السبت 12 اكتوبر 2024
على طريقة عنزة ولو طارت.. النقد كيفما اتفق
الساعة 07:48 مساءً
ثابت الأحمدي ثابت الأحمدي

 

لست ضد النقد، والنقد البناء على وجه التحديد؛ لكني ضد الاستهداف والشخصنة والإساءات المتعمدة وغير المتعمدة التي يحاول البعض أن يبرز عضلاته الكلامية من خلال ثرثرات فيسبوكية أو تويترية يعتقد أنها مؤهل لنيل صك الوطنية من قبل المتابعين، أو أنها دليل نزاهة أو ثقافة.
في الواقع إنها حالة نفسية متأزمة بالدرجة الأولى، وما أسوأ نفسية المتأزم الذي لا يفرق بين باطل وحق، وبين خطأ وصواب، وبين طبيعة العمل في الأجواء الطبيعية والعمل في الظروف الاستثنائية. وعلى أية حال هذه "أعصبة الحرب" التي تعتري الجمهور في ظرف كهذا، إذا ما استعرنا التعبير الفرويدي هنا. الكل متأزم نفسيا، مشاعره النفسية متلاقحة، وفقًا لجوستاف لوبون. 
أتكلم هنا عن الحملات الموجهة وربما الممولة ضد معالي وزير الإعلام والثقافة والسياحة الأستاذ معمر الإرياني، والتي لا تخدم إلا الحوثي لا غير. وقبل هذا أود الإشارة إلى أنه لا يربطني بمعالي الوزير إلا العمل العام واحترامه كمسؤول في الدولة، فلست موظفا لديه، ولا أتسلم منه راتبا، أنا موظف في جهة أخرى، يعرفها الكثير من الأصدقاء والزملاء.
المجلس الرئاسي، والحكومة، والبرلمان، وغيرها من المؤسسات العامة للدولة تعمل في ظروف استثنائية خارجة عن إرادة الكل، وموازنة وزارة الإعلام والثقافة والسياحة أربعة ملايين ريال شهريا..! وهو مبلغ نخجل أن نصرح به هنا؛ إذ لا يكفي لإقامة مشروع إعلامي أو ثقافي واحد.! وزارة بلا موازنة، ووزير لسان حاله مع حكومته: 
ألقاه في اليم مكتوفا وقال له    إياك إياك أن تبتل بالماء
نعم.. هذه هي ميزانية الوزارة، وجزء منها يُصرف في المساعدات الإنسانية العاجلة لبعض المثقفين والإعلاميين، وأنا ممن سعى عنده لبعضهم، فبادر حينا واعتذر أحيانا أخرى، وفي خضم هذا الوضع لا يسعني إلا أن أتفهم اعتذاره، ومع هذا لم يستسلم الوزير أو ييأس؛ إذ يعمل بجهود متفانية ليل نهار محاولا أن يقدم الحد الأدنى مما يجب عليه في طريق استعادة الدولة. ويكفي أنه من الوزراء القلائل الذي له مكتب مفتوح ليل نهار، سواء في الداخل أم الخارج. فلمَ هذا التحاملُ في حق الرجل؟! 
باستطاعة الوزير الإرياني أن يقدمَ استقالته ويتحول إلى ناشط "فضائي"، متجولا بين عواصم الدول، ومهاجما الجميع، كما فعل البعض، وحتما سيثرى وسيكسب المال؛ لكن هذا سلوك غير معهود عن آل الإرياني أجمع، رجل دولة منذ بواكير عمله السياسي، سواء في الدولة، أم في الأمانة العامة للمؤتمر الشعبي العام، من خلال دائرة الشباب التي أسسها ورأسها فترة، قبل أن ينتقل إلى وزارة الشباب والرياضة، أو من خلال الاتحاد العام لشباب اليمن. يحترم رئيسه وحكومته، ويحترم كذلك الأشقاء ودول الجوار أجمع، وعلى قدر عالٍ من الخلق الرفيع مع الجميع، ولم نسمع أنه قد حاول حتى مجرد الرد على المهاجمين عليه يوما ما. 
المناصب السياسية في ظرف كهذا ليست مغنما، أما وزارة الثقافة والإعلام فهي كذلك من زمن، حالتها يرثى لها، واسألوا خالد الرويشان ومروان دماج عن حالها. 
يا قوم.. قبل أن تنتقدوا شخصًا ما ضعوا أنفسكم مكانه، تفهموا ظروفه، ولا مانع بعد ذلك من النقد الذي يبني ولا يهدم.. النقد الذي يتناول القضايا لا الأشخاص؛ أما النقد كيفما اتفق فلا أظن أن هذا فعل العقلاء. 
شخصيا سأكون أول المنتقدين لمعاليه في حال رأيته مقصرا في عمله، أو مهملا، كما ننتقد أي مسؤول آخر، مقصرين ومستغلين لمناصبهم؛ أما أن أنتقده في ظرف كهذا، وليس بيده شيء، فالأمر لا يعدو أن يكون ترفا في الكلام أو مزايدة واضحة، تكشف خفة المنتقد قبل كل شيء، ولا يعدو الأمر هنا ما قاله سبينوزا: "إن ما يقوله بولس عن بطرس يُخبرنا عن بولس أكثر مما يخبرنا عن بطرس". وصدق القائل قديما "تُهابُ الرجال حتى تتكلم". ومن جهة ثانية، وإذا كان ولا بد من النقد فبلغة مسؤولة، غرض المنتقد فيها معالجة وضع لا تأزيمه، والأستاذ معمر الإرياني خير من يتفهم أي انتقاد أو نصيحة من أي مصدر كان. 
(ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين


إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
آخر الأخبار