2015/09/14
اليمن.. عبء الصراع وعودة الاستقرار!!

علي ناجي الرعوي

    اضاع اليمن في السنوات الاربع الماضية فرصا عديدة للقطيعة مع حقب الصراع والحروب التي اجهضت مبكرا مسيرته نحو بناء دولة عصرية توفر له قدرا من الاستقرار والتنمية والازدهار الاجتماعي قبل ان ينحدر الى قاع الدول الفاشلة ويصل اليوم الى حافة هاوية حقيقية اخطر ما فيها هو انسداد الافق امام أية بارقة امل للخروج من هذا النفق في ظل اصرار بعض الفاعلين على التخندق وراء الوقائع وإحداثيات الفجيعة المتدفقة على اليمن واليمنيين. لقد كان من المفترض منذ ان جرى التوقيع على المبادرة الخليجية في الثالث من ابريل 2011م والتي بموجبها تم الترتيب لنقل السلطة في البلاد وانتخاب عبدربه منصور هادي رئيسا انتقاليا في فبراير 2012م ان يبدأ اليمن مرحلة جديدة تقوده الى مرافئ الامن والاستقرار ولكن فان الصراع على السلطة والثروة عصف بذلك التفاؤل الضئيل لتعود البلاد الى مربع العنف وأزمة خانقة وحرب مفتوحة تغيرت فيها اشياء كثيرة مما اعاد خلط وبعثرة الاوراق السياسية مرة اخرى وبالذات بعد سيطرت جماعة (الحوثيين) على مقاليد البلاد وانكسار السلطة القائمة امام تلك التقلبات الدراماتيكية التي نميل الى القول الى انها من ستظل تحمل اسرارها حتى وهي من لم تخفها هشاشة البناء وضعف الوعي بمسألة الدولة. يقال ان مشكلة اليمنيين الاساسية انهم لا يدركون اخطاءهم الا بعد فوات الاوان وانهم الذين يعالجون الخطأ بخطأ اكبر ولذلك لم يعرف اليمن استقرارا سياسيا واجتماعيا في أي مرحلة من مراحله التاريخية طوال الخمسة العقود الماضية فقد استمر التناحر السياسي والصراع على السلطة والفشل في بناء الدولة هي السمات الغالبة التي لم تفارقه بل انه من بقي غارقا في ماض حالم لا علاقة له بمعطيات العصر ومرحلة التحول من بلد يترنح بين مفهوم الدولة واللادولة الى بلد هدفه التطوير والبناء الاقتصادي عبر منظومة تخطيطية تؤدي في نهايتها الى انتشاله من مهاوي الفوضى والفقر المدقع. وفي كل الحالات فان مؤشرات الحرب الدائرة الان في اليمن تدفع الى التفكير في مجمل التحديات التي ظلت تعترض طريق الاستقرار في هذا البلد سيما وان مثل هذا الاستقرار اضحى مطلبا اقليميا يمتد لكل الخليج والذي لاشك وانه من اقتنع اخيرا ان استتباب السلم في اليمن يمثل عنصرا مهما له هذا ان لم يكن قد ادرك ان هذا البعد الاستراتيجي سيبقى ناقصا او غير مكتمل ما لم يكن اساسه مخططا تنمويا شاملا وبناء سياسيا عادلا يجمع الموارد ويعزز الفرص ويجعل من اليمن منطقة لجذب الاستثمار ومرفأ للخير والتعايش والاستقرار والنماء لجميع ابنائه. والسؤال الآن : هل بالإمكان الحد من انهيار اليمن وإيقاف تفتيته ؟ وهل بالإمكان ان يتجاوز هذا البلد اوضاعه المأساوية التي لا يمكن لها ان تجد تفسيرا واحدا بل ثمة تفاسير عدة لكل حالة من حالات الاضطراب المتراكمة في زواياه ؟ وهل بالإمكان معالجة ما يمكن معالجته؟ بالتأكيد ان حدثا دراماتيكيا واحدا يمكن له ان يعيد الأمور الى نصابها الحقيقي ويتمثل ذلك الحدث بقيام دول مجلس التعاون الخليجي بالاتفاق على برنامج (مارشال) يتم التركيز فيه على اعادة بناء هذا البلد وتخليصه من الفقر والجوع ومساعدته على القيام بعدة مصالحات تفضي به الى تجاوز كل صراعاته وخلافاته والانتقال الى عصر الدولة التي لا دولة سواها ولا سلاح غير سلاحها. اعتقد ان اليمن بحاجة اليوم للطب الوقائي اكثر منه الطب العلاجي لان ذلك وحده هو من سيخرجه من حالة اليأس الذي بلغ مداه وصار متجذرا في نفوس اكثر من اربعة وعشرين مليون يمني وطالما ان امن اليمن واستقراره لا ينفصل عن المعادلة الامنية الخليجية فان هذه المعادلة تفرض على دول الخليج التحرك في اتجاه احتواء اليمن تنمويا ضمن شراكة واسعة تحقق له الاستقرار وتحافظ على وحدته الداخلية وتجعل منه سندا لأشقائه في كل الظروف والأحوال.
 
تم طباعة هذه الخبر من موقع بوابتي www.bawabatii.com - رابط الخبر: https://bawabatii.net/news21539.html