آراؤهم في المثلية وجرائم الشرف.. هذا ما قاله ترامب عن اللاجئين السوريين في أميركا وهذه حقيقتها
لقد كانت إعادة توطين اللاجئين السوريين نقطة نزاعٍ سياسي في السباق الرئاسي الأميركي. هذا الأسبوع، استخدم المرشح الجمهوري دونالد ترامب خطابًا يعكس آراءه المتعصبة حول الهجرة والأمن الوطني، استحضر فيه مرة أخرى شبح إمكانية اختراق الإرهابيين لبرنامج إعادة التوطين السوري في الولايات المتحدة.
أعلن مرشح الحزب الجمهوري أن إدارته، على سبيل الوقاية، ستعلّق الهجرة من سوريا وليبيا. وسيخضع الساعون إلى دخول الولايات المتّحدة لعملية فحص صارمة شدّد ترامب على أنها ستكون "مشدّدة للغاية".
قبل أن يتم قبولهم، سيخضع المتقدمون لعملية "تثبّت أيديولوجي"، تضمن أن المقبولين "يشاركوننا قيمنا ويحبون شعبنا". قال ترامب إن المهاجرين سيواجهون أسئلة عن جرائم الشرف، ورؤاهم بشأن "المرأة و المثليين والأقليات"، بالإضافة إلى مواقفهم من "الإسلام المتطرف".
وقال ترامب عن اللاجئين السوريين، في خطابه بفينيكس يوم الأربعاء 31 أغسطس/آب 2016: "نحن لا فكرة لدينا عن هوية هؤلاء ومن أين يأتون. إنني أقولها دوماً، حصان طروادة. شاهدوا ما سيحدث يا رفاق. فالأمر لن يكون جيداً."
بعيدًا عن الخطاب الساخن والاقتراحات المثيرة للجدل، يلمس ترامب مخاوف حقيقية بشأن الأمن الوطني وتهديدات الإرهاب. هنا نعيد زيارة موضوع إعادة التوطين السوري في الولايات المتّحدة، في محاولة لفصل الحقيقة عن الخيال، بحسب ما يورد مراسل صحيفة الغارديان البريطانية في نيويورك لاورين غامبينو.
نعرف من هؤلاء الناس
على الرغم من زعم دونالد ترامب المتكرر بأن الولايات المتحدة لا تعرف هؤلاء الذين تسمح لهم بدخول البلاد، فإن عملية فحص اللاجئين بالولايات المتّحدة تُعتبر الأكثر تزمّتاً في العالم الغربي.
فقد صرحت وزارة الخارجية بأن السوريين القادمين إلى الولايات المتّحدة هم من أكثر المجموعات التي يتمّ فحصها بصرامة من ضمن الأشخاص الذين يُسمح لهم الآن بدخول البلاد.
تستغرق عملية الفحص الكامل في المتوسط 18 شهراً إلى عامين، وتشارك فيها عدة وكالات أمنية واستخباراتية فيدرالية تقوم بسلسلة من الفحوصات والاختبارات الأمنية.
تبدأ العملية بفحص مبدئي من قبل وكالة اللاجئين الخاصة بالأمم المتّحدة. ثمّ يُحال المرشحون المحتملون إلى الولايات المتّحدة، حيثُ يُباشر مسئولو وزارة الخارجية والمباحث الفيدرالية الأميركية ووزارتا الأمن الوطني والدفاع مزيداً من الفحص.
جيه جونسون، وزير الأمن الوطني، قال مؤخراً إن الوزارة "أضافت فحوصات أمنية إلى العملية" خصيصًا للاجئين السوريين، بالإضافة إلى تخصيص المزيد من الموارد للمساعدة في جعل العملية أكثر فعالية. وكفحص إضافي، أُصدرت تعليمات إلى مكتب خدمات الجنسية والهجرة بالولايات المتّحدة بمراجعة حسابات التواصل الاجتماعي للاجئين السوريين المتقدّمين المُحالين، على سبيل تعزيز الفحص.
موظفو الهجرة يملكون فكرة جيدة جداً حول من يقبلون من سوريا حتى قبل أن تلمس عجلات طائراتهم الأرض الأميركية.
10 آلاف لاجئ سوري وأكثر
الإجابة تزيد كثيراً عن سابقتها في المرة الأخيرة التي طرحنا فيها هذا السؤال.
بعد بداية بطيئة ممضّة، أعلن البيت الأبيض هذا الأسبوع أنّه قد حقق هدفه بإعادة توطين 10 آلاف لاجئ سوري بنهاية العام المالي.
تعهّد باراك أوباما العام الماضي تحت ضغطٍ من أوروبا والأمم المتّحدة على الولايات المتّحدة لكي تلعب دوراً أكبر في مواجهة أزمة اللاجئين العالمية. أغلب اللاجئين تم قبولهم في الأشهر الثلاثة الأخيرة. قبلها كانت الولايات المتحدة قد سمحت لربع هذا الرقم فقط من اللاجئين السوريين الذين وعدت بإعادة توطينهم. في المجمل، أعادت الولايات المتّحدة توطين حوالي 12 ألف لاجئ سوري منذ بدء الحرب قبل خمسة أعوام.
