2015/10/12
.. إلا عروبة اليمن
بوابتي كتابات
بقلم مفتاح شعيب
بعيداً عن صيغ المبالغة في الحديث عن التدخل العربي لدعم الشرعية في اليمن، سيظل هذا التطور حدثاً مفصلياً في مجريات الأحداث في المنطقة ولحظة خصبة الأبعاد تؤسس لمرحلة مختلفة عما سبق. فالدوافع التي حركت هذا التحالف لا تقتصر على إعادة الرئيس عبد ربه منصور هادي وحكومته إلى عدن ثم صنعاء بعد أن طرده منها الانقلاب الحوثي، وإنما تتعدى ذلك الهدف إلى غايات أوسع تتعلق بحماية الأمن الإقليمي لدول الخليج العربية والأمن القومي العربي بالمطلق. بعد أن ينجلي غبار المعارك وتحقيق الخيار الوحيد ألا وهو النصر، ستكشف التحقيقات والمذكرات حجم المشروع التدميري الذي كان يفترض أن ينفذه التمرد الحوثي برعاية ودعم من إيران وقوى دولية أخرى دأبت على النفاق. وأول شرط في هذا المشروع سلب اليمن من حاضنته العربية وإغراقه في أتون نزاع طائفي مقيت يحوله خنجراً في خاصرة دول الخليج وأولها السعودية لضرب هذه المنطقة الآمنة في محيط متقلب وإلحاقها بدوامة الفوضى العبثية الممتدة من ليبيا غرباً إلى سوريا والعراق من الناحية الشرقية. ومخطئ من يتصور أن هذه الفوضى هي حالة طبيعية انتفضت فيها شعوب أو ما شابه، بل هي قصة مصطنعة من أصلها، مقدمتها براقة ومغرية، أما خاتمتها فمخطط لها وبالاً على هذه الأمة المنكوبة، ولن ينفع آنذاك ندم أو حسرة على خطب إذا وقع. والقرائن على هذه الهواجس، وفي اليمن بالذات، أكثر من أن تحصى. فبعد الانقلاب الذي نفذه الحوثيون وحزب صالح في سبتمبر من العام الماضي بدأت عمليات خبيثة لتغيير الملامح العربية لليمن بإذكاء نار الانقسام الطائفي بين أبناء الشعب الواحد وإظهار العداوة الصريحة لدول الخليج في تجاهل مقصود للجهود التي بذلتها عقوداً طويلة سياسياً واقتصادياً، والرئيس المخلوع شاهد على تلك الحقبة، ولولا الدعم الخليجي لما استطاع أن يعمر عقوداً ثلاثة على كرسي الحكم، وعندما انتفض عليه الشعب في 2011 تم خلعه، وساعدت المبادرة الخليجية على حفظ ماء وجهه وجنبته مصيراً سيئاً كان يمكن أن يشطب حضوره وأنصاره إلى الأبد أسوة بنهايات المستبدين. ويبدو أنه لم يكن أهلا لذلك التكريم والاستثناء، فدخل مع الحوثي، «عدوه» السابق، في هذه المؤامرة المدمرة التي زادت اليمن خراباً على خراب وجلبت إليه كل أسباب الانهيار والتفتت، وفتحت أراضيه أمام التدخلات الإيرانية مع ما تحمله من تهديد للتجارة الدولية والخليجية على الخصوص. وقد كشف تحرير مضيق باب المندب بعضاً مما كان يدبر له الحوثيون وصالح من رغبة في التحكم، بالوكالة، في هذا الممر الاستراتيجي. ومع كل تقدم يتحقق ونصر تسجله الشرعية اليمنية بدعم من التحالف تتوالى الحقائق ويتبين حجم التهديدات لو استقر لها الأمر. إنه كابوس بدأ ينجلي عن اليمن والمنطقة، ولو لم يكن خطراً أكيداً لما ضحت دول التحالف وفي صدارتها الإمارات بخيرة أبنائها الذين سقطوا شهداء هذه الملحمة القومية، التي سيتوقف عندها المتابعون كثيراً، لأنها كانت حتمية ولا مفر من مواجهتها مهما كلفت من تضحيات، وحين يستعيد اليمن عافيته ستنظر أجياله المقبلة بعين الفخر والامتنان لمساعدة الأشقاء، مثلما ستكبر الأجيال العربية والإماراتية إنجازات من سبقوا في حماية الأمن الإقليمي والدفاع عن العروبة وطناً وهوية وتاريخاً وجغرافيا، وهذه هي الصورة التي ستعلق بالذاكرة وتظل عنواناً لخطوة أولى في طريق استعادة هيبة هذه الأمة.
تم طباعة هذه الخبر من موقع بوابتي www.bawabatii.com - رابط الخبر: https://bawabatii.net/news25099.html