السبت 20 ابريل 2024
مصر وعقلها الجمعي..عبور في الملمات
الساعة 10:44 مساءً
د.ثابت الأحمدي د.ثابت الأحمدي

تجاوز مصر لأزمة قناة السويس مؤخرا يعكسُ عبقرية العقل الجمعي المصري الذي يقع أحيانا في المعضلات الكبيرة؛ لكنه لا يغرق فيها، وسرعان ما يتجاوزها، ويخرج منها سليما معافى، عكس بقية الشعوب التي تغرق أحيانا في قضاياها الكبيرة، وخاصة الشعوب ذات الطابع الحضاري العريق كالهند والصين سابقا، وكما هو الحال مع دول عريقة في المنطقة كالعراق واليمن؛ لأن وقوع شعب ذات امتداد تاريخي عريق في مشكلات سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية غير الدول الحديثة والطارئة، يصعب تجاوزها بسهولة. 
من وقت مبكر رأت مصر خطر الفكرة التشيعية فأهالت عليها التراب، وها هو شعب مصر اليوم يعيش حياته الطبيعية، بعيدا عن خطر هذه الجماعة التي تجاوزها، ومن يقرأ تاريخ مصر القديم والوسيط والحديث والمعاصر يجد أن العصر الفاطمي في مصر قد شهد من الثورات والانتفاضات المجتمعية ما لم يشهده تاريخ مصر كله، على الرغم من مدنية هذا الشعب وسلميته، لكن مع الفاطميين كان لهم شأن آخر، فجعلوهم أثرا بعد عين، وهو ما لم يُتحْ للعراق أو اليمن اللتين غرقتا في مشاكلهما مع هذه الجماعة، منذ قرون، وإلى اليوم يعانيان منها، في الوقت الذي تجاوزت مصر هذه المحنة، بفضل عقلها الجمعي المستشرف للأخطار الكبرى. 
ذات الشأن أيضا في نكبة/ نكسة 67م التي هزت الوجدان المصري؛ بل والعربي، وكادت أن تفقده الأمل بالذات الجمعية، في فترة ما بعد 67م، والتي عبر عنها الشاعر الشعبي المصري عبدالرحمن الأبنودي في قصيدة كانت على كل لسان آنذاك. (عدّى النهار والمغربية جيّة... ) إلخ، خاصة بعد أن غناها الفنان الكبير عبدالحليم حافظ. وسرعان ما كانت حرب العبور بعد أقل من ست سنوات البلسم الذي أعاد الاعتبار للذات الجريحة، ومن يقرأ مذكرات سعدالدين الشاذلي بطل حرب العبور يدرك أهمية الانتصار نفسيا قبل الانتصار عسكريا. وأعقب هذا الانتصار الحربي معركة سياسية كبرى تمثلت في كامب ديفيد التي أزالت المخلب الناشب من عنق مصر، وحققت السياسة 95% من النجاح، وهو ما لم تستطع إنجازه سوريا لا بالسياسة ولا بالحرب، في ذات المعضلة، وخسرت الجولان إلى اليوم، في الوقت الذي استعادت مصر سيناء بالحرب وبالسياسة. 
ذات الشأن أيضا مع 2011م التي تجاوزت تداعياتها، و "عبرت المضيق" إذا ما استعرنا مصطلح الدكتور ياسين سعيد نعمان هنا. وها هي اليوم منتصبة على قدميها لم تؤثر عليها تلك الأحداث. صحيح أنها واقعة في بعض الإشكاليات السياسية والاقتصادية، لكنها في مأمن من الأخطار الكبرى.. وستعبر.. نعم، ستعبر.


إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
آخر الأخبار