الثلاثاء 19 مارس 2024
العالية بعض ما له وما عليه
الساعة 02:16 صباحاً
سلمان الحميدي سلمان الحميدي

أعتقد أن العالية، هي القصة الأكثر، إذا لم تكن الوحيدة، التي يتعامل معها المشاهدون اليمنيون، كمسلسل قائم على أحداث مترابطة تشدهم وقائعه وتثير في رؤوسهم الأسئلة والتحليلات.ومن الحلقات الخمس الأولى، تتربع قصة العالية على بقية انتاجات هذا العام، في الشارع الذي أمشي فيه، أو البناية التي أسكنها، عند الرجال والنساء، الصغار والكبار، بعيداً عن أصحاب الحس النقدي أو المشاهدين القادمين من أعمال عالمية، أنا أتحدث عن ردة فعل في البيئة التي حولي فقط..

شاهدت جزء من الحلقة الثانية، وشدتني الحلقة الثالثة، فطالبت بالحلقة الأولى قبل مشاهدة الحلقة الرابعة..

تبدو العالية، القصة الوحيدة، من إنتاجات هذا العام، المصممة كدراما جادة ذات حبكة مدروسة، «علماً بأني شاهدت بعض مشاهد أو حلقات من خمسة مسلسلات فقط ولهذا جاء حكمي حول مسلسل العالية».ولأنه الوحيد بنظري الذي أقنع مشاهديه، كمسلسل يحمل قصة أحداثها تشد وتجذب، فقد شاهدت الحلقات المعروضة وأترقب الأحداث القادمة، وخرجت بجملة من الملاحظات قد لا تكون ذات أهمية عند المشاهد العادي، ولكن يمكن التعامل معها من زاوية الحس النقدي والحسد.. وما دونته هنا، لا ينقص من قيمة المسلسل وروعته، ولكن أعتقد أنه لو تجاوز الملاحظات لكان أثره أعظم:

*زمن القصة، من الألفاظ المستخدمة، مثل "الحاكم"، تشير أنها تجري في الحقبة الإمامية، ربما آخر الخمسينيات على أقل تقدير، وقد نجح المسلسل باستخدام التقنيات اللازمة لتجسيد ذلك، بالإضافة إلى استخدام الأشياء المتعلقة بأحداث القصة وزمنها، الأسلحة، لغة الحوار، الملابس، بالرغم من بعض الأخطاء، مثل ما أعتقده في الشالات التي يرتديها "مانع وشداد" على سبيل المثال.

*عهد القصة كما عاشه اليمنيون، عهد شقاء وبؤس واكتداح ومرض وعمل، وكان لا بد أن ينعكس ذلك على وجوه وملامح الممثلين الذي يظهرون في القصة متأنقين ومليحين، ومهتمين بمظاهرهم، ومبودرين، ومفتهنين.. وهيا تابعوا الحساب.. احنا ضيحنا.

*إيقاع مشاهد الحلقة الأولى، بطيئة، لو كانت أسرع كانت ستشد المشاهد أكثر..

*رغم تمركز أحداث القصة حول قتل غلاب، كان من الأفضل التمهيد حول شخصية غلاب أكثر، لجذب عاطفة الجمهور وخلق أثر فيه "شخصياً، بعد مقتل غلاب لم أشعر بأي أثر أو رعب أو قلق أو توتر، عدت المَشاهد لأركز على غلاب، ولم أشعر بأثر أو عاطفة من ناحية قتله".

*شخصية قطام "المشعوذ"، مصممة لتثير كراهية المُشاهد، لا الممثل عامر البوصي، ومن كمية نقد البوصي، يستشف المرء أن البوصي قد نجح في تأدية الدور على أكمل وجه، وحين نعود للمسلسل نراه أحياناً خفيف دم، لو كان بالغ في دوره لجعل المشاهد أن يكرهه أكثر، كان ذلك أروع.

*الشجرة التي يقف تحتها المشعوذ في الغالب، رمزية ذكية للخرافة التي تريد التحكم بالناس وتستخدم شجرة العائلة كمؤهل لذلك!.

*مهمة القصة، أن تقنعنا بأنها واقعية، وربما تفشل قصة واقعية أصلاً بإقناع المشاهدين بذلك، وربما تنجح قصة أسطورية أو خرافية بأنها واقعية كما يقول النقاد، الأمر متعلق بالمعالجة، المبررات، حرفية المؤدين، وفي "العالية" تظهر بعض المشاهد على أنها مصممة لغرض التمثيل، ويمكن أن ترى الممثل في الوادي على أنه ينكش الأرض وليس على ملامحه ذرة غبار أو بيديه أثر تراب، ويمكن أن تراه يحفر وهو يرتدي جزمته، وبكامل لباسه، وترى الفنانة مستيقظة من نومها وهي بكامل زينته من الحلي وأحمر الشفاة والكحل، وهذا ليس عهدنا بالعمل في الأودية، ولا عهدنا في الاستيقاظ..

*في المشهد الأخير من الحلقة الرابعة، الممثل يحفر في الوادي، وفجأة يحصل على جثة، فيرتعب، وهي خاتمة ذكية وتشد المشاهد إلى الحلقة الخامسة، كانت ستكون أذكي إن رأينا جزء من الجثة أو من ملابسها، ولم يصرح الممثل هذه الجثة لمن؟ فتخلق إلى جوار شدنا للحلقة القادمة، غموضاً يجعلنا كمشاهدين نتساءل نحن: هذه جثة من؟ وماذا تفعل هنا؟ وهل، وهل...إلخ.

*خرجت بعض الشخصيات/ الممثلين، من جلبابها وطبائعها المكرسة في أذهان المشاهدين، مثل الدور الرائع الذي يقوم به نوفل البعداني، كما رأينا تمثيلا رائعاً لممثلين (شخصياً أشاهدهم لأول مرة) مثل شداد، وهو الشخصية التي يؤديها "هديل عبدالحكيم".

هذا والله أعلم بالصواب..

*نقلا عن صفحة الكاتب على الفيسبوك


آخر الأخبار