أسفرت غارة جوية نفذتها القوات الأمريكية، في 17 أبريل 2025، عن تدمير منشأة نفطية استراتيجية في رأس عيسى شمال غرب جزيرة رأس عيسى بمحافظة الحديدة، في تطور يُنذر بعواقب بيئية واقتصادية وإنسانية وخيمة وسط التصعيد المستمر في البحر الأحمر.
المنشأة، التي بدأت كمشروع استثماري تابع لشركة الخليج اليمنية لتكرير البترول، المملوكة لرجل الأعمال أحمد العيسي، وقعت تحت سيطرة الحوثيين بعد اجتياحهم للحديدة، وتحولت إلى مصدر رئيسي لتدفق الوقود وتمويل العمليات العسكرية للجماعة.
ووفقاً لتقرير نشرته منصة "فردويكي"، فإن الغارة الأولى استهدفت البوابة الرئيسية للمنشأة، ما أدى إلى محاصرة عشرات الشاحنات داخل الموقع، قبل أن تتبعها سلسلة من الضربات الأخرى التي أصابت خزانات الوقود وأشعلت حرائق هائلة دمرت الناقلات بالكامل.
وتشير التقديرات الأولية إلى مقتل أكثر من 110 أشخاص، بينهم عناصر من الحوثيين وموظفون مدنيون وسائقو شاحنات، فيما لا تزال عمليات البحث جارية عن جثث مفقودة أو متفحمة، في ظل افتقار المنشأة لأدنى معايير السلامة.
بيئياً، تسبب القصف في تسرب كميات كبيرة من النفط إلى مياه البحر الأحمر، ما يهدد بتدمير الشعاب المرجانية ويعطّل مصادر رزق آلاف الصيادين المحليين. ويخشى خبراء البيئة من أن التوترات العسكرية تعرقل جهود احتواء التسرب وتنظيف الموقع، مما يزيد من تعقيد الكارثة.
وأكد التقرير أن هناك خلطاً شائعاً في وسائل الإعلام بين منشأة رأس عيسى التابعة لشركة العيسي ومنشأة شركة صافر القريبة، داعياً إلى التمييز بينهما لتجنّب التضليل. كما سلّط الضوء على استغلال الحوثيين للمدنيين كدروع بشرية داخل منشآت عسكرية، دون اتخاذ أي احتياطات وقائية.
وبينما يحمّل سكان محليون الحوثيين مسؤولية تعريض المدنيين للخطر، تتصاعد الدعوات لمحاسبة الولايات المتحدة على الخسائر البشرية والكارثة البيئية الناتجة عن الهجوم، وسط تحذيرات من تبعات أوسع على المنطقة.
وتُعد منشأة رأس عيسى واحدة من أبرز المواقع التي وظفها الحوثيون في عمليات تهريب وبيع المشتقات النفطية بعد تقييد الوصول إلى ميناء الحديدة، حيث فرضت الجماعة طوقاً أمنياً مشدداً منع الوصول المستقل لتقييم النشاطات فيها.
وفي ظل التهديد المستمر من السفن المتهالكة مثل "صافر" و"نوتيكا"، التي لا تزال تحت سيطرة الحوثيين، يبدو أن البحر الأحمر يواجه أزمة مركبة لا تقتصر على الأمن البحري، بل تشمل أبعاداً بيئية وإنسانية تهدد استقراره على المدى البعيد.
تؤكد حادثة رأس عيسى الحاجة الملحّة إلى تدخل دولي أكثر فاعلية لحماية البنى التحتية الحيوية والحد من استخدام المدنيين كوسائل ضغط في النزاعات، وضرورة مراجعة قواعد الاشتباك لحماية البيئة من التحول إلى ضحية صامتة للحروب.