2016/03/01
سته أيام في سجن الحوثيين
بوابتي كتابات من مدينة مآرب التاريخية بعد رحلة شاقة استغرقت عشره أيام للبحث عن فرصة عمل توجهت صباح يوم الأربعاء بتاريخ 17/فبراير/2016 إلى الفرزة للعودة إلى صنعاء بعد بقائي ثلاثة ايام اتردد في اتخاذ قرار العودة لكن استمرار تدهور الحالة الصحية لطفلي الأصغر أضافة لظروف أخرى اجبرتي للذهاب  مسرعاً إلى "الفرزه" وانطلقنا عبر الخط الطويل  البديل للطريق المقطوعة من صنعاء إلى مآرب الساعة العاشرة صباحاً عبر طريق مفرق حريب السوادية رداع. وبينما كنت اغوص بالتفكير والشوق للوصول تجاوزنا الحدود التي تفصل بين (الشرعية) والحوثيين (انصار الله) وتناولنا وجبة الغداء في منطقة تحت سيطرة الشرعية ثم انطلقنا مسافة حوالي اكثر من خمسة عشر كيلو استوقفتنا أول نقطة امنية تابعة للحوثيين ، مسئول النقطة يسئل السائق من اين انتم قادمون السائق: من مآرب النقطة اجمعوا بطائق الهوية جمع الركاب البطائق ثم أعادو لنا البطائق وانطلقنا مسافة حوالي خمسة كيلو استوقفتنا نقطة اخرى ايضاً اجمعو البطائق وركب معنا مندوب في السيارة من النقطة وأخذنا إلى بوابة حوش مركز طبي في منطقة (الوطية) تابعة لمحافظة البيضاء تبعد عن النقطة 2 كيلو انزلوا الجميع من السيارة ووقفنا امام الفندم ابو حسين ينادي بالاسماء ثم يسئل ماذا تعمل في مآرب وكم استلمت فلوس من السعودية وفي اي جبهه شاركت انت مجند يرد كل شخص يجيب عن نوع عملة وسبب سفرة كنا اربعة شباب في السيارة والبقية كبار السن ، الفندم سمح للبقية بالمغادرة واحتجز الشباب الاربعة دون اي سبب ، الحارس يصيح اخرجوا هواتفكم المحمولة واحذف كلمة السر اخذوا الهواتف وحقائب السفر وفتشونا تفتيش دقيق وخلال التفتيش يهاجمنا الحارس  بكلمات "يا دوعش يا مرتزقة العدوان يا يا..." ثم بعد ذلك ادخلونا المركز الطبي الذي تحول إلى سجن للغلابا المظلومين الكادحين وعابري السبيل. في منطقة بعيدة وغريبة وجدت نفسي في سجن لا اعرف أين انا ولا احد من الأهل والأصحاب يعرف مصيري وماذا حدث لي. وقفت صامت اتسائل في نفسي هل يعقل أن ابقى محتجز هكذا دون ذنب لم اكن قلق على نفسي ومصيري كنت عابر طريق فاحتجزني من يسمون انفسهم انصار الله ولكنهم يتعاملون كقطاع الطرق. لم اكن قلقاً على نفسي ومصيري بحجم قلقي الشديد على الأهل والأصدقاء في الخارج الذين ينتظرون وصولي ولم يُسمح لنا بإبلاغهم بأني معتقل في سجون الحوثيين. السجن مقبرة الأحياء .. فراق الأحبا .. تجربة الأصدقاء. عباره مكتوبة على حائط السجن بخط اليد توقفت امامها لبعض دقائق.. في نفسي نعم أنا في مقبرة الأحياء واتسائل متى ستقام صلاة الغائب على ضريحي. كلما قابلت سجين اسئل كم مر عليك من الوقت هنا يقول اسبوع ومنهم 10 أيام و 20 يوم و 50 يوم. كانت الساعة حوالي الرابعة والنصف