وللمساعدة في تسهيل عملية الاندماج، يتم إعادة توطين اللاجئين في المناطق التي بها أفراد من العائلة. وهؤلاء الذين ليس لديهم أي روابط عائلية تحاول مجموعات إعادة التوطين تسكينهم في مدن تحتوي على مجتمعاتٍ راسخة من المهاجرين السوريين، أو حيثُ تزداد فرص إيجاد الوظائف.
هذه المجموعات- عبارة عن تحالف من المؤسسات الإنسانية والدينية غير الربحية- تساعد البالغين على إيجاد عمل، وإلحاق أطفالهم بالمدارس وتعلم اللغة الإنجليزية. خلال هذه العملية، يتلقون دعماً سكنياً وماديًا. وبعد عام من قبولهم، يمكن للاجئين التقدم بطلب للحصول على الإقامة الدائمة (Green Card)، وحينها يجب أن يخضعوا لفحصٍ آخر.
وقد طالبت مرشحة الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون الولايات المتحدة بإعادة توطين 55 ألف لاجئ من سوريا بالإضافة إلى العشرة آلاف الذين تعهد أوباما بإعادة توطينهم. وحتى وإن قبلت الولايات المتحدة 65 ألف لاجئ سوري، سيظل هذا الرقم جزءاً ضئيلاً من الرقم الكلي للاجئين السوريين الذين فرَّ أغلبهم إلى الدول المجاورة التي تتحمل العبء الأكبر من أكبر أزمات اللاجئين في العالم: 4.8 ملايين.
احتمال التعاطف مع "داعش"
اللاجئون السوريون القادمون إلى الولايات المتّحدة هم من الفئة الأكثر هشاشة في الصراع السوري: العديد منهم نساء وأطفال، ومن الأقليات الدينية، وضحايا للعنف أو التعذيب. الكثير منهم ترك سوريا هربًا من وحشية كل من الدولة الإسلامية ( داعش)، ونظام بشار الأسد، ويعرّضون أنفسهم للخطر في سبيل ذلك.
أزمة اللاجئين السورية التي تزداد سوءًا قوضت زعم داعش بأن خلافته ملاذ آمن للمسلمين. فاختيارهم المخاطرة بحياتهم في الرحلة الخطرة إلى أوروبا وما بعدها بدلًا من الانضواء تحت لواء الخلافة هو رفض قاطع للجماعة وأيديولوجيتها. في مواقف عدّة أدانت الدولة الإسلامية اللاجئين الذين يفرون من معاقلها.
يُجادل بعض الخبراء أن الولايات المتحدة برفضها للاجئين السوريين فإنها في الحقيقة تساعد داعش. عندما تغلق الولايات المتّحدة أبوابها في وجه مسلمي سوريا، فهي تدعم زعم داعش بأن الغرب لا يريد مساعدتهم، وأن خلاصهم الوحيد في يد داعش.
هل يمكن أن يأتي لاجئون خطرون إلى الولايات المتّحدة؟
يختلف اللاجئون الذين يتم قبولهم في الولايات المتّحدة كثيراً عن هؤلاء الذين يصلون إلى الحدود الأوروبية.
على عكس أوروبا، التي يمكن للمهاجرين فيها العبور من خلال تركيا ودخول اليونان، اللاجئون الذين يصلون إلى الولايات المتحدة سيكونون قد مروا بعملية فحص مطولة. بسبب نظام شنغن الأوروبي، يمكن للاجئين التنقل بين الدول الأوروبية بلا حاجة لإظهار جواز سفر أو الخضوع لفحصٍ لخلفياتهم.
التوتر العام بشأن وصول اللاجئين له سابقة تاريخية. يُعيد الجدل المتصاعد حول المهاجرين السوريين إلى الأذهان نفور الأميركيين من قبول اللاجئين اليهود الهاربين من ألمانيا النازية في الأعوام التي سبقت الحرب العالمية الثانية مباشرة.
لكن تحليلاً نشره معهد سياسة الهجرة في أكتوبر/تشرين الأول 2015 يُذكّرنا بالأسباب التي تجعل العديد من هذه المخاوف في غير محلها. من ضمن 784 ألف لاجئ تمت إعادة توطينهم في الولايات المتّحدة منذ 11 سبتمبر 2001، لم يُعتقل سوى 3 فقط بتهمة التخطيط لأنشطة إرهابية، كما وجد التقرير. يضيف التقرير في سياق ذلك أن هذه الحالات الثلاث "اثنتان منها لم تكن تخطيطًا لهجوم داخل الولايات المتحدة، والخطط في الثالثة كانت بالكاد ذات مصداقية".
أخيراً، فإن رفض دخول اللاجئين السوريين إلى الولايات المتحدة سيكسر تقليداً أميركياً استمر لعقود. بعد الحرب العالمية الثانية، أنشأت الولايات المتحدة أول برامجها الرسمية لإعادة التوطين، وبدأت في اتخاذ مكانتها بصفتها ملاذاً آمناً للمضطهدين.
في سبعينيات القرن الماضي، استقبلت الولايات المتّحدة آلاف اللاجئين الفيتناميين. وفي 1980، استقبلت عدداً من اللاجئين الكوبيين يصل إلى 125 ألفًا خلال أزمة هروب ماريل الجماعي. كما شهدت التسعينيات تدفقاً للاجئين الهاربين من الحروب في البوسنة، والصومال ورواندا.
لمتابعة أخبار "بوابتي" أول باول إشترك عبر قناة بوابتي تليجرام اضغط ( هنــــا )