الجمعة 29 مارس 2024
ينصحني بأن أخضع للحوثي ويشرح لي اليمن بطريقته
الساعة 02:04 مساءً
د. عبدالقادر الجنيد د. عبدالقادر الجنيد

كتب لي رسالة يشرح فيها أحداث اليمن، ويشرح فيها مساوئنا ومساوئ السعودية.

ويطلب منا أن نتخلص من الحليف السعودي وأن نحارب الحوثيين وحدنا بشرف أو نخضع للحوثي.

وهذا هو ردي على الرسالة.

١- لوي المنطق

 

ذكر وقائع صحيحة متفرقة، لا يشرح ولا يصنع الحقيقة.

كلامك صحيح، إذا عزلنا كل سطر وحده بمعزل عن السطور والقضايا الأخرى.

إذا ارتفعنا قليلا ورأينا صورة اليمن كاملة شاملة خلال العشر السنة الماضية وخلال ال٤٠ سنة الماضية وخلال القرون والألفية الماضية، فستكون الصورة العامة مختلفة وأقرب إلى الحقيقة الحقيقية.

١- أمراض اليمن

 

هناك علل وأمراض خصوصية وخاصة باليمن:

العصبيات الثلاث (الهاشمية- القبلية- المناطقية)

وهذه عمرها يتجاوز الألفية.

وهي وباء يتفشى عندما تضعف الدولة اليمنية.

٢- فشل عهد صالح

 

هذا فشل نشترك فيه مع كل دول العالم الثالث.

فشل ٣٣ سنة من نظام الرئيس صالح في مهمات حيوية (بناء الدولة- سيادة القانون والدستور- بناء جيش وطني "فعلي"- الحوكمة والحكم الرشيد- التنمية والاقتصاد- التوريث).

٣- اضطرابات ٢٠١١

*

يمكن أن تسميها ما تشاء سواء ربيع عربي أو الاضطرابات الدورية التي تحدث في اليمن عندما تنعدم مظاهر الدولة وتظهر ملامح السخط والفوضى وتتنمر العصبيات الثلاث: الهاشمية والقبلية والمناطقية.

أنا أفضل أن أسمي أحداث ٢٠١١ الإضطرابات الدورية التي تتكرر على مدى التاريخ في الفترات التي تضعف فيها الدولة وتتنمر فيها العصبيات الثلاث على باقي أطياف اليمن.

صحيح أنه كان هناك زنداني وإصلاح وناصريون واشتراكيون وحتى حوثيون وفوق كل هذا مدسوسون لحساب الرئيس صالح ، ولكنهم مجرد مكملون أو استحداثات دخلت على المشهد التاريخي المتكرر من اضطرابات اليمن الدورية عندما تضعف الدولة وتتنمر العصبيات.

لن تتوقف الاضطرابات الدورية في اليمن إلا إذا تم ترتيب البيت اليمني بما يرضي جميع اليمنيين.

وقد اتفق اليمنيون على ما يمكن أن يرضيهم كلهم وكتبوه في مخرجات الحوار الوطني في ٢٠١٢.

وقد تم تعميده من الإقليم المحيط بنا ومن المجتمع الدولي تحت إسم المرجعيات الثلاث: مخرجات الحوار الوطني- بيان مجلس التعاون الخليجي- قرارات مجلس الأمن وآليتها المزمنة.

وكان من المفروض أن تنهي الفترة الانتقالية اضطرابات ٢٠١١، ولكن عاد لنا صالح وظهر لنا الحوثي وإيران.

٤- إيران

 

هذه المرة، ظهرت لنا إيران بمشروعين:

المشروع الأول: التمدد الشيعي الإمبريالي الطائفي الذي يقوده الملالي.

المشروع الثاني: التمدد الامبريالي الفارسي الذي يتلذذ به كل إيراني المتدين والملحد.

وقد تحالفت إيران مع الهاشميين الشماليين وأججوا سويا العصبيات اليمنية الثلاث في المناطق الشمالية.

نحن اليمنيون، أعجز بكثير في مواجهة المشروع الإيراني المندمج مع العصبيات الثلاث، وحدنا.

نحن اليمنيون، قبلنا بمساعدة المملكة العربية السعودية لنا في مواجهة انقلاب ٢١ سبتمبر ٢٠١٤.

من المستحيل أن تقول لي أنه كان علينا أن نرفض الدور السعودي وعاصفة الحزم في ٢٦ مارس ٢٠١٥ عندما تعرضنا لذلك التنمر الواضح من العصبيات الثلاث على كل أطياف اليمن.

ثم توضحت حقيقة مريرة أخرى.

السعوديون، أعجز مننا بكثير في مواجهة بزوغ وصعود المشروعين الإيرانيين التوسعيين (الإمبريالية الطائفية والإمبريالية الإمبراطورية الفارسية).

