2015/09/10
وسائل تحجيم العقول
صالح جعري
هل أصبحت عقولنا رهناً لبرودكاست الواتس ومقاطع السناب؟، وهل غيّبت تلك المعلومات المرسلة والمقاطع القصيرة أبواب الثقافة والمعرفة الأخرى؟. هل تم التخطيط لتحجيم عقول الشباب عبر ما يسمى بالسوشل ميديا social media؟. المتابع لواقع شبابنا يدرك تماماً مدى انجرافهم خلف تلك المصادر المعلوماتية الضعيفة والتي تسري بمعلوماتها الرديئة إشاعاتها الموجهة سريان النار في الهشيم. تستغرب حين تزور الجامعات فلا تجد في مكتباتها قارئاً ولا في ردهاتها مطلعاً، ولا بين مقاهيها طلاباً يتحاورون في معلومة مفيدة أو تجربة كائنة، بل تجدهم مشغولين بالتصوير تارة وبالكتابة في جوالاتهم تارة أخرى. تستوقف أحدهم تسأله عن موقع مكتبة الجامعة فلا يعلم، تحاوره في موضوع المحاضرة فتعلم أنه كان منشغلاً عنها بالدردشة مع زملائه عبر الواتس بينما المحاضر يتحدث.. لقد امتلكتهم التقنية فلم يمتلكونها.. أفقدتهم نظراتهم نحو العلو وقصرت بها نحو شاشتها، منعتهم من الاطلاع والبحث والتجريب وأوقفت عقولهم على رسالة عابرة وإشاعة مغرضة، وفكاهة سامجة وصورة ملفقة ومقطع مختصر، يتناقلون المعلومة دون تمييز ويصدقونها دون تفكير، حتى أصبحت عقولهم متحجرة، فمن المعلوم أن كثرة استخدام تلك الأساليب التقنية والألعاب الإلكترونية تفقد العقل ذاكرة الاسترجاع، وملكة الحفظ، والقدرة على التركيز. وبالفعل فنجد شبابنا قد فقدوا القدرة على استرجاع معلوماتهم الدراسية، وأصبحوا لا يستطيعون حفظ معلومة بسيطة أو قصيدة فصيحة، أو نظرية علمية. نجدهم أيضاً فاقدي التركيز حتى باتوا يتخبطون في تعاملهم ويترددون في قراراتهم، ويحتارون في اختباراتهم، لقد استطاعت تلك الوسائل أن تميت عقول شبابنا حتى أستطاع الآخرون التحكم بها فجروهم نحو الغواية والهواية. ووقف الآباء والمربون والمسؤولون مكتفين بالنصح والإرشاد والتشدق بماضيهم ومنجزاتهم، دون البحث عن مكمن الخلل والعمل على إضعافه وتقوية عقول الشباب وتوجيههم بطرق سلوكية تربوية نفسية نحو استخدامٍ مقننٍ أمثل لتلكم الوسائل لتكون سواعد بناء لا معاول هدم.
تم طباعة هذه الخبر من موقع بوابتي www.bawabatii.com - رابط الخبر: https://bawabatii.net/news20805.html