الجمعة 19 ابريل 2024
لماذا ظل اليمن يتعثر في كل ما هو جميل في مسيرته؟
الساعة 11:27 مساءً
ياسين سعيد نعمان ياسين سعيد نعمان

ياسن سعيد نعمان

١- يحدث أن تتعثر أمة بخيبات كثيرة في مسيرتها وتسقط .. فتستنجد بما تبقى لديها من  قيم الجمال، تستنفر  بها إرادتها لتعاود النهوض، فتنهض .

٢-على عكس ذلك هناك أمم تتعثر في ما وفرته لها الحياة من جمال، وهي أمم تعيسة مرتين، مرة لأنها لا تعمل غير أنها تحول ذلك القدر من الجمال إلى إشكالية تتوالد في جوفها محفزات الصراع الذي يفضي إلى الحروب، ومرة حينما تسقط ولا تجد ما تقاوم به السقوط، فقد أخذ القبح يلتهم كل ما تبقى لديها من إرادة لمعاودة النهوض.

٣- في مسيرتها الحديثة، يمكن القول أن اليمن من الأمم التي تعثرت في كل شيء جميل حدث في مسيرتها؛ تعثرت في القيم الجميلة التي جاءت بها الثورات، وهي من المحطات التاريخية التي بعثت بهاءً وجمالاً في مكوناتها البنيوية الثقافية والسياسية والاجتماعية عامة، والتي كان من الممكن أن تشكل رافعة نهوض شامل. وتعثرت في قيم التسامح والسلام التي رافقت الوحدة باعتبارها أكثر قيم الجمال تعويضاً لما أصاب اليمن من جراح، وتصحيحاً تاريخياً جذاباً لمسار الثورات. وتعثرت في العقد الاجتماعي لبناء دولة المواطنة الذي تخلق من انتفاضة التغيير السلمي والحوار الوطني، وكانت المحطة التي أعادت تسليط الضوء على قيم الجمال المقموعة بعد أن تعرضت لخذلان نظام الحكم، وبقيت مطمورة في ضمير المجتمع، متمسكة بأصالة دور الشعب في إعادة إنتاجها واستعادة الوعي بقيمتها في النهوض الوطني.

٤-ويبقى السؤال، لماذا ظل اليمن يتعثر في كل ما هو جميل في مسيرته؟

يكمن الجواب من وجهة نظري في حقيقتين

الأولى: هي أن الثورات ومحطات التغيير كانت تكتفي بخلق جيوب مشتتة، غير مترابطة، للنهوض، لا تشكل كياناً متماسكا يستطيع أن يكون بمثابة رافعة قوية لنهوض وطني شامل، أو يمنع تسلل القديم من خلال الشروخ التي تملأ ذلك الكيان. وعند مستوى معين من الاختراقات، تتم مصالحات مع القديم تضعف حوافز التغيير، فينقض هذا القديم بكل ما أوتي من خبرة وجسارة ولؤم ليعيد ترتيب الوضع لصالحه.

الثانية: هي أن النهوض كعملية سياسية – اجتماعية – معرفية شاملة، ظلت عملية نخبوية، لا يشارك فيها الشعب بإرادته الحرة، وإن تمت أحياناً، فبتوجيهات تعسفية تنتقص من حقه في التفكير والرأي، والاعتراض، والنقد، واختيار الحاكم.

٥-ومع كل تعثر، كان يستنجد بما تبقى من مخزون قيم الجمال المحفوظة في ضمير المجتمع، والتي كان يجري استحضارها وتحفيزها كلما برزت الحاجة إلى مغادرة مأزق السقوط بواسطة نخب سياسية وعسكرية وشعبية، وأحياناً حاكمة.

6-لا شك أن القوى التي ظلت تقاوم النهوض، وتمنع مغادرة مأزق السقوط قد أدركت حقيقة أن مخزون قيم الجمال في ضمير المجتمع سيظل محرك النهوض الأساسي الذي سيؤسس قواعد مواجهة هذا الوضع البائس، الذي تخلق منذ أن انقض الإرهاب الحوثي على مشروع بناء الدولة وعطل مسيرته، ولذلك فإنها ستعمل على تجريف هذا المخزون البسيط من قيم الجمال وتصفيته، وتجريد المجتمع منه حتى لا يتمكن من إعادة بناء شروط النهوض من جديد.

٦-اليوم، هذا هو الجانب الآخر من المعركة، وهو الجانب الذي تتوالد فيه شروط النصر، أو عوامل الهزيمة.

وإلا، ألا فاعلموا أن مصيراً رهيباً ينتظر كل من يحلم بالفضيلة، أو يحملها في هذا الزمن الذي تستباح فيه قيم الجمال.

من صفحته في “فيسبوك”.


إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
آخر الأخبار