السبت 15 مارس 2025
كل السيناريوهات تقود إلى تحرير فلسطين
الساعة 04:43 مساءً
أسامة المحويتي أسامة المحويتي

من متابعتي لتصريحات ومواقف الرئيس ترامب يمكنني القول إن الرجل لا يتآمر على غزة بقدر ما يسعى إلى تصفير الملفات التي تستنزف أمريكا.

إذا عرفنا كيف يفكر ترامب، سندرك أنه يسعى للتنصل من الملف الإسرائيلي وتصفيره، وهذا يعني شيئًا واحدًا: فض الحلف الأمريكي الإسرائيلي، وبالتالي إنهاء الاحتلال.

ترامب يقود حربًا شاملة، أقلها خطورة عليه هي غزة، ومن تابع أحداث هذا الأسبوع فقط، سيجد أن ترامب دخل بمشاكل مع ثلاثة أرباع الكرة الأرضية، بداية بالدولة العميقة داخل أمريكا، ثم جيرانه في المكسيك، مرورًا بأوروبا وأوكرانيا وروسيا والصين، وصولًا إلى الكثير من دول العالم الثالث.

ترامب طالب بتأمين الثروات الأوكرانية مقابل الدعم التي تلقته أوكرانيا خلال السنوات الماضية، وأرسل وزير الخزانة إلى هناك للقيام بالمهمة، وطالب أيضًا بالأسلحة التي استولت عليها حكومة طالبان بعد انسحاب أمريكا من أفغانستان، ويطالب كل الدول التي تلقت معونات أمريكية بإرجاعها، وسيعقد اليوم مؤتمرًا صحفيًا من أجل الكشف عن المستفيدين من الوكالة الاميركية للتنمية، قائلًا إنه ينوي استعادة الأموال التي قدمتها الوكالة لأطراف خارجية.

لا يمكن لترامب الانتصار في كل هذه المعارك، ولو كان يفكر في غزة فقط، لأوقف كل حروبه ومعاركه الأخرى حتى يتفرغ لها وينجزها سريعًا، وهذا يقودنا لفهم أنه لا يستهدف غزة بشكل خاص، بل هي ضمن حروبه الكبرى التي يقودها لإيقاف كل ما يستنزف أمريكا ماليًا.

ترامب أجبر إسرائيل على توقيع الاتفاق، والآن يجبرها على تقويضه، والهدف الرئيسي هو خض ورج وتغيير النمط المعتاد في العلاقة بين الطرفين.

سبب هذه الخطوات الالتفافية أن ترامب ليس في مساحة كافية للانقلاب على الدولة العميقة واليسار الأمريكي والحلف المسيحي صهيوني بشكل مباشر وواضح، لكنه سيقوم بعمليات هز وفكفكة لهذه العصابة، وهذا ما يفعله حرفيًا في موضوع التهجير، لأنه يودي بإسرائيل إلى المحرقة.

لماذا علينا أن لا نقلق من موضوع التهجير؟ 

لأن ذلك يفضي إلى تصفير القضية الفلسطينية، وينقل القضية من مشكلة فلسطينية داخلية إلى مواجهة عربية شاملة ومفتوحة، وهذا ليس في صالح إسرائيل حاليًا، فهي دولة منهكة وفي أضعف حالاتها على كل المستويات.

مع استحالة حدوث التهجير، وأنا أجزم وأقطع بعدم حدوثه، لكن إذا حدث، فهو يعني أن تصبح المعركة إسرائيلية - مصرية أردنية، ومن خلفها العرب، وهذا يعني أن إسرائيل مقبلة على حروب مكلفة وغير منتهية.

ما يفعله ترامب موجه بالدرجة الأولى إلى نتنياهو وإسرائيل، وهذا ما أظن أن العرب فهموه جيدًا وتعاملوا معه بذكاء ومهارة.

هذا التهور الترامبي لا يخدم إسرائيل، وهذا ما يقوله الإعلام الإسرائيلي بوضوح، وأعتقد أن هناك تضاربًا إسرائيليًا داخليًا في كيفية التعامل معه.

في موضوع الأسرى مثلًا، يطالب نتنياهو بالإفراج عن الثلاثة المتفق عليهم في اتفاق وقف إطلاق النار، فيما يصر على ترامب على الإفراج عن جميع المحتجزين قبل ظهر السبت. وهذا مستحيل في كل الأحوال، إلا أن المشكلة ليست استحالته، بل في عدم موافقة إسرائيل عليه، وهذا يعني أن على إسرائيل التفاهم مع ترامب ومراجعته، وهذا ما سيتضح خلال الـ 48 ساعة القادمة.

لا يوجد ما يمكن أن يضيفه ترامب إلى نتنياهو في الحرب على غزة، وهذا يجرنا إلى البحث عن نوايا وخفايا مواقف ترامب، والتي من وجهة نظري تقودنا إلى سيناريو واحد، وهو: إعادة تشكيل العلاقة مع إسرائيل وتغير النمط التقليدي للعلاقة.

ترامب يريد أن يقوم اللوبي اليهودي العالمي والدول الأوربية بدعم إسرائيل بدلًا عن أمريكا، وهذا يعني أنه سيعمل بشتى الطرق على إنجاز الأمر، ولو كان بخطوات جريئة تهدد إسرائيل عمليًا وتضعها على المقصلة.

أمريكا تعبت ولم يعد بمقدورها تقديم دعم لا محدود لإسرائيل، وهذا يعيدني إلى كلام هام قاله الدكتور الكبير عبد الوهاب المسيري قبل 26 عامًا، يقول الدكتور المسيري: "يجب أن تكون استراتيجية العرب في الحرب على إسرائيل هو أن نجعل إسرائيل مكلفة لأمريكا، وهذا وحده كفيل بإنهاء الاحتلال".

وأنا أجزم أن هذا ما فعله العرب وتحديدًا مصر.

ختامًا، انقلوا عن أسامة المحويتي أنه يقول: كل الطرق وكل الخطوات وكل السيناريوهات تقود إلى تحرير فلسطين، وإنهاء الاحتلال، وانقلوا عنه أيضًا: إسرائيل تعيش سنواتها الأخيرة.

"وإن غدًا لناظره قريب" .. "وما ذلك على الله بعزيز."


إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
آخر الأخبار