الثلاثاء 16 ابريل 2024
القنبوس(الطُربي)
الساعة 11:44 صباحاً
شفيق الغرباني شفيق الغرباني

العود اليمني القديم المسمى ب "الطربي"في صنعاء و "القنبوس" في حضرموت، وتظهر النقــوش الأثرية اليمنية المكتشفة، ومنها نقش لامرأة تمسك بآلة العود في وضع غير العزف، أن اليمنيين القدماء عرفوا آلة العود في بداية الألفية الأولى للميلاد. وساهمت الهجرات اليمنية وخاصة (الحضرمية) في انتشار القنبوس في دول شرق آسيا والهند وشرق افريقيا، والتي أدت إلى انتشار الأدوات الموسيقية على دول المحيط الهندي. مسلمو جنوب شرق آسيا (خاصة اندونيسيا وماليزيا وبروناي) يدعونه قامبوس، وهو الذي أثرى الموسيقى في تلك المنطقة. واليوم يعزف في جوهور، جنوب ماليزيا، أثناء الرقص التقليدي (زابين).

وفي جزر القمر يعرف باسم غابوسي ، بينما يدعى في زنجبار غابوس.

من المصطلحات المستخدمة في (لهجة يافع): كلمة (تقنبس ) أي جلس بفن، وجاءت كلمة ( قمبوس ) من طريقة جلوس العازف لعزفه بحجب ركبتيه، ومن وضعية وطريقة الجلوس هذه جاءت كلمة ( قمبوس ) ، ويجوز أن نقول ( قنبوس أو قمبوس ).. وهو عبارة عن قطعة واحدة منحوتة الجسم والرقبة من خشب شجرة الجوز الرفيع (نصف جذع)، يقطع الجذع بشكل طولي ويتم تفريغه من الداخل ليكوّن تجويف العود، أما رأس العود فيُنحت من خشبة منفصلة، ويضم المفاتيح التي تلصق فيه بلحام خاص يدعى ”العقب“، وهو مصنوع من قوائم الأبقار. يغطى صدر العود برقٍّ من جلد الماعز، وفي جانبه الأيمن الخارجي يكون الزند الذي تثبت فيه الأوتار. وفي بطن العود على الجلد توضع خشبة صغيرة تسمى ”غزالة“ وهي تحمل الأوتار مروراً إلى ”المشط“ في طرف الرقبة المرتبطة بالرأس، حيث المفاتيح التي تثبت عليها الأوتار.

أما ”المفاتيح“ في العود اليمني فيبلغ عددها سبعة، ثلاثة مزدوجة وواحد منفرد، تربط بأربعة أوتار طبيعية كانت تصنع من أمعاء الماعز.

وبالنسبة إلى "الطربي" "القنبوس" فهي تسمية محلية لآلة العود التي ميزت الفن الغنائي في صنعاء لعهود طويلة، لذلك أطلق عليها اسم "العود الصنعاني"، وقد شكلت على مدى 500 سنة أساس الموسيقى اليمنية، ومنها الموشح اليمني المعروف بالغناء الصنعاني، الذي صنّفته منظمة اليونسكو من ضمن الروائع العالمية، لكن الموشحات منذ قرابة عقد من الزمن أو أكثر بدأ استخدامها يقل في الجلسات الشعبية والأمسيات، وبات حضورها اليوم نادرا وصارت مهددة بالانقراض والضياع، فقد هجرها المطربون اليمنيون واستبدلوها بالعود العربي، ولم تعد موجودة إلا في المتحف الوطني، أو عند بعض المطربين القلائل والمهتمين بالتراث الموسيقي اليمني كتحفة فنية، متناسين أنه كان سبباً رئيسياً للإبقاء على حياة الأغنية الصنعانية نظراً لصغر حجمه وسهولة إخفائه في الفترة التي كان يعتبر العزف والغناء خلالها من التجاوزات الخطيرة التي لا يمكن التغاضي عنها في عهد حكم الأئمة.

وفي شرق البلاد، يعتبر سلطان بن صالح، ابن الشيخ علي آل هرهرة الذي ولد في الشحر والمتوفى سنة 1321 هجرية أول من أدخل العزف على آلة «القنبوس» في حضرموت فكان أعجوبة زمانه وعصره في العزف على هذه الآلة الموسيقية التي أخرج من نغمات أوتارها ألحاناً حضرمية بديعة كانت الوحي الملهم لمن جاء بعده من الفنانين، وقد ذكر أن أول من صنعه هو عِوَض سعيد كاورة سنة 1315هجرية في شبام . كما اصطلح على إطلاق اسم القنبوس في حضرموت على العود حتى وقت قريب، وبقي هذا الاسم متداولاً ويطلق على آلة العود أيضا في اندونيسيا و التي لقب فيها الفنان شيخ عبدالله البار، بأسطورة القنبوس .

وتعود أقدم التسجيلات الغنائية إلى الشيخ محمد الماس، والشيخ أبو بكر باشراحيل، حيث سجلا مجموعة من الأغاني الصنعانية على آلة «الطربي» أو «القنبوس» من تسجيلات شركة «اوديون» في عدن جنوب البلاد عام 1938م، أما في المحافظات الشمالية فإن أقدم التسجيلات الغنائية المصاحبة لهذه الآلة تعود للفنان الشيخ قاسم الأخفش، حيث قام بالتسجيل لإذاعة صنعاء في منتصف الخمسينات من القرن الماضي.

يتميز القنبوس (الطُربي) بإمكانات تتيح للعازف عزف أي لحن شرقي مكتمل، حيث إن بين كل وتر وآخر نغمة رابعة، ومن أهم خصائصه أن له أبعاد العود العادي ومكونات الأوتار التي تمكن من أداء أي لون وأي لحن بمنظومتها النغمية كاملة بأي مقام ، وقد أسهم ذلك في تأليف ألحان وألوان موسيقية متعددة في موروثنا الغنائي؛ وشكَّل أرضية محفِّزة للإبداع والابتكار.


إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
آخر الأخبار