضية؟
 
تم طباعة هذه الخبر من موقع بوابتي www.bawabatii.com - رابط الخبر: https://bawabatii.net/news17857.html