الجمعة 29 مارس 2024
عن جحيم مأرب على الحوثي وتفاصيل التحقيق في وفاة هادي
الساعة 02:06 مساءً
عامر السعيدي عامر السعيدي

والصباحات كلها لمأرب التي خرجت من ليلة كالجحيم، وصدت هجوما هو الأعتى والأكبر والأخطر على مدى سنوات الحرب، بدأ منتصف الليل، وهدأ نسبيا قبل ساعة من الشروق ليتدفق الضوء بعد أن كانت الأرض والسماء كتلة من اللهب.

من أجل مأرب يهون كل شيء، فمأرب الأعلى والأغلى، وهي نافذة الأمل وبوابة العبور إلى كرامة كاملة ويمن عظيم. وهذا الأهم.

وبالنسبة لما حدث معي، فإنني في البداية أشكر كل الذين تفاعلوا مع الموضوع بمحبة وقلق وشهامة ونبل وإنسانية وصدق، سواء بالكتابة في مواقع التواصل أو بالرسائل والاتصالات التي لم أرد عليها، وأعتذر لهم جميعا على خروج القصة للعلن وما تبعها من ردود أفعال متناقضة، وانفعالات جلّها نابع عن حب وبكل براءة، وقليل منها لا يخلو من اللؤم والاستغلال بدافع التشفي والمماحكات الشخصية وهو ما لايهمني، أو بغرض التشويه والإساءة لمأرب نتيجة التحيزات والمواقف.

في الحقيقة، تلقيت اتصالا من الجهات الأمنية بعد المغرب، وذهبت إليهم على الفور، احتراما مني لدورهم الجبار في حماية المدينة واستقرارها، ورغبة في معرفة الأسباب وحلها بهدوء، وصلت العنوان واستقبلني ضابط غبي بوجه غاضب، وبمزاج ما بعد القات، سألته أيش فيه؟ فأخبرني أن لديهم توجيهات من العمليات بالقبض علي، وقبل أن ينهي كلامه، هتش التلفون من خلف حزام المعوز حقي بشكل مستفز وقال خذوه، قلت له مش كذا أنا جيت بنفسي ويهمني أمن مأرب مثلما يهمك ومفيش عندي حاجة، فأخبرني بصوت متشنج أنني جالس أشتغل مع الحوثي معي خلية أقودها، ضحكت من التهمة السخيفة، فتجمع حولنا بعض العاملين في القسم وأخبره بعضهم أنني معروف لديهم ومستحيل وأكيد فيه سوء فهم، لكنه أصر على أخذي إلى الحجز، فطلبت منه تلفوني أكلم زوجتي أنني سوف أتأخر لكنه رفض وأخذني إلى إلى غرفة صغيرة تشبه حمام عام في سوق شعبي، وبعد نصف ساعة دعاني ضابط آخر، وأخرجني وأقعدني بجواره حيث يتكيء في الحوش ويستقبل الشكاوى ويحرر طلبات الاستدعاء، وعاملني هو وكل الموجودين باحترام ولطف، وبعد ساعة تقريبا تم نقلي على سيارة شرطة إلى إدارة الأمن بصحبة ذلك الضابط وأربعة آخرين أدخلوني إلى الحوش حيث يجلس مدير الأمن وحوله مجموعة أشخاص وأعطوه تلفوني، فجلست معهم دون أن يتكلم أحد، وحين غادرتْ السيارة التي أوصلتني، دخل المدير إلى الغرفة المجاورة بمفرده، وبعد دقائق دعاني فدخلت إليه، وفي الأثناء دخل مساعد أمن حجة، وبعده بقليل دخل مسؤول آخر في شرطة مأرب، وجلسا معنا، فسألني المدير عما حدث، وحين أخبرته بالأمر، عبّر عن أسفه الشديد لما جرى، واعتذر لي عن نفسه وعن الشرطة في مأرب، رافضا تلك المعاملة معي أو مع أي مواطن، مؤكدا أن تعامل الشرطة مع المواطنين قائم على الاحترام والمسؤولية، وأن ما حصل معي لن يمر بدون مساءلة وعقاب باعتباره تصرفا فرديا، وأعاد لي تلفوني وانتهى الموضوع على أنه سوء فهم وخلاص دون الخوض في أي تفاصيل.

وفي الأخير أرفض أي مزايدة علينا باسم مأرب أو وضع مأرب، لم أكن أتمنى أن تخرج القصة للعام، ولم أعلم بنشرها إلا قبل خروجي بلحظات، ولو بقي تلفوني معي كنت باتصل وأحل الموضوع بسهولة.

أعيش في مأرب لأجل حريتي، ولم يحدث أن قام بتقييدها أحد، ولن يحدث.

في العام الأخير تلقيت دعوات وحصلت على فرص للسفر لكنه عز علي أن يُقال أنني هربت من مأرب لأنها على وشك السقوط كما يروج ويزعم أعداء مأرب كذبا وبهتانا، لذلك آثرت البقاء فيها بمحبة، علما أنني لا توجد لدي أي مصالح شخصية من أحد، ولست ضابطا ولا جنديا في الجيش ولا في التوجيه المعنوي كما ينشر المعتوهون والتافهون.

والأهم من كل ذلك، أنني مع أمن مأرب من قبل ومن بعد، وأقدر كثيرا جهودهم وأتفهم أي خطأ يحدث من أحدهم تحت أي ظرف، ولن يؤثر ما حصل معي على رأيي ولا موقفي من الأمن، ليس خوفا ولا حذرا، بل واجبا وطنيا تقتضيه مصلحتي ومصلحة 2 مليون نازح في مأرب .

بقي شيء مثير للقرف، بعض الذين اتهموا شعلان وأمن مأرب العام الماضي أنهم ميليشيا، راحوا يفعلوا قلوب للمنشورات التي تمجد الأمن وتلزمني أو تشكك في نوايا المتضامنين، مع أني ما كنت أريد الموضوع أن يتجاوز حوش الأمن ولم أبحث عن متضامنين وكنت آخر واحد يعلم بالضجيج الذي حصل، وليته لم يحصل.


آخر الأخبار