عصراً دخل الفندم ابو حسين والحرس التابع لة ولديهم ورقة فيها اسماء عشرة اسخاص كل من ينادون باسمة يخرج من السجن ، انتظرت سماع اسمي حتى انتهى العدد عندها ايقنت أنني باقي في السجن. صلينا المغرب والعشاء وانتظرنا في الصالة في الظلام بحثت عن ماء للشرب لا يوجد ماء إلا شراء من البقالة في الصباح بعدها جاء العشاء دخلنا احدى الغرف حيث يتم توزيع العشاء جلسنا مجموعتين في الغرفة ،، العشاء كدم وشوية حلاوى وجبن مثلث لكل شخص حبتين كدم حجم الكدمة يساوي حبتين بسكويت ابو ولد سمينا الله وبدئنا ولحظات خلص العشاء ولم انتهي من الكدمة الأولى ووجبة الغداء كانت نفرين مشكل وواحد حقين ونصف حبة دجاج ونفر رز اقل مجموعة على هذه الوجبة عشرة اشخاص. توجه الجميع إلى الغرف للنوم والظلام دامس بحثنا في الغرف عن مكان شاغر ولم نجد بحثنا عن بطانية ولم نجد كنا ثلاثة مستجدين رجعنا إلى الصالة ورقدنا على البلاط والبرد قارس كلما حاولت النوم يقطع نومي الشاويش ابو ثبات يفتح الباب وينادي باحثاً عن شخص بين المعتقلين، عند منتصف الليل اشفق علينا شخص قديم في السجن واعطانا دجلة عسكرية لم اتعرف على شكلة بسبب الظلام. استيقضنا لصلاة الفجر ودخل علينا الشاويش ابو ثبات يحمل جهاز راديو مع امبي ثري وضعة في الصاله وشغل لنا القرأن ثم بعد نصف ساعة شغل الزوامل وفتح باب المركز وجلس امام الباب وكان منتشيا على الزوامل يتناول القات والشمة (البردقان) بشغف يهز راسة منسجماً مع الزامل اقتربنا منه نستفسر عن مصيرنا رد علينا من اليوم سيتم الخروج حظ يا نصيب عندما يأتي الفندم ابو حسين ويصيح ادخلو. انتظرنا ابو حسين بفارغ الصبر وكنت باستمرار احلم بشربة ماء ، جاء وقت وجبة الإفطار وكانت كوجبة العشاء الطعام قليل والجوعى كثير. احد السجناء ينادي بقالة بقالة في يدة ورقة وقلم يسجل الاسم والمطلوب من البقالة ويستلم الفلوس ويجمعها ثم ينادي الشاويش ويسلمها لة وبعد ساعة تصل الاغراض من البقالة الحمدلله حصلت على ماء وبسكويت. دخل علينا شاويش آخر كنيتة ابو هاشم وفتح الغرفة التي فيها اغراض المعتقلين وأخذ عدد من الملازم ووزعها على بعض السجناء. التاسعة والنصف دخل أبو حسين الجميع يتزاحمون للوصول إليه بصعوبة وصلت الية يا ابو حسين انا هنا دون ذنب ولست كما تضنون يرد عليا "أنت شكلك كذاب" وينصرف، في نفسي مستغرباً يووووه!!؟ هل هذه جريمتي لأن شكلي كذاب اكيد شكلي غير طبيعي لأنك قطعت طريقي وادخلتني السجن ظلم ونمت على البلاط البرد شديد عطشان جوعان مقهور في حال كهذا كيف بيكون شكلي أكيد مقلوب ، فوضت امري لله وكان همي وتفكيري كيف ابلغ أهلي واحبابي واطمنهم أنني مازلت على قيد الحياة. في السجن تراجع صفحات حياتك تشتاق للجميع تتذكر كل لحظة جميلة وسيئة عشتها خارج السجن بحرية مع (أخ ، قريب ، صديق ) لكن الجميع