آخر الأخبار


الثلاثاء 27 مايو 2025
طبعا في بلاد تحكمها المليشيا باسم السماء، تتحول المحاكم إلى مسارح، والقضاة إلى كومبارس ينتظرون إشارة من "السيد".
هناك، لا تُقاس العدالة بالبينات، بل بمقدار "الولاء"، ولا يُعرف الحق من الباطل، بل من قاله: هل هو من الجماعة أم من "المرتزقة".
على إن قصة المهندس عدنان الحرازي ليست عن متهم، قدر ما هي عن نظام قرر أن يجعل من كفاءة الرجل وتفوقه العلمي جريمة، ومن نجاحه الاقتصادي خيانة عظمى. لأنه لم يشاركهم.
ابتدأوا التراجيديا الح..وثية بحكم الإعدام ومصادرة الممتلكات، ثم رأوا أن هذا كثير (ليس رحمة، بل حسابات سياسية)، فخفضوا العقوبة إلى 15 سنة سجن… وأبقوا على مصادرة كل ممتلكاته.
يعني باختصار: "لن نقتلك… لكن سنسرقك، ثم نحشرك في زنزانة 15 سنة، ونخرج نقول للعالم: نحن أنصفناه!"
ولكن كيف يحكم على رجل بالإعدام أولا، ثم 15 سنة سجن ثانيا، بنفس التهم، بنفس الأدلة؟! هل صارت العدالة "تتحنك" حسب الموسم؟!
وإذا كان مجرما فلماذا لم يعدموه؟ وإن كان بريئا، فلماذا صادروه؟! أم أن العدالة ال...حوثية تشتغل على قاعدة: "اضربه، خذه، احبسه، وإذا خرج بريء، نقول له حصل خير"؟
طبعا اتهموه بالتخابر مع أمريكا وإسرائيل، ثم سلبوا شركته اليمنية وسلموها لشركتين بريطانية وأمريكية لديهما فروع مشرقة في تل أبيب، ولا تزالان تعملان بكل أريحية.
بمعنى أدق فإن في جمهوريتهم، الخيانة لا تكون في التعاون مع الأعداء، بل في عدم انتسابك للجماعة.
ولقد اتهموه بالعمل مع البنك الدولي، بينما الحكومة في صنعاء المختطفة من قبل المليشيات الح..وثية نفسها ترسل شكرا رسميا له على جهوده.
ثم قالوا إنه رفع بيانات إلى سحابة أمازون، ونسوا أن وزاراتهم نفسها ترفع على نفس السحابة حتى اللحظة، وكأن التخوين انتقائي: على "عدنان حرام، وعلى الجماعة حلال".
ثم جاءت التهمة الأعظم: "3D مسوحات"! يا للهول! مهندس يستخدم برامج إحصائية حديثة، تعتبر جريمة في عالم ولاية الفقيه.
وعندما اتضح أن هذه البيانات منشورة رسميا من الجهاز المركزي للإحصاء، لم يعتذر أحد.
بل قالوا: "عفو من السيد قادم". وكأن الحرية عطية من ولي النعمة، لا حق إنساني مكفول.
وهكذا، في زمن الكهنوت، يُسجن البريء، ويُكافأ الفاسد، وتُمنح الشركات الإسرائيلية موطئ قدم، ويُؤخذ من اليمني كل شيء إلا روحه… مؤقتا.
على إن عدنان الحرازي ليس فقط ضحية قضية ملفقة، بل شاهد على مرحلة قذرة في التاريخ اليمني، اذ يُصادر الإنسان مرتين: مرة بالمصادرة، وأخرى بالصمت.
لكن التاريخ لا يصمت. وسيسجل أن هناك مهندسا شريفا حوكم بجرم أنه لم يكن كهنوتيا.
صدقوني أنها عدالة حوث..ية على طريقة "أليس في بلاد العجائب" حيث يصبح الأبيض أسودا والأسود أبيضا،
فيما لا شيء يدهشنا بعد الآن، حسب محاميه سوى أن الميليشيا الح..وثية ما زالت تصر على بيعنا مشاهد مسرحية رديئة بعنوان: "العدالة على الطريقة الحوثية".
هكذا آخر فصول هذه المسرحية كانت الحكم بسجن المهندس عدنان الحرازي، مدير شركة "برودجي سيستمز"، 15 عاما مع مصادرة أمواله وممتلكاته، وكأن الرجل فتح مصنعا لصناعة صواريخ بدل أن يقيم شركة رقابة إنسانية.
أكثر من 27 جلسة محاكمة؟ هذا رقم قياسي، لا في العدالة بل في التعذيب الإداري. 19 منها في المحكمة الابتدائية، والبقية في محكمة الاستئناف، وكلها بدون شهود!
ربما اكتفى القاضي بـ"شهود عيان داخليين"، أو أوحى له هاتف خلوي بأدلة قاطعة.
أما حضور الأسرة؟ فتلك ترف لم يعد يليق بـ"سيادة الثورة". إذ لقد ساد منطق "لا تُزعجوا القضاة بالأسرة أو الحقيقة أو العدالة".
ذلك أنه في المشهد ال..حوثي، القاضي لا يحكم بل ينفذ، والمدعى عليه لا يدافع بل ينتظر، والنيابة لا تتهم بل تدين، والمواطن لا يُعامل كمواطن بل كخائن محتمل حتى تثبت إدانته... ثم يُدان مرة أخرى.
على إن منع الزيارات عن الحرازي، وزج إخوته وأبناء عمومته بالسجن، مجرد طريقة أخرى تقول بها الميليشيا: إن العائلة كلها مذنبة، لأن أحدهم لم يصفق لنا كفاية.
ولكن تهمة "التخابر مع دول أجنبية" أصبحت مثل الكاتشب في مطاعم رديئة، تُسكب فوق أي طبق لتغطية الطعم الفاسد. فمنذ متى كان تقييم المشاريع الإنسانية تهديدا للسيادة الوطنية؟ أم أن السيادة ا...لحوثية تعني فقط "أن تبقى أعمى، أصم، وأبكم" بينما تُنهب الدولة وتُقمع الحريات؟
تذكيرا فإن شركة "برودجي"، التي وُلدت من رحم العمل الإنساني، أصبحت الآن في نظرهم "جاسوسا إلكترونيا" لمجرد أنها جمعت معلومات... وهي بالمناسبة وظيفتها!
المصرح بها منذ سنوات.
أما الحوثيون، فيجمعون الجبايات، والمختفين قسرا، ويعدلون الكتب المدرسية على نحو طائفي، ثم يتهمون غيرهم بالنهب والتطييف ووو
خلاصة القول؟ عدالة الحوثي تُشبه ساعة متوقفة؛ قد تُصيب مرتين في اليوم، لكنها في المجمل لا تصلح لشيء.
أما الحرازي؟ فحريته اليوم لا تحتاج محامي، بل ثورة ضمير… في وطن خُذل كثيرا وسُرقت منه العدالة على يد حفنة من اللصوص الطائفيين المتدينين بزي القضاة.
صواريخ الحوثي التي تدمر عقل الناشئين وتخرب وجدانهم
الرجل الذي يحمل اليمن في حقيبته الدبلوماسية
انتهازية الاحزاب
مزّين المدينة.. مقالة أشادت بمسؤول فأدخلت كاتبها المستشفى!
قراءة موضوعية في الأحزاب السياسية اليمنية الرئيسيه
الرجل الذي يحمل اليمن في حقيبته الدبلوماسية