الاربعاء 4 ديسمبر 2024
موسوعة الشميري وتزوير التاريخ  أحمد حميد الدين نموذجا...(٥)
الساعة 06:44 مساءً
زايد جابر زايد جابر

زايد جابر

خامسا : الجوانب المضيئة للإمام أحمد!!

قالت الموسوعة: " والحق أن بعضا من التهم غير الموثقة الصقت بهذا الإمام ، ومن يقرأ ترجمته يدرك جوانب مضيئة في قناعاته مثل : إبرام الوحدة العربية مع مصر وسوريا ، وثورته على المنهج الالحادي والاشتراكية ، وابرام المعاهدات والاتفاقات مع الدول الشرقية والغربية ، وبناء ميناء الحديدة ، وسفلتة طريق الحديدة صنعاء ، ورفضه للعقيدة الجارودية التي كانت منتشرة قبل عصره "

لم يقل لنا صاحب الترجمة ما هي التهم غير الموثقة التي الصقت بهذا الامام ؟ ومن الذي روج لهذه التهم ؟ وما هي الترجمة التي يدرك من يقرأها الجوانب المضيئة في سيرة هذا الامام ؟ هل هي هذه  الترجمة التي ضمنها موسوعته ؟ ام ترجمة الاماميين التي نقل منهم ؟ وهل هي مراجع محايدة حتى يدعوا القراء بالعودة اليها لتفنيد ما نسب الى هذا الامام ؟..اما الأمثلة التي ضربها للجوانب المضيئة للإمام أحمد فقد ضمت الشيء ونقيضه ..الانضمام الى الوحدة العربية مع مصر وسوريا والانسحاب منها بسبب اتهامه لعبدالناصر بتبني الاشتراكية!!

لقد ابرم اتفاقية الوحدة مع مصر وسوريا عام ١٩٥٨ بعد نصيحة بعض مستشاريه حتى يبعد خطر تأثر الاحرار بالثورة المصرية وعبدالناصر ومحاولة لإقناع عبدالناصر بالتضييق على الاحرار الذين وجدوا في مصر ملاذا امنا بعد ثورة يوليو ١٩٥٢ وكان لهم صوت مدوي في اذاعة صوت العرب من القاهرة ، أما  الامام احمد  فقد كشف في برقيته التي بعثها لعبدالناصر طالبا فيها انضمامه لهذا الاتحاد عام ١٩٥٨ عن دوافعه لهذا الإنضمام  بما يكشف عن عقليته الضحلة والمتخلفة ، واعتماده على الشعوذة والخرافات حيث جاء فيها :

"من أمير المؤمنين، الناصر لدين الله الإمام احمد بن يحيى حميد الدين ملك المملكة المتوكلية اليمنية.

إلى فخامة الرئيس جمال عبدالناصر ،

لقد استخرت النجوم، وبعد الحساب الطويل، تبين لنا أن نجمكم يكسب نجم الآخرين، ويغطي عليه، ولهذا نريد أن ننضم إليكم، والولد البدر في طريقه إلى عندكم لبحث الأمور، ونقل رأينا".. هذه هي عقلية الإمام الكهنوتي المشعوذ ، وفي الأخير  كان انضماما شكليا ، لم يكن له أي نتائج عملية ، وبعد ثلاث سنوات أعلن خروجه من هذا الاتحاد بسبب الاشتراكية الكافرة حسب زعمه ، وهو ما امتدحته موسوعة الشميري ووصفت ما قام به بالثورة على المنهج الالحادي والاشتراكية! ولا ادري ما علاقة ذلك بالإلحاد ..حتى خصوم عبدالناصر ما وصفوا خطواته وسياسته الإقتصادية  بالمنهج الالحادي ، والكل يعلم أن عبدالناصر لم يكن له علاقة بالشيوعية بل كان ضدها بكل وضوح  والاجراءات الاشتراكية التي قام بها كانت عبارة عن اصلاحات زراعية اذ قام بتأميم الاقطاعات وتوزيعها على صغار الفلاحين وهي خطوات لاقت ارتياحا شعبيا واسعا ، وايدتها النخب المصرية  وعلماء الدين في الازهر وخارجه بما فيهم علماء ومفكرين كبار من رموز وقيادات الإخوان المسلمين وعلى رأسهم سيد قطب في كتابه الشهير " العدالة الاجتماعية في الاسلام " والشيخ محمد الغزالي و د. مصطفى السباعي زعيم الاخوان في سوريا ..ان اتهام عبدالناصر بالشيوعية والالحاد هي تهم الإمام أحمد وزبانيته من دعاة الإمامة التي دمغوا بها كل خصومهم داخل اليمن وخارجه ، فحتى لا تتأثر النخبة اليمنية وعلى رأسهم الطلاب الذين ابتعثوا للخارج ــ على قلتهم ــ  بالتطور في بعض البلدان العربية كمصر والعراق كان الإمام يقول لهم أولئك ضيعوا الدين واباحوا الفجور والخمور ، وقد صور ابو الأحرار الشهيد الزبيري اساليب الامام التضليلية فقال  :

