الجمعة 26 ابريل 2024
اربطوا "الحزام" ودعوا الثور الهائج!
الساعة 06:23 مساءً
نايف القدسي نايف القدسي

يروى مما يروى أن رجلا كان يتناول العشاء مع أولاده حين دخل "التيس" الى الغرفة، طلب الأب من ابنه "عوض" أن ينهض ليمسك بالتيس ويربطه، لكن ما ان قام عوض حتى وقعت يده على "الفانوس" المعلق ليسقط على الأرض وينطفئ، ويبدأ مشهداً درامياً بطله عوض هذه المرة.

تحرك عوض لتقع قدمه على طرف المائدة فقلبها ونثر العشاء، وعندما حاول حلّ الأمر قفز ووقع على بطن الأب، ليصيح الأب: اربطوا عوض وخلوا التيس!.

تذكرت هذا المثل وأنا أتابع "حادثة الثور الهائج" الجمعة الماضية، في عدن، حيث تقول الرواية التي حاولت استجماع أطرافها من عدة مصادر، أن ثوراً هائجاً هرب من دكان جزار، ليقوم الأخير بإبلاغ الأمن، محذراً أن حياة الناس في خطر!.

عند وصول الثور الى إحدى نقاط قوات الحزام الأمني بدأت بإطلاق النار عليه ما زاده هيجاناً، غير آخذة في الحسبان أن الرصاصة قد تخترق جسد الثور لتستقر في أجساد المواطنين الأبرياء الذي حضروا للإثارة.

تقول مصادر إعلامية ونشطاء إن أربعة أشخاص سقطوا بين قتيل وجريح جراء رصاص عناصر الحزام الأمني التي اخترقت جسد الثور أو جانبته لتستقر في أجسادهم، غير أن قيادة القطاع الثامن أصدرت بيانا يوضح الحادثة اعترفت فيه بمقتل مواطن واحد.

تقول رواية البيان إن المواطن قُتل "عند محاولة لإيقاف الثور الهائج"، إذ أطلق جندي رصاصة اخترقت جسد الثور "لتسكن في صدر المواطن محمد حميد سعيد ليفارق بعدها الحياة" وذلك أمام سوق عدن الدولي.

ذكرني هذا المشهد بموقف مشابه إذ كان أحد المزارعين في بلادنا لديه ثور ضخم وهائج، اضطر لبيعه من تاجر بثمن بخس، ولما فتح باب الزريبة ليخرج الثور قفز التاجر بعصاه الغليظة ذات الرأس المدبب من مكان مرتفع ليضرب الثور ضربة على قرنه.

لست هنا لإعطاء درس في التعامل مع الثيران الهائجة، ولا أعرف سر قرونها لأنصحكم بالاقتراب منها أو محاولة الضرب عليها! لكن ما شاهدته بعيني بعد هذه الضربة أن التاجر وضع حبلا على رقبة الثور وألجمه بلجام كان معه، واقتاده وذهب بهدوء، ولا داعي لأحدثكم عن الحزن في عيني المزارع.

وسواء كان الضحية شخصاً أم أربعة، فحادثة "الثور الهائج في عدن" تلفت النظر الى حالة "استخفاف" بالأرواح تتصرف بها عناصر هذه القوات المتهمة بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، قال محققو الأمم المتحدة في تقرير صدر في سبتمبر الماضي، إن بعضها قد ترْقَى لجرائم حَرْب.

والحقيقة أنه منذ أُطلقت أيدي هذه القوات وبدأت في التغول بمحافظة عدن ومحافظات أخرى جنوب البلاد، وحال المواطنين وحتى المسافرين العابرين يناشد: اربطوا قوات الحزام وخلوا الثور الهائج!


إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
آخر الأخبار