2016/04/07
تسريبات "وثائق بنما".. تفضح كيف أخفى بوتين 2 مليار دولار؟

تكشف التسريبات الضخمة لملايين الوثائق كيف يخبئ رؤساء الدول والمقربين منهم والمجرمون ومشاهير آخرون نشاطات مالية واسعة في الملاذات الضريبية، وتوضح تملك 12 رئيساً حالياً وسابقاً لشركات كهذه، إلى جانب أكثر من 100 من رجال السياسة والشخصيات العامة والمقربين من القيادات.

ومن أبرز ما كشفت عنه وثائق بنما هو كيف قام مقربون من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتحويل ما لا يقل عن 2 مليار دولار عن طريق بنوك وشركات مسجلة في الملاذات الضريبية.

وبحسب ما اطّلع عليه "الخليج أونلاين" في صحيفة هآرتس العبرية، قالت الصحيفة بتقرير مفصل، إن مصدر الوثائق المسربة هو مكتب محاماة ذو نفوذ قوي لكنه ليس ذائع الصيت يدعى "موساك فونسكا"، موجود في بنما ويمتلك شبكة فروع واسعة في عشرات الدول بالعالم من بينها إسرائيل.

وإلى جانب بوتين شملت التسريبات رئيس حكومة آيسلندا وباكستان وأبناء رئيس أذربيجان، كما أن 33 شخصية وشركة من المكشوف عنها وجدت في القائمة السوداء للإدارة الأمريكية، منذ أن وجدت دلائل حول علاقات عمل تربطهم مع تجار مخدرات مكسيكيين ومنظمات إرهابية مثل "حزب الله" ودول "منفلتة" مثل كوريا الشمالية وإيران، كما أن إحدى الشركات المشبوهة زودت طائرات جيش الأسد بالوقود، علماً أن هذه الطائرات استخدمت ضد المدنيين وقتل الآلاف منهم.

الوثائق المسربة والمعطيات التي تحتوي عليها هي نتيجة لتحقيق دام لمدة عام إدارته شبكة الصحفيين الدوليين والاتحاد الدولي للصحافة الاستقصائية، جنباً إلى جنب مع الصحيفة الألمانية "زيدوتشه سيتونغ" وأكثر من 100 وسيلة إعلام حول العالم.

ويوجد في مخزن المعلومات 11.5 مليون وثيقة ورسالة تكشف كيف تقوم مكاتب المحاماة والبنوك الكبيرة حول العالم بتقديم خدمات مالية سرية للسياسيين والأثرياء والمشاهير ونجوم كرة القدم والخارجين عن القانون وتجار المخدرات.

واشترك في التحقيق صحفيين يتحدثون أكثر من 25 لغة، ليخرجوا أكبر تحقيق إعلامي في تاريخ الصحافة.

- كيف أخفى بوتين 2 مليار دولار؟!

وتقول صحيفة هآرتس أن الوثائق الداخلية لمكتب "موساك فونسكا" تحوي معلومات متعلقة بـ 214.488 جهة في الملاذات الضريبية، تابعة لأشخاص من أكثر من 200 دولة ومنطقة حول العالم. هذه الوثائق تتعلق بالنشاطات المالية على مدار 40 عام تقريباً، منذ 1977 وحتى نهاية عام 2015.

ومن أبرز الأسماء في القائمة هو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

ففي 10 فبراير/ شباط عام 2011 قامت شركة غير معروفة تحمل اسم "Sandalwood Continental Ltd " بإقراض 200 مليون دولار لشركة أخرى غير معروفة مسجلة في قبرص تحمل اسم "هوريتش تريدينج". وفي اليوم التالي حوّلت الشركة الأولى حقوقها لجباية القرض، يشمل الفائدة، لشركة سرية أخرى تدعى "Ove Financial Corp" في جزيرة العذراء البريطانية، مقابل دولار واحد فقط.

وفي نفس اليوم قامت الشركة نفسها بتحويل حقوق جباية الدفعات إلى شركة أخرى في بنما تدعى " International Media Overseas " والتي دفعت أيضاً مقابل ذلك دولاراً واحداً فقط. وهكذا خلال 24 ساعة مرّت الأموال على 4 أيدي و3 قارات حتى اختفت آثار القرض نهائياً تقريباً. وبحسب الصحيفة، ومن المحتمل أن أحد الأسباب التي ساعدت في اختفاء آثار القرض هو قرب مسار المال هذا من الكرملين الروسي. إذ أن بنك "روسيا ماسنت فتربورغ" يترأسه ويمتلك غالبية أسهمه شخص يعرف بكونه "أحد صرّافي بوتين"، وهو الذي أقام شركة " Sandalwood Continental Ltd " التي حوّلت الأموال.