غير موجود الله جل جلاله هو القريب والمعين الموجود في كل وقت وحين الجميع داخل السجن يستنجدون بالله يستغفرون يسبحون يدعون الله عندئذ يشعر الإنسان بالطمائنينة والهدوء والصبر. اليوم الثاني كالعادة انتظرنا ابوحسين وكان عددنا يصل إلى 150 شخص حاولت اكلمه عن موعد التحقيق معي لكي أخرج نظر إلي وأعطاني ملزمة اخذت الملزمة وانصرفت لم يكن عندي استعداد أقراء اكثر من عنوان الملزمة (ليس على الناس حجة أمام الله) السيد حسين بدر الدين. كنت مرهق معدتي خاوية وجبة السجن غير كافية وفوق ذلك كنت اشعر بالغثيان عند تناول الطعام. بعد محاولاتي الفاشلة مع بوحسين وأملي بالخروج ايقنت أن خروجي بيد الله وحده وعندما يكتب الله لي الخروج سوف أخرج. بحثت عن ورقة وقلم وسجلت رقم احد الأقارب حتى جاء موعد خروج  سجين في اليوم الثالث اعطيتة الرقم لإبلاغهم وتطمينهم بأني على قيد الحياة فقط أنا في ضيافة إنصار الله داخل السجن. توقفت عن المحاولات مع ابو حسين واستمر البقية يناشدون بالخروج ، كان يوجد شابين أخوين (عبده وعلي) طويلا القامة اسمراء البشرة محتجزين منذ 50 يوم تم احتجازهم وهم في طريقهم إلى مآرب للعمل كانت ظروفهم صعبة لا يملكون ريال واحد تقدم الشاب الأكبر عبده يا ابو حسين "لنا خمسين يوم متى تفرجون عنا" يرد عليه مبتسماً "لما تكملو الستين اليوم سوف نفرج عنكم". هناك ايضاً رجل مسن عمره بين الخمسين تهمته أنه مجند رغم كبر سنة ، اثنا التحقيق سئلوه عن رأيه بعلماء السعودية مثل القرني والسويدان وغيرهم حتى أن الشيخ المسكين لا يعرف العلماء. الكثير داخل السجن من العمال الكادحين الذين تركوا أسرهم خلفهم وذهبوا للبحث عن لقمة العيش لكن داخل السجن متهمين بإنهم مرتزقة دواعش عملاء خونة لكنهم في الحقيقة والواقع مظلومين ومقهورين من جماعة انصار الله لا قانون ولا دوله تحميهم مصيرهم تحت تصرف أبو زعطان أبو فلتان. احياناً كان يدخل السجن من تجار السلاح والمهربين لكن سرعان ما كان يتم الإفراج عنهم ويبقى المساكين. وفوق ذلك يدخل علينا ابو حسين يقول : "احمدوا الله نحن ناس طيبين لسنا كالبقية الذين يذبحونكم "،، في نفسي لماذا نحمدالله لإنك قطعت طريقنا وادخلتنا السجن بدون ذنب. أما الشاويش أبو ثبات فيقول متفاخراً "نحن انصار الله نعرف الشخص قبل أن يتكلم"،، في نفسي ليش أو انتم أجهزه كشف الكذب. بفضل وتوفيق الله صباح اليوم السادس دخل ابو حسين ولم استطع الوصول إلية فاشرت له باصابعي أنا هنا منذ عدة أيام  سمح لي بالدخول قال لي خذ أغراضك وأخرج ياااااااه لله الحمد والشكر.
لمتابعتنا اخبار "بوابتي" أول باول إشترك عبر قناة بوابتي تليجرام  اضغط 
https://telegram.me/bawabatii
تم طباعة هذه الخبر من موقع بوابتي www.bawabatii.com - رابط الخبر: https://bawabatii.net/news47069.html