الجمعة 29 مارس 2024
كفى حربا ..!!
الساعة 11:09 مساءً
د. عبدالوهاب الروحاني د. عبدالوهاب الروحاني

الحرب بطبيعتها ظالمة لأنها تستنطق القوة وتغيب العقل .. ولأن منطقها هو منطق الغلبة ، وشرعتها هي القتل والموت والدمار .. ووقودها هم الأبرياء.

اما الحرب التي لا تنتج سلاما فهي حرب ليست ظالمة فقط بل عبثية أيضا ، هي حرب لن ينتصر فيها احد ، واذا ما انتصر فهو مهزوم ..

الحرب العالمية الأولى استمرت اربع سنوات والثانية ست سنوات ، وكلاهما انتهت بمنتصر ومهزوم .. واستمرت الحياة ، وعجلة التنمية لم تتوقف..

بينما حربنا استمرت ست سنوات - ولا تزال- دمرت الدولة والمجتمع ، وتوقفت الحياة واعادتنا سنوات ضوئية إلى الوراء.

ست سنوات حرب ، مزقت النسيج الاجتماعي اليمني ، وقضت على الألفة والمحبة بين الناس ، اثارت النزعات المذهبية، والعرقية، الطائفية، والمناطقية، وأيقظت روح الكراهية بين النخب والعامة..!!

هي حرب لم تدمر الدولة والمجتمع فقط ، بل دمرت الدين ايضا، وقضت على الاخلاق والقيم، وسلبت الكرامة..

دخان ونار:

ست سنوات دخان ونار، حولت اليمن إلى ساحة حرب بالوكالة على دماء اليمنيين .. انتهكت فيها السيادة الوطنية واحتلت الجزر والموانئ اليمنية ، وصودر القرار السياسي اليمني بصورة مخيفة ومخجلة.

ست سنوات من الحرب .. تغريب للهوية الوطنية .. احدثت انقسامات طائفية وجهوية ، قسمت اليمن إلى كانتونات صغيرة .. واوجدت عصابات تقتل، وتسرق، وتنهب، وتقطع الطريق، وتمتهن كرامات الناس.

كان عندنا دولة واحدة ، وعاصمة واحدة ، وحكومة واحدة ، ومرجعية دستورية واحدة ، وجيش واحد ، وبالحرب صارت عندنا ثلاث دويلات، وثلاث عواصم ، وثلات مرجعيات ، وثلاثة جيوش .. وثلاث مصائب !!!

ست سنوات حرب منعت المواطن من التنقل بامان في وطنه ..كنا نسافر من صنعاء إلى عدن والعكس خلال اربع إلى خمس ساعات بمتعة وأمان ، واصبحنا نسافر منها واليها خلال ثلاثة إلى اربعة أيام ، ويصل المسافر منا إذا كان له في العمر بقية.

كانت لدينا سبعة مطارات واصبح لدينا ربع مطار تحت إمرة المندوب السامي (احمد البلوشي)، وكانت موانئنا وجزرنا تخضع للسيادة الوطنية، واصبحت اليوم تحت قبضة وسيطرة "الاستحمار" الجديد.

حرب سراب:

نكرر ونقول أن حربنا هي حرب ظالمة وغير عادلة .. وبالتأكيد كلكم يعرف لماذا ؟!!

• لأننا نحارب ولا ندري لماذا !! ولأي غاية نحارب؟! .. نحن مهزومون من داخلنا لأننا نحارب سرابا، وهزائمنا متوالة عددية لا نهاية لها .. دمرنا فيها  بلدا وشعبا ودولة ، ومزقنا الوطن واضعنا الوحدة.

• ست سنوات حرب تعني أكثر من مأتي ألف قتيل، واكثر من ثلثمأة ألف مصاب، ومئات الألاف من اليتامى والثكالى في أقل التقديرات.

• حرب ست سنوات تعني انتشار الامراض الوبائية والمعدية ، وسوء التغذية لأكثر من ثلاثة مليون طفل وامرأة ، وتعني وجود حوالي 3 مليون طفل خارج الصفوف المدرسية .

• حرب ست سنوات تسببت بنزوح وتشريد أكثر من ثلاثة ونصف مليون مواطن في الداخل والخارج .. ونتج عنها قطع مرتبات أكثر من مليون ومأتي الف من موظفي الدولة، واصبح حوالي (80 %) من ابناء الوطن مهددون بالمجاعة.. ما يعني انها تسببت بتجويع وقتل شعب بأكمله.

• ست سنوات حرب تعني البطالة والتضخم ، وانهيار مخيف للعملة الوطنية ، وارتفاع سعر الدولار من (215) قبل الحرب إلى (610) ريالات بعدها .. ثم ارتفاع جنوني وغير مسبوق لأسعار المواد الغذائية والمشتقات النفطية..

• للأسف أصبح شعبنا يعيش على فضلات الصدقات والمعونات، وثلاثة في المائة من المفسدين يعيشون حالات بذخ من الجبايات ونهب المال العام.

ومن هنا ، من كل هذا العبث والموت والدمار  نقول كفى حربا ؟!

إنها حرب ظالمة وخاسرة، وغير عادلة.. ولن تنتج لكم نصرا،  لأنها سراب.

 


إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
آخر الأخبار