كما أن شركة " International Media Overseas" التي وصلتها دفعات الفوائد في النهاية لقيمة القرض التي بلغت 200 مليون دولار، تابعة –على الورق- لسيرجي رولدوغين وهو عازف تشيلو مشهور بكونه أحد أقرب أصدقاء بوتين، بل أيضاً عرّاب ابنة بوتين الكبرى. وتذكر الصحيفة أن هذه الـ 200 مليون دولار هي جزء واحد فقط من الـ 2 مليار دولار التي كشفت الوثائق تورط شركات وشخصيات مقربة من بوتين في تحويلها.

وتضيف الصحيفة أن الدفعات المشبوهة التي تورط فيها أصدقاء بوتين استخدمت بجزء من الحالات لدفع الرشاوى مقابل عقد صفقات أو تقديم دعم لحكومة روسيا. وبناء على الوثائق السرية يمكن التخمين أن جزءاً كبيراً من القرض أرسله بالأصل بنك في قبرص، كان في ذلك الوقت مملوكاً بجزء كبير منه لبنك " VT" التابع للحكومة الروسية.

وبحسب الصحيفة، تبين الوثائق أن كبار البنوك في العالم تعتبر المحرك الرئيسي وراء إنشاء شركات صعبة التتبع في جزيرة العذراء البريطانية وفي بنما وفي ملاذات ضريبية أخرى. إذ تبين أن أكثر من 15300 شركة أقيمت عن طريق بنوك لأجل زبائن طلبوا إخفاء نشاطاتهم المالي، ومن بينها مئات الشركات التي أنشئت على يد الشركات الضخمة مثل UBS وHSBC إلى جانب بنوك إسرائيلية ظهرت في التقارير، مثل بنك لئومي وبنك بوعاليم.

وتذكر الصحيفة أنه على الرغم من أن الخدمات التي تقدمها الملاذات الضريبية هي قانونية، إذا اتبعت أوامر القانون بالضبط، فإن البنوك ومكاتب المحاماة لا تطبق الشروط القانونية في عملها، التي تهدف للتأكد من عدم وجود زبائن متورطين بأعمال جنائية أو من تهرب ضريبي أو من فساد سياسي. وهنا جدير بالذكر أن أحد الأسماء التي برزت كانت لقادة أعلنوا أمام شعوبهم أنهم سيحاربون "جيوش الفساد" والشركات المسجلة في الملاذات الآمنة، مثل الرئيس الصيني شي شينغ بينغ الذي أقام لنفسه شركتين في الملاذات الآمنة عام 2009.

- غبار النجوم

في الوثائق تظهر أسماء 29 مليارديراً في قائمة ضمت 500 من بين أثرى أثرياء العالم أصدرتها سابقاً صحيفة فوربس، من بينهم الإسرائيلي عيدان عوفر. كما أن شخصيات مشهورة ودولية ارتبطت أسماؤها بأحداث تاريخية تذكرها القوائم السوداء، مثل شخص (لم يذكر اسمه) أدين بقضايا تبييض أموال وججمع تبرعات لحملات انتخابة بشكل غير قانوني، استخدمت لاحقاً لدفع المال للمخترقين في فضيحة "ووترغيت" الشهيرة والأكبر في تاريخ أمريكا، التي قامت فيها مجموعة بزرع أجهزة تنصت على المكالمات الهاتفية للجنة القومية للحزب الديمقراطي.

إلى جانب ذلك، برز اسم النجم السينمائي الشهير جاكي شان في الوثائق، إذ يمتلك على الأقل 6 شركات يديرها مكتب موساك فونسكا، إلا أنه لم توجد دلائل بأن شان استخدم أموال شركته لأهداف غير قانونية. كما أن اسم لاعب الكرة الشهير ليونيل ميسي ظهر في الوثائق، ويجري حالياً التحقيق في الشركات التي أنشأها بعد أن وجدت شكوك حول تهرب ضريبي.

 لمتابعة أخبار “بوابتي” أول باول إشترك عبر قناة بوابتي تليجرام اضغط ( هنــــا)

تم طباعة هذه الخبر من موقع بوابتي www.bawabatii.com - رابط الخبر: https://bawabatii.net/news50929.html