الجمعة 19 ابريل 2024
أسرار انحدار تمويل الإغاثة
الساعة 11:49 مساءً
عبدالاله تقي عبدالاله تقي

 

المنظمات الأممية والدولية في اليمن عبرت بقوة عن خيبة الأمل الكبيرة عن تواضع حجم المساعدات 1.3 مليار دولار التي تعهد بها المانحون لتمويل خطة الاستجابة الانسانية السنوية في اليمن، بينما تتوقع ان تتسلم فعليا أقل من ذلك المبلغ خلال العام الجاري. وكانت ردة فعل المنظمات منهجية وقوية جدا نشرتها بمقالات مدفوعة وغير مدفوعة عبر كبريات الصحف الدولية ووكالات الأنباء. 

 

لكن من يعلم عميق نقاشات المانحين مع تلك المنظمات لم يتفاجأ بنتيجة المؤتمر الأخير لسبب تعرفه المنظمات تماما وكان على طاولة التقييم والنقاش منذ سنوات وهو إصرار تلك المنظمات على عدم بذل جهد أكبر لصنع أثر طويل الأجل وتحسين حياة المتضررين من الصراع والفقر. وفضلت على ذلك الاغاثة العاجلة بالسلع والتي يكون فيها صرف مبالغ المساعدات كبيرا وسريعا وسهلا بالرغم من ضخامة مخاطره، التي كما يعلم الجميع تورطت بسوء توجيه المساعدات، ففقدت المنظمات ثقة المجتمعات فالمانحين ثم خرجت أغلب أنشطة وبرامج الإغاثة من أشد مناطق التضرر من آثار الحرب والفقر. 

 

تعد قضية استمرار إقصاء التنمية والدفع بالاغاثة ونحن نسير نحو السنة الثامنة من توسع الحرب قضية مرفوضة وتكرارا للقضية الصومالية والافغانية والكنغولية ذات النتائج المأساوية المزمنة ولا يريد اليمنيون قبل غيرهم تكرارها لديهم وعلى حسابهم. كما يعد ذلك انسحابا من قبل منظمات الأمم المتحدة من الاتفاق بينها وبين البنك الدولي على توصيات القمة الإنسانية العالمية باسطنبول في العام 2016 والقاضية بالتعاون بين الطرفين لدعم الأمم التي تعاني من الصراعات والهشاشة بآلية الربط بين الإغاثة والتنمية هدف خلق أثر طويل الأجل متنوع المخرجات قابل للقياس يساعد المتضررين في تحمل آثار أزماتهم. ومن المعروف ان مخرجات ذلك الاتفاق النهضوي أول ما تم تطبيقه في اليمن في ذات العام ولكن عبر مؤسسات تنموية قليلة جدا لكن بقية الأطراف لم تنفذ منه سوى القليل أيضا.

 

ولأن هدف مؤتمر المانحين المقصود كان مقتصرا على تمويل خطة الاستجابة الانسانية (الإغاثية العابرة) فقط، فقد مثّل ذلك أيضا انذارا عمليا شديد اللهجة ضد جميع الممارسات التي تستهدف اليمنيين بالركود والركون عليها بعيدا عن تمويل توليهم الانتاج والنهوض للعمل لتلبية احتياجاتهم بانفسهم وباستخدام مواردهم وحل جذرية تحدياتهم وليس أعراض تلك التحديات كما تفعل الاغاثة. 

 

من يقرأ الخط الزمني للتمويلات الانسانية يجدها وصلت قمتها في العام 2018 لكنها سرعان ما انحدرت بانحراف مسار العمل الانساني وهياج الرأي العام المحلي والدولي ضد ذلك. 

لم يعد أمام تلك المنظمات سوى الاهتمام بتنفيذ توصية احدى الدراسات البريطانية الصادرة خلال عام 2019 والقاضية بأن تعمل جميع المنظمات الانسانية ضمن مشروع موسع مشترك واحد يبدأ ببناء اللبنة الأساسية للعمل الاغاثي المرتبط بالتنمية تمهيدا لتسليمه بعد أكثر من عام لمن يتمكن من مواصلة إدارته بعد ادخال مكونات تنموية أكثر تركيزا تمهيدا لبناء منظومة حماية اجتماعية ثابتة المسار نحو الاغاثة وكبح جماح تدهور أهداف التنمية المستدامة التي تتبناها منظومة الأمم المتحدة.


إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
آخر الأخبار