السبت 27 ابريل 2024
اللعب بالنار
الساعة 10:29 صباحاً
صحيفة الخليج صحيفة الخليج

 يبدو أن جماعة الحوثي تعيش حالة من الوهم تقودها إلى الاعتقاد أنها تستطيع فرض قرارها وإرادتها في ما يخص التسوية السياسية في اليمن، وأنه يمكنها أن تضع يدها على اليمن من خلال هذه الأفعال الجنونية التي تقوم بها بحق المملكة العربية السعودية، وذلك بإطلاق صواريخ باليستية وطائرات مسيّرة على أهداف مدنية واقتصادية، وآخرها استهداف مصفاة تكرير البترول في الرياض.

ربما يعتقد الحوثيون أن السعودية، ومعها دول التحالف، سترضخ لمشيئتهم، وتتنازل عن حماية الشعب اليمني والشرعية، وعن عروبة اليمن كركن أساسي من أركان الوجود العربي في المنطقة، أو تقبل بسقوطه فريسة لأطماع ونزوات شخصية وفئوية، رغماً عن إرادة الشعب اليمني.

لقد كان الانقلاب الحوثي في الأساس قبل أكثر من خمس سنوات، انقلاباً على الشرعية، وبالتالي فهو غير شرعي، وكان تنفيذاً لأجندة خارجية تستهدف السيطرة والهيمنة على المنطقة والممرات البحرية؛ لذلك فهو يتعارض مع المصالح الحيوية لليمن ودول الخليج العربي، ويُقوّض الأمن والاستقرار في المنطقة، ويمثل تهديداً لإمدادات الطاقة العالمية، ويُزعزع الاستقرار العالمي.

لذا كان التنديد بالاعتداء على مصفاة تكرير النفط في الرياض، واسعاً، نظراً لما يشكله من خطر لا يستهدف السعودية فحسب؛ وإنما كل دول المنظومة الخليجية، والاستقرار الإقليمي والاقتصاد العالمي. وهو  بلا شك  يستهدف أيضاً قطع الطريق على الجهود المبذولة للحل السلمي، وإخراج اليمن من أهوال الحرب والمأساة الإنسانية التي يعيشها الشعب اليمني، حيث تؤكد التقارير الأممية أن اليمن بات على أعتاب أكبر كارثة إنسانية منذ عقود؛ إذ أصيب مليونان وثلاثمئة ألف طفل دون سن الخامسة بسوء التغذية، حسب منظمة «اليونيسيف»، التي توقعت وفاة مزيد من الأطفال كل يوم يمر من دون تقديم مساعدات عاجلة، كما أن انعدام الأمن الغذائي يهدد أكثر من سبعة عشر مليون شخص.

ووفقاً للمنظمة أيضاً، فإن عشرين محافظة يمنية من أصل اثنتين وعشرين محافظة، هي في مرحلة «الطوارئ» أو «الأزمة» من مراحل الانعدام الغذائي، ويواجه أكثر من ثلثي سكان اليمن، خطر الجوع، ويحتاجون  بشكل عاجل  إلى مساعدات لإنقاذهم.

إن هذا الصراع المدمر الذي لا أفق له، والذي يتحمل الحوثيون مسؤولية استمراره، يجب أن يتوقف فوراً؛ لأن خمس سنوات من حرب لا ترحم، أثبتت أنها عبثية، والشعب اليمني وحده يدفع الثمن. وإذا كان الحوثيون يعتقدون أنهم يستطيعون كسب الحرب، فهم واهمون، وما عليهم إلا مراجعة أنفسهم والإنصات لصوت العقل والامتثال لإرادة المجتمع الدولي، وللدعوات التي تصدر عن مجلس الأمن بهذا الخصوص.

إن اللعب بالنار خطر ومكلف؛ لأن اللاعب غالباً ما يكون هو الضحية.

 

 


إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
آخر الأخبار