الجمعة 29 مارس 2024
الهدنة وقضية المرتبات، من وكم وكيف؟
الساعة 12:05 مساءً
رأفت الأكحلي رأفت الأكحلي

من خلال المنشورين السابقين يتضح لنا أن الوصول إلى دفع المرتبات المنقطعة حالياً بشكل مشترك بين الطرفين (ومن المهم وضع أكثر من خط تحت كلمة بشكل مشترك لأن هذا هو أساس وضع القضية على طاولة المفاوضات أما إذا أي طرف يريد أن يدفع بشكل أحادي فهذا لا يتطلب تفاوض) يتطلب:

١- موافقة الطرفين تخصيص جزء من إيراداتهم بشكل مشترك لدفع المرتبات المنقطعة بشكل أساسي في مناطق سيطرة سلطات صنعاء (وهنا سؤال أساسي هل تمتلك الحكومة الإيرادات اللازمة والرغبة السياسية لاقتطاع جزء من إيراداتها ودفعها للموظفين في مناطق سيطرة سلطات صنعاء)،

٢-  الاتفاق على من الذي سيتم دفع رواتبهم (والسائد أن النقاش عن الدفع بشكل مشترك محصور على موظفي الخدمة المدنية وكذلك معاشات المتقاعدين وهذه سأفرد لها منشور منفصل) ،

٣- الاتفاق على كشوفات الراتب (هل كشف ٢٠١٤ أم هناك تغييرات عليه وكيف يتم التعامل مع هذه التغييرات)

٤- الاتفاق على التكلفة الإجمالية لفاتورة المرتبات المتبقية بحسب النقطتين ٢ و ٣ أعلاه،

٥- الاتفاق على الإيرادات التي ستخصص لتغطية فاتورة المرتبات (إيرادات ميناء الحديدة متفق عليها أنها تخصص للمرتبات ولكن تحديد ما هي هذه الإيرادات وكيف يتم احتسابها).

بالإضافة إلى هذه النقاط نصل إلى مسألة أين ستودع الإيرادات (في أي حساب) وكيف سيتم الصرف من هذا الحساب؟ في نهاية ٢٠١٩ وبداية ٢٠٢٠ كان هناك اتفاق مبدأي بين الطرفين على أن تورد إيرادات ميناء الحديدة إلى حساب خاص في البنك المركزي فرع الحديدة (تحت سيطرة سلطات صنعاء) مع استمرار النقاشات بخصوص كيفية صرفها في الرواتب، ولكن مع مرور الأشهر وعدم عقد اجتماعات للاتفاق على الية الصرف في المرتبات قامت سلطات صنعاء بسحب المبالغ من الحساب الخاص مما اعتبرته الحكومة خرقا للاتفاق وتوقف دخول السفن منذ منتصف ٢٠٢٠ إلى بداية الهدنة قبل أشهر. وبالتالي من المهم الان الاتفاق بين الطرفين حول مكان إيداع الإيرادات المخصصة لدفع المرتبات هل ستكون في حساب البنك المركزي عدن أو صنعاء أو حساب مشترك في بنك تجاري أم حساب يديره طرف ثالث…إلخ.

وأخيراً نأتي إلى مسألة صرف المرتبات، هل يتم الصرف من الحساب المخصص لدفع المرتبات بتوجيهات من سلطات صنعاء أم من الحكومة في عدن أم بشكل مشترك؟ وكيف يتم التعامل مع فارق الصرف والطبعات المختلفة من العملة هل يتم التوريد والدفع لحصة الحكومة بالطبعة القديمة أم الجديدة ومن الذي يتحمل فارق الصرف…إلخ.

أتمنى أن تكون التعقيدات المحيطة بقضية المرتبات قد اتضحت. طبعاً إذا كنا في مرحلة سلام شامل والحرب قد انتهت الأمر أسهل بكثير ولن نحتاج أن نخوض في كل هذه التفاصيل، ولكن في ظل مرحلة استمرار الصراع (كما كان في السنوات السابقة) أو في مرحلة هدنة مؤقتة فليس من السهل إطلاقا التوصل لاتفاق نظراً لانعدام الثقة بين الطرفين وتمسك كلا منهما بمواقفه وبالتالي الحاجة للوصول إلى اتفاق يراعي الخطوط الحمراء ومصالح الطرفين وكذلك يرتبط بقضايا أخرى متعلقة بالهدنة ويتم التفاوض حولها بشكل موازي.

الأسبوعين القادمين هي مرحلة حرجة تكثف فيها الجهود للوصول إلى اتفاق تمديد وتوسيع الهدنة. رغم كل هذه التعقيدات التي ذكرتها إلا أنني متفائل بحذر أن يتوصل الطرفين إلى اتفاق يمدد الهدنة لعدة أشهر ويشمل صرف المرتبات وفتح الطرقات خلال فترة تمديد الهدنة وعدد من البنود الأخرى. في شهر يونيو ذكرت أني متفائل بخصوص فتح الطرقات في تعز وواجهت الكثير من الانتقادات والهجوم لأن الطرق لم تفتح إلى الان، ولكن مستعد أن أواصل التفاؤل الحذر وأتلقى هجوم إضافي فخلال أكثر من ست سنوات الحرب مستعرة والطرق مغلقة والرواتب لم تدفع والأفق مسدودة تماماً أمام أي عملية سياسية فلا يمكن أن نيأس الان بعد بضعة أشهر من المفاوضات وفي ظل هدنة قائمة وجهود مكثفة في كافة الملفات التي إن شاء الله تكلل باتفاق إذا كانت هناك رغبة مشتركة لدى جميع الأطراف بالوصول إلى اتفاق.

 

 


إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
آخر الأخبار