تشهد محافظة تعز في جنوب غربي اليمن حالة من القلق البيئي والثقافي بعد الانهيار الجزئي المفاجئ لشجرة الغريب الشهيرة، المعروفة علمياً باسم "أدانسونيا ديجيتاتا" أو شجرة الباوباب، والتي يبلغ عمرها أكثر من 2000 عام. تقع الشجرة في مديرية الشمايتين، وتعد واحدة من أقدم وأندر الأشجار في شبه الجزيرة العربية، حيث يبلغ محيط جذعها 35 مترًا، وقطرها نحو 8 أمتار، وارتفاعها 16 مترًا، وترتبط بالعديد من الأساطير والقصص الشعبية التي جعلتها رمزًا هامًا للهوية اليمنية.
في 21 أبريل الماضي، انشقت الشجرة إلى نصفين وسقط جزء منها على الأرض، وهو حدث صدم المجتمع البيئي والثقافي محليًا وعالميًا. وأرجعت السلطات المحلية سبب الانهيار جزئيًا إلى الإهمال وقلة الري خلال فصل الشتاء. منذ ذلك الحين، انطلقت جهود إنقاذ مكثفة بإشراف ناشط بيئي محلي، معاذ ناجي المقطري، الذي أطلق مبادرة بعنوان "معاً لإنقاذ حارسة الدهر". استعان فريق العمل بخبراء في البيئة والهندسة الزراعية، وكشفت الدراسات عن تحلل داخلي خطير بالشجرة ناجم عن تسرب المياه، بالإضافة إلى إصابتها بفطريات وبكتيريا وانتشار النمل الأبيض، ما يهدد بانهيارها الكامل، خاصة مع بداية موسم الأمطار.
بدأت منذ يونيو الجاري أعمال إنقاذ ميدانية، تضمنت تنظيف وتجفيف الجذع، وتعقيم التجاويف، وسد الشقوق بمواد عضوية، وتحسين الري والتغذية، إلى جانب إزالة الحوض الإسمنتي المحيط بجذور الشجرة لإعادة تنشيط التربة. كما يتم العناية بشجيرة صغيرة نبتت بجوار الشجرة الأصلية، والتي تُعتبر امتدادًا لسلالتها. يهدف المشروع ليس فقط إلى حفظ الشجرة من السقوط، بل إلى تسجيلها ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو، للحصول على حماية قانونية وتمويل دولي يدعم مشاريع الحفاظ على التراث الطبيعي في اليمن.
كانت شجرة الغريب في الماضي ملتقى للزوّار والشعراء والسياح، لكنها تعرضت لتدهور كبير بسبب الإهمال وتداعيات الحرب التي عصفت باليمن. يناشد المجتمع المحلي والناشطون الجهات الرسمية والدولية ضرورة التحرك السريع لإنقاذ هذه الأيقونة الطبيعية قبل فوات الأوان، حفاظًا على ما تبقى من "حارسة الدهر" التي تمثل وثيقة حية تجمع بين التراث الطبيعي والإنساني.