2023/03/19
ماذا تعرف عن سد مأرب العظيم أقدم سدود العالم؟

منذ ما قبل التأريخ، اشتهر سد مأرب العظيم في اليمن، باعتباره احدى العجائب الهندسية في العالم القديم، وأحد أقدم السدود المائية في العصور القديمة.

وما يزال سد مأرب القديم حتى اليوم -برغم اندثاره- يشكل جزءً أساسياً من الحضارة اليمنية، والحضارة العربية القديمة على حد سواء.

يعود تاريخ بناء سد مأرب العظيم، إلى بداية الألفية الأولى قبل الميلاد. ذكرته النقوش القديمة باسم «عرمن» أي العرم.

سد مأرب: أعجوبة هندسية

وفقاً لتقرير مجلة ناشيونال جيوغرافك يعد سد مأرب أعجوبة هندسية لمدينة ملكة سبأ، فقد تم تشييد سد مأرب القديم في الصحراء حول مأرب، والتي كانت أكبر مدينة في جنوب الجزيرة العربية القديمة.

وبحسب المعلومات، كان سد مأرب القديم يروي قرابة 98,000 كيلومتر مربع من الأراضي والحقول الزراعية، وكان يبلغ ارتفاع جدار السد قرابة 15 متر.

ويمتد هذا الجدار المبني من الطين والحجر والحديد، على زاوية منفرجة من الجنوب إلى الشمال بمسافة عرض تبلغ حوالي 650 متر. وهو ضعف طول سد هوفر وهو من السدود الحديثة في الولايات المتحدة الامريكية، والذي شيد خلال فترة حكم الرئيس الأمريكي فرانكلين  روزقلت سنة 1931. يبلغ عرض سد هوفر 200 متر فقط.

سد مأرب القديم/ حقوق الصورة: Eric Lafforguf

سد مأرب: أكبر نظام للري الهائل

بعد تشييده، ظل سد مأرب العظيم صامداً حتى القرن الثامن قبل الميلاد، يواجه جريان الأمطار الموسمية من المرتفعات المجاورة إلى شقين يغذيان نظام ري معقد، يمكن أن تغطي ما يصل إلى 25,000 فدان (10,000 هكتار) من الأراضي الزراعية.

وبحلول القرن الـ 9 قبل الميلاد، كان هذا السد الذي يشكل أكبر نظام للري الهائل، قد حول أجزاء كبيرة من مأرب إلى حدائق وأراض خصبة وُصفت على مر التاريخ بأنها “جنة”.

كانت مدينة مأرب القديمة عاصمة مملكة سبأ الشهيرة. وكانت مملكة سبأ دولة تجارية مزدهرة وغنية، سيطرت على طرق البخور والتوابل في الجزيرة العربية والحبشة.

وقد قام السبئيين، ببناء سد مارب من أجل احتجاز أمطار الرياح الموسمية الدورية التي تسقط على الجبال القريبة، وبالتالي ري الأراضي الزراعية والحقول المحيطة بالمدينة.

قبل إنشاء السد، قام قدامى المهندسين السبئيين بمعاينة طبيعة الأرض، ثم بنوا عليها المخطط الهندسي وهو عبارة عن حائط حجري ضخم أقيم على قواعد صخرية عند مخرج السيل من الوادي، وله فتحات وأبواب تُفتح وتُغلق حسب الحاجة لمرور الماء منها المسايل المتصلة بها لري الحقول والبساتين.

ووفقاً لتقرير ناشيونال جيوغرافيك المنشور في يونيو/جزيران 2015، كان سد مأرب يمثل شريان الحياة القديم لعاصمة الصحراء المُخزنة للمياه. وقد تم اختراق سد مأرب العظيم وتعرض للهدم، وتمت إعادة بنائه عدة مرات على مدار الألفية الأولى من تشغيله.

وتشير إحدى النقوش الأثرية القديمة بخط المسند، إلى أن عملية الإصلاحات التي تمت لاعادة بناء سد مأرب، كانت تتطلب حوالي 20 ألف رجل عامل، وأكثر من 14,000 من حيوانات الإبل والجمال لتقوم بحمل ونقل الاحجار.

The Ma’arib Dam, Kingdom of Saba, (modern day Yemen). From Hutchinson’s History of the Nations, published 1915.

لم يكن سد مأرب العظيم هو السد الوحيد الذي شيده قدامى اليمنييون آنذاك. كان هناك مئات السدود المشيدة، غير أنه كان أكبر وأهم السدود اليمنية القديمة، بالإضافة إلى الصهاريج الأخرى القديمة في اليمن.

أبرز سدود اليمن القديم
وفقاً لكتاب (Land of Sheba) للمؤلف البريطاني جون فليبي، الصادر عن الجمعية الجغرافية الملكية في العام 1938، بلغ عدد السدود السبئية القديمة في اليمن، قرابة ثمانين سداً من السدود.

ويطلق على السد لفظ “عرمن” وكلمة (العرم) في كل اللهجات الصيهدية. إذ قام السبئيون ببناء الصهاريج لحفظ المياه، وتزويدها بمجاري تحت الأرض تصل لعدة كيلومترات لإيصال المياه للمساكن والمزارع، ولا زالت الصهاريج تستخدم في أرياف اليمن وبنفس الطريقة القديمة.

والى جانب سد مأرب، توجد صهاريج عدن أو صهاريج الطويلة التي يعتقد انها شيدت في عهد ملكة سبأ. وسد جفينة في مارب، وسد الخانق في صعدة، وسد أضرعة وهو ثالث أقدم سد في اليمن ويوجد في محافظة ذمار، وسد مرخة، وسد شاحك في محافظة صنعاء.

بالإضافة الى سد “قصعان وربوان” (سد قتاب) سد “شحران وطمحان”، سد “عباد”، سد لحج (سد عرايس) وسد “ساجر”، وسد “ذي شهال”، وسد “ذي رعين”، سد “نقاطة”، وسد “نضار وهران”، وسد “الشعباني”، وسد “النواسي”، وسد “المهباد”.

بوابات السد الشمالي بعد تعرضها للقصف الجوي من قبل التحالف السعودي، يونيو 2015/ سوشل ميديا
لألاف السنين، ظلت بقايا سد مأرب القديم، وبعض جدرانه صامدة في صحراء مأرب، وفي 3 يونيو/حزيران 2015، قال المعهد الأثري الألماني DAI، المختص بالتنقيب عن بقايا سد مأرب القديم وترميمه “أن الغارة الجوية الذي شنها التحالف بقيادة السعودية، أصابت السد الشمالي الذي تم الحفاظ عليه بشكل أفضل”.

وتكشف عدد من الصور، تناقلها ناشطين محليين عبر مواقع التواصل الاجتماعي. عن أضرار جسيمة، تعرض لها البرج البالغ ارتفاعه 23 قدمًا (7 أمتار) في جهة السد الشمالي.

وهي مبنية من كتل من الحجر الجيري، والتي يبدو أن العديد منها قد أعيد استخدامها من إنشاءات السدود السابقة وهي تتميز بوجود نقوش صابونية وحميرية قديمة عليها.

نقش حجري عن اعادة بناء سد مأرب/ حقوق الصورة: GETTY IMAGES
بقايا سور سد مأرب القديم/ الصورة: ترخيص CCL
تم طباعة هذه الخبر من موقع بوابتي www.bawabatii.com - رابط الخبر: https://bawabatii.net/news313040.html