الخميس 25 ابريل 2024
ليس على الإصلاح إن يتسول !
الساعة 12:17 صباحاً
محمد المياحي محمد المياحي

ليس على الإصلاح أن يتسول تضامن الأحزاب مع ما تتعرض له قياداته في الجنوب، لا يمكنك أن تعاتب الأخرين في موقف قيمي يعبر عنهم بأكثر مما يحمي وجودك جوارهم، هذه قيم مشتركة، إدانتهم للفعل ليس امتيازًا أخلاقيًا يتفضلون به عليك، هو واجب أخلاقي تفرضه دوافع العيش المشترك، وليس مطلب حقوقي أو إجراء شكلي تتطلبه الشراكة السياسية بينكما. 

بالأمس قُتل منصور الميسري، في عدن، هو مواطن في الدولة اليمنية، قبل أن يكون قياديًا في الإصلاح، أدان الإصلاح الفعل وكتب اليدومي منشورًا حزينًا في صفحته، يعبر عن أسفه لعدم إدانة الحادثة من قبل الأجهزة الأمنية في عدن والأحزاب المنضوية داخل الشرعية. 

قال اليدومي، إنه حاول البحث عن عذر لهم_يقصد شركاء العملية السياسية_؛ لكنه لم يجد، ثم وضع سؤال استنكاري، يقول فيه: أهو الخوف أم العجز..الخوف من القاتل أم العجز عن ملاحقته، أم القبول بهذا النوع من الجريمة..؟

لا الخوف ولا العجز، يا محمد اليدومي، ليس عليك أن تفتش في مبررات الصمت، ليست وظيفتك أن تشرح دوافع الجبن، هذه اللغة تمنح الجبناء مزيد من الغبطة؛ لكأن صمتهم مصدر قوة لهم في لحظات ضعفك، أخر ما تبقى بجعبتهم؛ لتهديدك..هم لا يهددونك من منطلق قوة؛ بل هو سلوك لؤماء ضعاف، يتقوى ضعفهم باستجداءك تعاطفهم. 

الصمت عن إدانة القتل، إنها وسيلة الجبان العاجز للتعبير عن ضغينته تجاه الضحية، هذا الموقف يكشفهم بأكثر مما يهددك، طريقتك في التعاطي مع الصمت هي المشكلة، تعاتبهم كأنك لا تستشعر وجودك بدونهم، كأن موتك مشكوك فيه ما لم يحضروا الجنازة معك. 

هذه الفكرة نعيد تكرارها كثيرًا: يعاني الإصلاح من أزمة وجودية، أزمة يقين بخصوص حقه في الوجود، لقد تمكن خصومهم عبر سياسات التهديد الدائم لهم بجعلهم يستشعرون الوجود كما لو أنه هبه من الخصم ويتقبلونه بأدنى شروطه السالبة للعيش الكريم، ولهذا تجدهم يتعاملون بانكسار دائم وشعور عميق بالوحدة، حتى في ظرف يتمتعون فيه بعناصر القوة والحضور ؛ تجدهم يستجرون مشاعر الضعف في حضرة خصوم مجرمين بلا أخلاق. 

لا حاجة لك بالإدانة _حتى وإن فعلوها_ بعد عتابك، ستغدو الإدانة سلوك استعلائي يهينك بأكثر مما ينتصر لمظلوميتك، أنت مطالب أن تحمي وجودك بذاتك، تنتصر لعناصرك بالتحرك المرتب نحو العدالة والاشتغال الإعلامي عليها. 
تلك مهمتك، الحديث من منطقة متقدمة، أن تقض مضاجع القتلة وتلاحقونهم في المحاكم والنيابات ومؤسسات العدالة في الداخل والخارج، انتصارًا للضحايا الذين يتساقطون كل يوم بلا ثمن. وليس الاستئناس بموقف أصدقاء، يرونك تنزف كل يوم، ويتلذذون بما تتعرض له؛ كما تتلذذ أنت بمشاعر الاستكانة ولطم الخدود والتعبير عن أسفك المديد.


إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
آخر الأخبار