فيا ملكا لج في بطشه

وداس البلاد وأخنى بها

ودب لأمته في الظلام

دبيب اللصوص واسلابها

وذر الغبار بأجفانها

وصب السموم بأعصابها

وقال لها مصر أم الفجور

تسيل الخمور بأبوابها

وبغداد عاصمة الملحدين

ومكة نهب لسلابها

وما الأرض الا لنا وحدنا

ولكنهم غالطونا بها!

ويبدو أن مؤلف الموسوعة لا زال مسكونا بتاريخه "الجهادي"  ايام حرب المناطق الوسطى مطلع ثمانينات القرن الماضي اذ كان يقاتل الجبهة الوطنية معتقدا أنه يقاتل الشيوعية والالحاد ولعل هذا سر اعحابه بخطوة الإمام أحمد تلك حيث رأى فيه قدوة حسنة له في هذا الباب!!.

اما مدحه للإمام أحمد لرفضه العقيدة الجارودية التي كانت منتشرة قبل عصره حسب زعمه فأمر يكشف عن جهله وتبنيه للمفهوم السائد للجارودية دون تمحيص فالجارودية نسبة لأبي الجارود زياد بن المنذر (ت 150 ه) وهو اول من قال بحصر الامامة بالبطنين لمن خرج منهم شاهرا سيفه ، و بالتالي فكل من قال بالحصر فهو جارودي ، وقد قال الامام عبدالله بن حمزة  أن " الزيدية على الحقيقة هم الجارودية، ولا نعلم في الأئمة عليهم السلام من بعد زيد بن علي عليه السلام من ليس بجارودي، وأتباعهم كذلك "  أما سب الصحابة او القول بالوصية وغير ذلك فليس مما أنفرد به ابو الجارود فكل فرق الشيعة تقول بذلك ، والامام أحمد ما تخلى ولا خرج عن الجارودية فقد ظل مؤمنا أن الامامة محصورة بالبطنين الى أن هلك، ويدل على ذلك ما قاله عندما عاد من رحلته العلاجية من ايطاليا عام 1959 حيث بلغه تحركات القبائل في صنعاء وعلى رأسهم الشيخ الشهيد حميد الأحمر وقد بلغه زامل قبائل حاشد:

امامنا الناصر ومن بعده حميد       .... سبحان من رد العوائد لأهلها

فجن جنونه  كيف يخطر على  بال اليمنيين ان يحكمهم شخص ليس من البطنين ؟!، فخطب خطبته الشهيرة التي أرغى فيها وأزبد وهدد وتوعد ، وكان مما قاله فيها :

ماذا يريدونها لا در درهم         ... ان الامامة لا يطوى لها علم!

لقد كان الامام أحمد كالائمة من قبله جاروديا كما هو شأن دعاة الهادوية وكبار علماءها حتى اليوم .


إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
آخر الأخبار