الجمعة 6 ديسمبر 2024
الصحة النفسية في يومها العالمي: تحديات جديدة في عالم متغير
الساعة 03:54 مساءً
عصام الأحمدي عصام الأحمدي

يأتي اليوم العالمي للصحة النفسية في 10 أكتوبر من كل عام ليذكرنا بأهمية العناية بالصحة النفسية كجزء لا يتجزأ من الصحة العامة. ومع تطور العالم من نواحٍ عدة، خاصة في مجالات التكنولوجيا وتصاعد الصراعات والنزاعات المسلحة في مناطق متعددة خصوصاً في الشرق الأوسط، أصبحت الصحة النفسية واحدة من أكبر التحديات التي تواجه الأفراد والمجتمعات. تمثل الحروب والنزاعات المسلحة واحدة من أكبر المخاطر على الصحة النفسية. فعند حدوث صراعات مسلحة، يتعرض الأفراد ليس فقط للأذى الجسدي، بل أيضًا للصدمات النفسية التي تستمر آثارها لفترات طويلة بعد انتهاء النزاعات. الخوف المستمر من فقدان الحياة، وفقدان الأحبة والمنازل، والتشرد، كل هذه الظروف تؤدي إلى تدني مستوى الصحة النفسية مثل الاكتئاب، والقلق، واضطرابات ما بعد الصدمة وهذا ما أظهرته كثير من الدراسات في هذا الجانب، حيث يعاني سكان المناطق التي تشهد نزاعات مسلحة من مشاكل نفسية بشكل أكبر بكثير من غيرهم. وبالإضافة إلى ذلك، فإن عدم توافر الخدمات الصحية النفسية في تلك المناطق يزيد من تفاقم المشكلة، حيث يصعب على الأفراد الحصول على الدعم اللازم في ظل تلك الظروف.

من جهة أخرى، وعلى الرغم من التطورات التكنولوجية التي ساهمت في تسهيل الحياة بطرق عدة، إلا أن لها وجهًا آخرًا سلبيًا يتعلق بالصحة النفسية. مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي وتزايد الاعتماد على التكنولوجيا في الحياة اليومية، بدأت تظهر تحديات جديدة تؤثر على الصحة النفسية، خاصة بين الشباب والأطفال.
إن الإفراط في استخدام الهواتف الذكية والتعرض المستمر لوسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن يؤدي إلى مشاعر العزلة، والاكتئاب، وانعدام الثقة بالنفس والخجل الاجتماعي. بالإضافة إلى ذلك، تسهم التكنولوجيا في ظهور الإجهاد الرقمي، وهو الشعور بالإرهاق الناتج عن التعرض المستمر للشاشات والضغوط المتزايدة من البقاء متصلاً طوال الوقت، مما يجعل من الصعب على الأفراد الحفاظ على توازن صحي بين الحياة الرقمية والواقعية الأمر الذي يجعل الشخص يعيش بعيداً في بيئة رقمية غير حقيقية وبعيدة عن الحياة الاجتماعية.
في ظل هذه التحديات، تزداد أهمية التركيز على تعزيز الصحة النفسية كأولوية قصوى في حياتنا الشخصية كأفراد، بالإضافة إلى مسؤولية الحكومات والمؤسسات الصحية في ضرورة توفير الدعم اللازم للأشخاص الذين يعانون من تأثيرات الحروب أو التكنولوجيا على صحتهم النفسية، من خلال برامج الدعم النفسي الاجتماعي المتخصص وفق معايير مهنية دقيقة، كما يجب تعزيز الوعي المجتمعي حول أهمية الصحة النفسية وضرورة طلب المساعدة عند الحاجة وعدم التردد في الذهاب إلى الاخصائي الاجتماعي او النفسي بعيداً عن نظرة الوصمة التي يخاف يشعر بها الكثير من الأشخاص.
فالتدخلات النفسية مثل العلاج السلوكي المعرفي، وبرامج الدعم الاجتماعي، والتدريبات على إدارة التوتر، يمكن أن تلعب دورًا هامًا في تحسين الصحة النفسية للأفراد، سواء في مناطق النزاعات أو في البيئات التكنولوجية المتقدمة.


إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
آخر الأخبار