وقد انهزمت السعودية في كل مواجهة مع إيران، في كل المنطقة خلال الأربعين سنة الماضية.

والسعودية، هي حليفتنا- كما تقول هي بنفسها عن نفسها- في مواجهة الهجمتين الإيرانيتين (الطائفية والإمبراطورية).

ونحن نريدها أن تبقى حليفة لنا.

وأغلب الظن أنها لم تعد تريد ذلك.

بينما أنت تقول لي في رسالتك، أننا يجب أن نتخلص من الحليفة الوحيدة التي ظهرت لنا على وجه الكرة الأرضية وأن نحارب وحدنا المشروعين الإمبرياليين الإيرانيين المندمجين مع العصبيات الشمالية الثلاث.

شكرا على هذه النصيحة، ولكني أجد صعوبة في قبولها.

٥- اليمنيون والسعوديون، اليوم

*

العلاقات متوترة- هذا اليوم- بيننا نحن اليمنيون الذين يبحثون عن الدولة والشرعية والوحدة والمرجعيات وبين حليفتنا السعودية التي تصرح بصورة دورية منتظمة بأنها تدعمنا لتحقيق هذه الأهداف.

السعودية، فشلت وهي المتسببة والمسؤولة عن فشلها.

نحن، فشلنا ونحن المتسببون والمسؤولون عن فشلنا.

السعوديون، يلقون باللوم علينا وحدنا بأننا السبب في فشلنا.

وكما هو واضح، أنك أنت تقول نفس الشيئ.

اليمنيون، منقسمون في تشخيصهم لسبب الفشل إلى قسمين:

القسم الأول: السعودية متآمرة مع إيران على اليمن.

وتريد أن تسلم اليمن للحوثيين.

أنا أجد صعوبة في قبول هذا التشخيص.

وأستطيع أن أفند هذا التشخيص بعشرات الحجج والأدلة لإثبات أنه لا توجد مؤامرة سعودية على اليمن.

إذا تآمرت السعودية على اليمن منذ عاصفة الحزم وحتى الآن، فإنما هي ستكون قد تآمرت على نفسها قبل أن تتآمر على اليمن.

القسم الثاني: السعودية عاجزة ضد إيران المندمجة المتحالفة مع عصبيات اليمن الشمالية الثلاث: الهاشمية- القبلية- المناطقية.

والسعودية، عاجزة عن تنظيم نفسها وتنظيم صفوف الشرعية.

وقيادات ومكونات الشرعية، مهزوزة وضعيفة ولا تستطيع توحيد صفوفها ولا تستطيع كسب احترام شعبها وجمهورها الذي يتفاني بالتمسك بها ولا كسب احترام السعودية التي تدعمها.

وأنا من أنصار هذا الرأي.

٦- انسحاب السعودية من اليمن

 

وقد قررت السعودية الانسحاب من حرب اليمن.

إذا انسحبت السعودية من اليمن، فستسقط اليمن كلها بأيدي المشروعين الإيرانيين (الطائفي- الفارسي) والعصبيات الشمالية الثلاث (الهاشمية- القبلية- المناطقية).

٧- انتصار الحوثي وإيران

 

الحوثيون والإيرانيون

 

إذا انتصر الحوثي وإيران، فإنهم "سيزقرون باليمن زقرة أعمى".

لن تفلت اليمن من قبضتهم إلا بعد مدة وبعد بحور من الدم والخراب والدمار.

السعودية

 

إذا انتصر المشروعان الإيرانيان والعصبيات اليمنية الثلاث على السعوديين، فلن أجهد نفسي بالتفكير بالنيابة عنهم في كيفية تحملهم للهزيمة في الوقت الحاضر وفي المخاطر التي عليهم أن يواجهوها في المستقبل.

هذه مشكلة غاية في الخصوصية للسعودية ومن العيب أن أقحم نفسي بها.

اليمن

 

إذا انتصر الحوثي وإيران على اليمن، فلن تهدأ اليمن ولن تستقر.

وستكون مسألة مضي ومرور "وقت مناسب" يحتاجه اليمنيون لتتجمع بداخلهم عوامل الإنفجار ومسألة مجيئ "توقيت مناسب" يشتعل فيه الفتيل وتنفجر فيه اليمن من جديد ويتم القضاء على الحوثيين.

أنت

 

إذا أردت أن تنضم للحوثيين- بحسب نصيحتك لي- فهذا هو اختيارك ولا توجد قوة على وجه الأرض تستطيع منعك.

أنا

 

أنت تنصحني بأن أخضع للحوثيين مادمت قد عجزت عن مواجهتهم.

نصيحة غير مقبولة وحتى بها نوع من التطاول على ما لا يخصك.

لو تنطبق السماء على الأرض، لن أتخلى عن اليمن ولن أخضع للحوثي وإيران.

وسأظل أطلب توحيد صفوفنا وجلب الحلفاء.


إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
آخر الأخبار