الثلاثاء 20 مايو 2025
حفلة تخرج أم حفلة "ردة"؟!
الساعة 11:29 صباحاً
فتحي أبو النصر فتحي أبو النصر

 

في بلاد العجائب، اليمن السعيد التعيس، فيما تُحظر الزغاريد ويُصادر الفرح باسم الفضيلة، اكتشفنا للتو أن حفلات التخرج خطر داهم يهدد الأمن القومي، ويزعزع العقيدة، ويستوجب – بالطبع – حظراً فورياً ومحاسبة صارمة... للخريجين!

ففي مأرب، المحافظة التي كنا نظنها إحدى قلاع الجمهورية المتبقية، قرروا وكلاء الغضب المقدس ان حفلات تخرج طلاب جامعة إقليم سبأ منكر عظيم لا يليق بشباب أتموا سنوات من الكد والاجتهاد، لأنهم ببساطة أرادوا لحظة فرح.

تخيلوا!

شباب وشابات أرادوا ارتداء أثوابهم الأكاديمية، التقاط الصور مع الأمهات، والاباء ، وربما تشغيل أغنية وطنية أو اثنتين. لكنهم – ويا للهول – لم يحصلوا على "الترخيص الشرعي" للسعادة.!

ترى هل بات الفرح ترفا نخشى أن يفلت من عقاله؟

هل صار الاحتفال بنهاية مشوار جامعي مؤامرة على "الثوابت"؟

أم أن مأرب بدأت تتثاءب نحو نسخة ح..وثية معدلة... بثوب شرعي وعمامة جمهورية؟

والشاهد أن منع الطلاب من الاحتفال ليس مجرد قرار إداري أخرق، بل هو اختبار حقيقي لمدى اختراق الوعي ال..حوثي للمجتمع – حتى في مناطقه الخارجة عن قبضته المباشرة.

صدقوني هو اختبار لصمت النخب، وانبطاح الجامعات، واستسلام المجتمع لقمع مموه بشعارات "الانضباط" و"عدم الاختلاط" و"حفظ القيم".

والحال أنه في هذا البلد، لم يعد السؤال: من يحكم؟ بل: من يحتكر تعريف الفرح، ومن يمنح تراخيص البهجة؟

صار الغناء شبهة، والابتسامة جريمة، والتخرج فتنة تهدد الدولة العميقة... تلك التي تتكون من كتيبة معقدة من اللجان، والدعاة، والعسس، وأصحاب الوجوه المتجهمة.

لذلك أيها السادة، بسبكم لقد أعدنا تعريف الشهادة الجامعية: هي وثيقة عبور من قمع إلى قمع أكبر، وبدل أن نضع أكاليل الزهور على رؤوس خريجينا، نضع فوقهم أحكاماً مسبقة، وفتاوى معلبة، وخطابات مشككة في نواياهم.

والصدق أنني الآن حزيناً... غاضباً... وأخجل من أن أعيش في بلد يُمنع فيه الطلاب من الرقص لأن أحدهم رأى في حركة أكتافهم نزعة تمرد.

لذلك كل التضامن مع طلاب جامعة إقليم سبأ، الذين أرادوا أن يفرحوا قليلا في وطن لا يوزع إلا الكآبة والعقد بالمجان.!


إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
آخر الأخبار