الخميس 28 مارس 2024
شرعية الشعب
الساعة 06:04 مساءً
حسين الصوفي حسين الصوفي

منذ أربع سنوات فشل مجلس النواب في ان يعقد جلسة له ويلملم شتاته، فشل أو أفشل، النتيجة واحدة أننا بقينا كشعب رهنا لقرارات بطيئة وهشة ومترهلة لقادة عاجزين وعجزة، أو بالأصح بقي القرار السياسي للبلاد مرتهن لحسابات لا تنتمي لاوجاعنا ولا تنطلق من خطورة المرحلة التي نعيشها والتي تهدد وجود اليمن أرضا وإنسانا.

وفشل البرلمان امتداد لفشل الأداء السياسي للرئاسة والحكومات المتعاقبة، لقد بقي شعبنا بلا ظهير ولا قيادة حقيقية تعمل على انتشال البلاد من هذه المؤامرات والأطماع والمتاجرة الدولية والاقليمية، وحدهم اليمنيون مخذولون يتقلبون في جحيم العبث المليشاوي الطائفي او الذي يعمل بكل وسعه لتطييف اليمن وتفخيخ مستقبله بوحشية وانتقام من اليمنيين "الحميريين" حسب تاكيد قادة عصابة المليشيات الحوثية منذ أول يوم الانقلاب في أيلول الأسود.

دفع اليمنيون ثمنا باهظا جراء ترهل القيادة وذوبان حكوماتها في هموم الجيران وحسابات دولية بعيدة كل البعد عن الحسابات الوطنية وقضايا اليمن الكبرى، باتت بلادنا ترزح في فراغ قيادي حقيقي وانعكاس ذلك خطير للغاية ويمثل تهديد وجودي للذات اليمنية والهوية الوطنية وقبل ذلك للإنسان والتراب الوطني.

ما حدث ويحدث في حجور ليس مؤشرا لهذا التيه، أو لتحديد المشكلة بشكل أدق لهذا الفراغ القيادي، بل آخر جرس إنذار يمكننا أن نحترم الدماء الساخنة التي لا تزال تنزف حتى اللحظة هناك في الأرض الطاهرة التي هي امتداد لنخوة اليمني الشهم الذي لا يقبل الضيم ولا يستكين ولا يستسلم ومستعد للدفاع عن وطنه وكرامته وشرفه وعرضه بدمه وبيته وأبناءه وكل غالي ونفس ونفيس.

الإنذار الأخير القادم من حجور اللحظة يأتي ترجمة لأنين نحو مائة وخمسة وثلاثين بطل قتل تحت التعذيب في سجون مليشيا إرهابية تحظى بدعم دولي واممي واضح للعيان، ووسط غباء وقلة مسؤولية وضعف في الانتماء لهذا الوجع من قبل من تصدر المشهد السياسي كمظلة لأبناء الأرض في وطن جريح مبتلى بكثير من المخاطر وكثير من الأعداء وكثير من الدمى تحمل ألقابا رسمية عليا وعقول واجساد مغيبة عن الأرض والوطن تربة وهما.

فشل قادة الشرعية في إنقاذ البلاد، فشلوا حتى في الحفاظ على مسار التفاوض السياسي ومحدداته الثلاث، أو ما عرفت بالمرجعيات الثلاث،  وما أسوأ ما تقرأه وتسمع من تصريحات المعنيين وقد بدت أحلامهم قصيرة وعاجزة ومبتورة في المربع الذي رسمه لهم غريفث،  طموح المفاوض السياسي بات حول ميناء الحديدة فحسب وهذا مثال واحد ونموذج من التيه والشتات حتى في التصريحات ناهيك عن الغياب الكلي من الحضور والالتحام بالشعب وهمومه.

اليمن اليوم وفي هذه اللحظة أشبه بناقلة كبيرة عثرت في مجرى سيول جارفة، وهناك بالون ربطوه في رأسه لانقاذه، فهل يستطيع البالون انتشال ناقلة غارقة وتتهاوى؟!

علقنا آمالنا على مسميات ودفعنا الثمن ولا نزال، وسنظل، إن لم نجمع شتاتنا ونتفق على كيان جديد من رحم الوجع الكبير الذي نعيشه.
ماذا لو تم تشكيل مجلس وطني او جمعية قومية لليمنيين في الداخل تمثل كل محافظة فيها بعشرين او ثلاثين فدائيا من ذوي الرأي والمشورة ويضعون مسودة بأولويات بلادنا العاجلة والتي تعتبر مسألة حياة أو موت، ويستندون إلى الشرعية الشعبية وشرعية المرحلة الخطيرة التي لن يسامحنا التاريخ ولا ارواح الشهداء لو ظللنا نتفرج على بلادنا وهي تغرق في الموت والسقوط المريع.

ربما حانت اللحظة لتجاوز كل الأوهام وإعادة ترتيب صفنا الجمهوري والانطلاق من الهم الوطني الصرف والطارئ، ربما أن اللحظة أيضا مواتية وقد زالت الغشاوات كلها وتمزقت كل الاغطية عن أعيننا وبقينا جميعنا وجها لوجه أمام هذا التحدي الوجودي والنفس الاخير لنا ولوطننا.
لا نحتاج ان نغرق في تفاصيل كثيرة ولكننا بحاجة إلى كيان جديد من الشعب والى الشعب ولن يعدم اليمنيون صيغة ولا وسيلة لإنقاذ بلدهم، هذه هي الحقيقة وهنا مكمن الداء وحيث الوجع فتضحيات شعبنا الجسورة والجسيمة والعظيمة الأسطورية تقول بوضوح اننا شعب حر كريم بطل استثنائي تنقصنا قيادة فدائية استثنائية.


إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
آخر الأخبار